الشرقاوي كريم: الحكومة تجد صعوبة في تحويل حقوق "المعاقين" إلى أهداف 

الشرقاوي كريم: الحكومة تجد صعوبة في تحويل حقوق "المعاقين" إلى أهداف  كريم الشرقاوي عضو التحالف من أجل النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة
انتقد كريم الشرقاوي، عضو التحالف من أجل النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، السياسة التي تنهجها الدولة بخصوص الأشخاص في وضعية إعاقة، وعدد في حوار مع موقع " أنفاس بريس" الكثير من العثرات التي لازلت هذه الفئة تتخبط فيها.

ما هو سياق ودلالات الوطني للشخص في وضعية إعاقة الذي يخلده المغرب في 30 مارس من كل سنة؟
يشكل اليوم الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة، الذي يخلده المغرب في 30 مارس من كل سنة، إحدى المحطات البارزة التي تروم استحضار المنجزات، والمكتسبات في  مجال إدماج هذه الفئة من المجتمع، ورفع تحدي بلورة برامج سياسية مندمجة، ودعم مجالات التنمية الدامجة. كما يعد الاحتفاء بهذا اليوم مناسبة لاستحضار المجهودات الكبيرة التي يقوم بها المغرب من أجل تعزيز حقوق هذه الفئة من المجتمع، وتمكينها من جميع الآليات للمساهمة في 
التنمية التي تعرفها المملكة، و هي أيضا فرصة لاذكاء الوعي بالمعانات و التهميش التي تعيشه هذه الفئة و مختلف السبل اللازم توفرها من أجل ضمان فعلية حقوقهم و تمكينهم منها.
وفي هذا السياق، يجب الإشارة إلى أن معدل انتشار الإعاقة في المغرب، بلغ حسب نتائج البحث الوطني الثاني حول الإعاقة بالمغرب المنجز  سنة 2014،  6,8 في المائة، أي بما مجموعه، 2.264.672 شخص في وضعية إعاقة، وأن أسرة واحدة من بين أربع أسر في المغرب معنية  بشكل مباشر أو غير مباشر بالإعاقة (24,5 في المائة من مجموع عدد الأسر).
 
ماهو تقييمكم للسياسات العمومية ؟
قبل الحديث عن تقييم أية سياسة عمومية، لابد من الأخذ بعين الاعتبار مجموع من المحددات، والاعتبارات والمقاربات الأساسية، لأنها في اعتقادي هي المحدد للإطار العام لاشتغال الفاعل االسياسي و الفاعل المدني حول موضوع السياسات العمومية، و هي أيضا التي تحدد في تفاعلها الإطار العام المهيكل للسياسة العمومية في مجال الإعاقة، و هي على النحو التالي : اعتبار الإعاقة كجزء من التنوع البشري  حيث تعد مكونا أساسيا في المجتمع وأحد محددات فعالية برامج التنمية المنبنية على المقاربة الحقوقية، وبالتالي، فيجب أن تشكل قطيعة مع النموذج الطبي  الذي الذي يربط الإعاقة بحاملها، ويعرف الإعاقة بكونها مشكلة صحية لدى الفرد، والواقع هو أن الإعاقة هي نتيجة لتفاعل بين مجموعة من العوامل 
الشخصية، والحواجز البيئية من قبيل "القوانين، السياسات، و العوامل الاجتماعية و الاقتصادية .. "، والتي  تحدد من خلال تفاعلها مكونات الشخصية، وتؤثر على العادات اليومية، وعلى مدى مشاركة الفرد في المجتمع وتمتعه بكافة حقوقه.
ب- من الضروري التعامل مع الإعاقة بمنظور حقوقي صرف ينبني على  ثلاث محدات أساسية من أجل تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من فعلية حقوقهم في ارتباطها بما هو كوني، وعدم قابليتها للتجزيئ، و في اعتقادي فهي كالتالي: الحق في المشاركة الكاملة والفعالة، المساواة وعدم التمييز، و التمكين بكافة مقوماته المعرفية، والاجتماعية 
والاقتصادية.و هذا يتوافق مع المنظومة الحقوقية الدولية، ولا سيما اتفاقية حقوق الطفل، اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المعتمدة من طرف الأمم المتحدة بتاريخ 13 دجنبر 2006، والتي صادق عليها المغرب بتاريخ 08 أبريل 2009. وكذا مجموع التعاليق العامة، والتوصيات الختامية ذات الصلة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، و منطوق الدستور، و خاصة مبدأي سمو المعاهدات والاتفاقيات الدولية ومبدأ عدم التمييز المتضمنة في ديباجته و هي جزء لا يتجزأ منه.
وأعتقد أنه مادام المغرب متدبدبا في مقارباته التي يعتمدها في التعاطي مع الإعاقة شكلا، ومضمونا، فإن ذلك ينعكس سلبا على الأشخاص في وضعية إعاقة، وأسرهم، ويبقى التعاطي مع قضاياهم الاجتماعية و الاقتصادية تعاطيا موسميا ، تغلب عليه االسياسات المزاجية أحيانا و العاطفية أو عدم الواقعية احيانا أخرى.
 
