عبد الرحيم الحافيظي يطرح كناش تحملاته بعد انتخابه رئيسا للاتحاد العربي للكهرباء

عبد الرحيم الحافيظي يطرح كناش تحملاته بعد انتخابه رئيسا للاتحاد العربي للكهرباء عبد الرحيم الحافيظي، المدير العام للمكتب الوطني للماء والكهرباء ورئيس الاتحاد العربي للكهرباء
على هامش أشغال المؤتمر السابع للاتحاد العربي للكهرباء الذي انعقد بالدوحة( عاصمة قطر) أواخر مارس2022، والذي تميز بانتخاب عبد الرحيم الحافيظي المدير العام للمكتب الوطني للماء والكهرباء، كرئيس للاتحاد العربي لولاية جديدة، أجرى الحافيظي حوارا مطولا مع قناة CNBC تطرق فيه الى فلسفة الدعم والأوجه التي ينبغي أن يصرف فيها، كما أفاض الحافيظي في الحوار بشأن أهمية الربط القوي للكهرباء بين البلدان العربية وإنشاء سوق عربية مشتركة بمعايير تقنية وتجارية واضحة، مشددا على أهمية الاستثمار في الطاقات المتجددة التي تعطي رؤية واضحة على المدى المتوسط والبعيد"أنفاس بريس"، قامت بتفريغ أهم مضامين هذا الحوار :
 
 نستضيفك في أجواء المؤتمر العام السابع للاتحاد العربي للكهرباء الذي جاء تحت عنوان : " رؤية مشتركة لمستقبل واعد للكهرباء في الوطن العربي " ألا تعتقد أن هذا الشعار رومانسي في زمن فيه أكثر من دولة عربية ينقطع فيها الكهرباء عن المواطن العربي لأكثر 20 ساعة في اليوم  ؟
 تكلمت عن كلمة تم تداولها بقوة في هذا المؤتمر ألا وهي الرؤية، هذه الرؤية هي التي يحتاجها اليوم العالم العربي من أجل تطوير سوق عربية للكهرباء والتي كانت منذ ما يفوق 40 سنة حلم كل العرب. لماذا لم تتمكن الدول العربية من بناء سوق عربية مشتركة للكهرباء ؟ ماهي الأسئلة الحقيقية التي يجب أن تطرح لنجيب عنها اليوم، هل المشكل تقني ؟ هل المشكل تكنولوجي ؟ أبدا..هذه هي الأسئلة الحقيقية التي ينبغي أن نطرحها اليوم، لماذا الأسواق الأوروبية تسير في اتجاه صحيح برؤية واضحة للتقدم من أجل توفير كهرباء بتنافسية عالية..

وكأنك تريد أن تقول بشكل أو بآخر بأن المزاج السياسي العربي هو الذي يعطل بشكل أو بآخر قيام تلك السوق ؟ 
 أنا كمهندس وكتقني أظن أن العالم العربي فيه من المؤهلات ومن المهندسين والخبراء من مستوى عال جدا، والكل يعلم أننا لا يمكن أن نتقدم في هذا الورش الكبير إلا في إطار قواعد تجارية معمول بها عالميا. وهنا أعطي مثال بالنسبة للسوق الأوروبية، أليست هناك خلافات سياسية داخل هذه السوق ؟ هناك خلافات سياسية، ولكنهم اتفقوا على قواعد تقنية وتجارية وتكنولوجية، وهذا الاتفاق أعطى دفعة قوية مكنتهم من بناء سوق أوروبية مشتركة. أعطيك مثال ثان، لماذا تعثر الربط الكهربائي بين الدول العربية ؟ المغرب له ربط كهربائي مع الدول العربية، وله ربط كهربائي مع الدول الأوروبية، ولا مجال للمقارنة بين الربط المغربي بالدول الأوروبية والربط المغربي بالدول العربية. قدرة الربط المغربي مع اسبانيا تصل الى 140 ميغاوات، ونشتغل يوميا على ما يناهز 900 ميغاوات، يعني هناك تبادل تجاري بين الطرفين، ونشتغل على خط ثالث بين المغرب واسبانيا، وخط جديد بين المغرب والبرتغال، والأمور تمشي في إطار قواعد تجارية وتقنية محضة وصريحة. وهذا هو النموذج الذي نشتغل عليه اليوم في الاتحاد العربي للكهرباء من أجل إعادة تموقع الاتحاد ومن أجل مواكبة الشركات العربية للكهرباء، من أجل الانضمام إلى هذا النموذج التجاري الناجع.
 
هل الاتحاد العربي للكهرباء قرع الجرس للحكومات العربية بأن الطلب سوف يتزايد على الطاقة الكهربائية في المرحلة المقبلة نتيجة الزيادة السكانية وزيادة النمو الاقتصادي، وبأن الفجوة سوف تتسع في المرحلة المقبلة ؟ 
  هناك ارتفاع كبير في الطلب على الكهرباء، حتى أن هناك اختلاف في القدرة المنشأة للدول العربية، هناك مناطق فيها القدرة الكهربائية للمنشأة وفيرة، وهناك مناطق تفتقد لوفرة القدرة الكهربائية للمنشأة..هناك فائض في بعض الدول وهناك نقص في دول أخرى. اذن لو كانت هناك منظومة كهربائية موحدة بين الدول العربية بشكل تقني وبشكل علمي واحترافي ومهني فلن يكون هناك خصاص، وستكون كفلة الإنتاج تأخذ بعين الاعتبار كل القدرة الكهربائية للمنشأة في الدول العربية، وعبر الربط الكهربائي سيتمكن المواطن العربي من التوفر على كهرباء بكلفة منخفضة وبجودة عالية، وبطريقة مستمرة ومستدامة.
عبد الرحيم الحافيظي في المؤتمر السابع للكهرباء بقطر
 
كما تعلم ففاتورة الكهرباء مدعومة من طرف الحكومات العربية والآن مع ارتفاع أسعار الطاقة وتكاليف الإنتاج. هل تخشون من رفع اليد عن دعم فاتورة الكهرباء وكيف تنظر الى انعكاساتها على الاقتصاد بشكل عام ؟ 
 لقد أكدت على موضوع إشكالية الدعم في تدخلاتي بالمؤتمر وخلال الورشات. إشكالية الدعم من بين العوائق الكبيرة التي تعوق تنافسية الكيلوواط/ ساعة العربي. اليوم نشتغل على هذا الورش بهدف واضح وصريح..الدعم اليوم يعد بمثابة حاجز كبير في وجه تطوير سوق الكهرباء العربي..الدعم اليوم لا يساعد على إنشاء سوق عربية للكهرباء تحظى بالتنافسية..صحيح أن الدعم ضروري في معظم الدول العربية، لكن لماذا يوجه اليوم الدعم للكيلواط/ساعة..المسار الصحيح هو أن الدعم يجب أن يوجه للفئات المعوزة، للفئات التي تحتاج الدعم حتى لا نعطي الفرصة للفئات التي تتوفر على إمكانيات مهمة كي تستفيد كذلك من الدعم، وهذا يعطي الوضوح التام حول كلفة الإنتاج، ويفتح إمكانية التبادل بين أسواق البلدان العربية باعتماد كلفة واقعية لإنتاج الكهرباء.
 
كما تعلم فإن القطاع الخاص كانت له بصمات حول مستوى النقل والإنتاج والتوزيع، كيف تنظر الى الانسحاب الحكومي حاليا لصالح القطاع الخاص في القطاع الكهربائي ؟ 
صراحة هذا ليس انسحاب..هذه مواكبة لتطور يعرفه العالم في ما يتعلق بالمنظومة الكهربائية. اليوم تشجيع الشركات الحرة يعطي نفس جديد، أولا في ما يتعلق بالتكنولوجيات الجديدة، إنجاز محطات الانتاج، خطوط النقل، وفي ما يتعلق بمنظومة التوزيع، وأنا لا أسميه انسحاب للدولة بل هو ذكاء كبير للسلطات لتطوير هذه المنظومة الكهربائية مع المحافظة على الشركات الوطنية وعلى المؤهلات الوطنية من أجل الأخذ بزمام الأمور.
 