ما هو رأيكم حول مقاربة الدولة في مجال الصحة، التعليم، التشغيل ..هل تحقق حياة كريمة للأشخاص في وضعية اعاقة؟
كما هو متعارف، فإن حقوق الإنسان فتتسم بالشمولية، وعدم القابيلة للتجزيئ، و بالتالي، لايمكن الحديث، أو التعاطي مع حق ما دون غيره من الحقوق، لأنها مترابطة، ومتكاملة، فالعيش الكريم بالنسبة لجميع المواطنين، والمواطنات هو مرتبط بالتمتع بصحة، وتعليم جيدين، وأيضا بشغل لائق، و هذا لن يتأتى إلا بالمشاركة الفعلية، والفعالة للأشخاص في 
وضعية إعاقة في الأعداد، بناء و تقييم السياسات العمومية. فمبدأ المشاركة، هو مبدأ اساسي في إنجاح أي سياسة عمومية، و هنا أود الإشارة إلى ضرورة التمييز بين الإشراك، والمشاركة في مختلف المراحل.
-وفيما يتعلق بالحق في الولوج إلى الصحة بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة، حسب البحث الوطني 2014 حوالي ثلت الأشخاص في وضعية اعاقة فقط يتمتعون بتغطية صحية، فيما تتحمل الأسر تكلفة الإعاقة بخصوص البقية، علما أن تكلفة الإعاقة تبقى باهضة الثمن بحيث لايجب اختزالها في التطبيب، بل تتعدى ذلك الى تكلفة التنقل، التمدرس والترفيه ...، وقد عمل المغرب على إعداد مخطط "العمل الوطني للصحة والإعاقة (2015-2021)"، والذي يهدف إلى ضمان 
ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة إلى خدمات صحية ذات جودة في مجال الوقاية، والتكفل، وإعادة التأهيل، وقد تضمن محورا يتمثل في تحسين خدمات التكفل الصحي وفقا 
لاحتياجات الأشخاص في وضعية إعاقة بما في ذلك إعادة التأهيل، إلا أنه من الملاحظ واقعيا أنه خلال السنوات المستهدفة من المخطط لاشئ تم تفعيله، فخدمات الترويض و إعادة التأهيل تتكفل منها العديد من المراكز التابعة للجمعيات المنتشرة عبر التراب الوطني، والولوج إلى الصحة، لازال بعيد المنال بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة في 
المستشفيات العمومية، إما لغياب التجهيزات، أو لغياب الأطر الشبه طبية ( أعطي مثالا عن علاج الأسنان بالنسبة للأطفال المصابين بالشلل الدماغي أو طيف التوحد الذين يتوجب في غالب الأحيان البنج الكلي )، أضف الى ذلك امكانية الحصول على الالات المساعدة على المشي ...
بالنسبة للتعليم فحسب البحث الوطني فانه أقل بكتير من نصف الأطفال  من هم في سن التمدرس يتمكن من ولوج المدارس في حين أن نسبة الغير معاقين تجاوزت 90 في المائة، وهذا في حد ذاته يمكن اعتباره تمييزا مبني على الإعاقة، أضف إلى ذلك أنه بالرغم من تبني الوزارة المعنية بالتعليم البرنامج الوطني للتربية الدامجة لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة، وإعداد مجموعة من الدلائل الاسترشادية في مجال التربية الدامجة، وإصدار العديد من المذكرات فإن واقع الحال يقول عكس ذلك، فلازالت الجمعيات من خلال الأقسام المدمجة، والمراكز المختصة هي من تعمل على "تمدرس الأطفال في وضعية اعاقة " خارج الزمن و المنظومة التربوية، وقد كرس هذا الوضع ما يطلق عليه " صندوق التماسك الاجتماعي" الذي يجب في اعتقادي اعادة النظر في اختصاصاته سيما الشق المتعلق بدعم تمدرس الأطفال المعاقين. 
فتمدرس الأطفال المعاقين هو شأن حكومي صرف، وليس شأنا للمجتمع المدني، وقد ثم إطلاق البرنامج الوطني للتربية الدامجة بتاريخ 24 يونيو 2019 بهدف تعبئة جميع الوسائل المتاحة، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان الحق في التعليم والتكوين الجيدين للتلاميذ في وضعية إعاقة ضمن مختلف مكونات المدرسة، واكتسابهم لكفايات، ومهارات 
أساسية تمكنهم من الاندماج بسهولة في جميع المراحل  التعليمية (أولي، ابتدائي، إعدادي، ثانوي )، إلا أن هذا المخطط عرف مجموع من الاختلالات، وقد خلص تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2019-2020 حول تقييم التربية الدامجة، إلى أربع إشكالات أساسية حدت من فعالية البرنامج : 1/ عدم توثيق البرنامج الوطني للتربية 
الدامجة، ضعف التنسيق مع بعض الأطراف ذات العلاقة من مصالح وزارية معنية بالمجال والمتدخلة في البرنامج، نقص في تحديد توقعات مالية مفصلة للبرنامج تترجم مضامينه، ضعف التكوين الأساسي والمستمر للموارد البشرية .
وفيما يتعلق بالحق في الشغل، يعتبر الولوج الى الشغل أحد الضمانات الأساسية للعيش الكريم و ضمان استقلالية الشخص في وضعية اعاقة المادية و الاجتماعية ..، فالمغرب عموما حقق عدة منجزات فيما يتعلق بالتشريع في مجال التشغيل إلا أن هذا التقدم لم يترجم إلى عمل مباشر يهم المؤسسات العمومية والجماعات الترابية. و أول ورش يجب 
الاشتغال عليه هو الانكباب على ملاءمة مدونة الشغل لمقتضيات اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة واعتماد مقتضيات قانونية زجرية تجرم التمييز والإقصاء في مجال الشغل. 
فالحكومة، رغم مقتضيات القانون الإطار 13-97، تجد صعوبة في تحويل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إلى أهداف ضمن منظومة مختلف القطاعات، وخاصة في مجال التشغيل حيث أنه يصعب اعمال مقتضى 7 في المائة من مناصب الشغل في القطاع العام، تم اعتماد المباراة الموحدة لتةظيف حاملي الشواهد من الأشخاص في وضعية اعاقة يبقى حلا ترقيعيا، مما يتوجب معه على الدولة اعادة النظر في منظومة تكوين و تشغيل الأشخاص في وضعية اعاقة باعتماد تسهيلات ضريبية لفائدة القطاع الخاص و اعتماد مجموعة من التدابير التيسسيرية ضمن منضومة التكوين المهني من قبيل ملائمة الامتحانات و الشعب ..
 