الطاقة الكهربائية التي يتم انتاجها في المنطقة العربية مصدرها الطاقة الأحفورية ( الفحم، الغاز ) بينما تبقى الطاقة المتجددة متواضعة وخاصة الطاقة الشمسية، علما أن المنطقة تعتبر منطقة استقطاب كبير للأشعة الشمسية؟ 
لا أعتقد أن الخبراء في ميدان الطاقة يختلفون حول أهمية الطاقة المتجددة، فالطاقات المتجددة هي طاقات المستقبل، كما أن خبراء الطاقة في العالم يؤكدون بأنه لا يمكن الاستغناء عن الطاقات الأحفورية ولابد أن تكون لدينا نظرة واقعية حول الموضوع. الطاقات المتجددة اليوم وصلت إلى مستوى هائل جدا في ما يتعلق بمستوى الكلفة، فمن كان يعتقد قبل 10 سنوات بأننا سنصل إلى هذا المستوى في ما يتعلق بكلفة الإنتاج سواء تعلق الأمر بالطاقة الريحية أو الطاقة الشمسية، لا أحد كان يتخيل أنه من الممكن أن ننتج الكيلواط/ساعة من الطاقة الريحية بأقل من 2 سنتيم من الدولار لكل كيلواط/ ساعة..إنه تطور كبير جدا، الطاقات المتجددة وصلت إلى مستوى رفيع جدا، لكن التحدي اليوم هو التقلبات التي يعرفها إنتاج الكهرباء، ونحن بحاجة اليوم إلى إدخال مرونة تقنية وتكنولوجية كبيرة في المنظومة الكهربائية من أجل امتصاص هذه التقلبات..هذه المرونة يمكن أن نحصل عليها من عدة أمور، من بينها الغاز الطبيعي مثلا. الغاز الطبيعي يعطي مرونة كبيرة للمنظومة الكهربائية، ولا يمكن اليوم التخلي عن الغاز الطبيعي اذا أردنا أن نطور الطاقات المتجددة في بلداننا، وهذه أمور تقنية تمت تجربتها. النقطة الثانية وتتعلق بالتكنولوجيات الهيدروكهربائية أو ما يسمى اليوم بمحطات الضخ ونقل الكهرباء عبر تقنية الهيدرو إلكتريك. الربط الكهربائي يعتبر اليوم من أنجع الوسائل لإمتصاص التقطعات التي تنتجها الطاقات المتجددة، اذن الربط الكهربائي يلعب دورا كبيرا في تطوير الطاقات المتجددة في الدول العربية..
 
المواطن العربي في العراق وسوريا ولبنان أو السودان تنقطع عنه الكهرباء لأكثر من 20 ساعة في اليوم، ويتابعون اليوم مؤتمركم، ماذا تقول لهم، وماذا تقول للصناعيين الذين يعتمدون على الكهرباء في تطوير القاعدة الصناعية الخاصة بهم ؟ 
أنا كمهندس اشتغلت في الطاقة لمدة 40 سنة، وكجميع المهندسين في العالم العربي حلمنا اليوم أن نرى سوقا عربية مشتركة للكهرباء. ماالذي قمنا به لمدة 40 سنة؟ كان هناك اشتغال ولا يمكن أن ننكر بأنه لم يكن هناك أي شيء، كانت هناك دراسات. لكن السرعة التي كنا نمشي بها هي اليوم غير مقبولة، المواطن العربي اليوم يحتاج الى الاستفادة من كل الطاقات المتواجدة في كل الدول العربية. ولكي يستفيد المواطن العربي من هذا الفائض الموجود لابد أن يكون هناك ربط كهربائي قوي وسوق عربية مشتركة، شريطة وضعه تحت قواعد تقنية واضحة، وقواعد تجارية واضحة يلتزم بها الجميع، وهذا من الأوراش الكبيرة التي نشتغل عليها في الاتحاد العربي.
 
الى أي حد ترى بأن التحديات المطروحة في العالم العربي قد أضرت بإمكانية قيام صناعة أو سوق صناعية في المنطقة العربية ؟ 
الإدماج الصناعي لقطاع الطاقة بصفة عامة وللكهرباء بصفة خاصة، كان من المحاور الأساسية التي تحدثنا عنها خلال المؤتمر. اليوم العالم العربي بحاجة الى تطوير صناعة عربية لكل المعدات الكهربائية وهذا سيعطي إضافة مهمة جدا للكيلواط/ ساعة، لما تنتج كل المعدات في الوطن العربي فأنت تخفض من كلفة إنتاج الكيلواط/ساعة، زيادة على كون المحروقات لها حيز كبير في كلفة الإنتاج، والتقلبات التي يعرفها العالم اليوم في سوق المحروقات تؤثر مباشرة على كلفة الكيلواط/ ساعة وعلى القدرة الشرائية للمواطن العربي. وكما قلت فالطاقات المتجددة تعطينا رؤية على المدى المتوسط والبعيد في ما يتعلق بكلفة إنتاج الكهرباء وهذا العمل نشتغل عليه اليوم بجدية ونطمح أن يكون العالم العربي من المناطق الإقليمية التي تصدر الكهرباء الأخضر النظيف إلى الدول الأوروبية والأسيوية والدول المجاورة إن شاء الله .