 ما هو تعليقكم حول المشاركة السياسية للأشخاص في وضعية إعاقة؟
تعتبر الانتخابات مدخلاً أساسياً لمشاركة كل المواطنين، والمواطنات في البناء الديمقراطي، والمساهمة في تدبير الشأن المحلي، فهي جزء لا يتجزأ من الدفاع عن حقوق الإنسان والتربية على قيم المواطنة، وبعد من أبعاد التنمية الديمقراطية، وتكريس المشاركة في الشؤون العامة. إلا أن تهميش هذه الفئة يجعل منها رقما انتخابيا فقط دون أخذ الأحزاب 
تطلعاتها، و خصوصياتها ضمن مقاربة شمولية، و من أجل تمكين الأشخاص في وضعية اعاقة في البناء الديمقراطي والتنمية المستدامة، يجب العمل على الحد من تهميش هذه الفئة، وتمكينها سياسيا عبر المؤسسات الحزبية و هياكلها .
ما نسجله هو غياب مؤشرات لمجموع الأشخاص في وضعية إعاقة، غياب مؤشرات دالة على اشتغال الجماعات الترابية على موضوعة الإعاقة باعتبار أن تنزيل السياسات العمومية يتم ترابيا، غياب مؤشرات دالة على الإدماج السوسيو-اقتصادي للأشخاص في وضعية إعاقة، غياب مؤشرات دالة على إدماج بعد الإعاقة في البرنامج الحكومي 2022، يمكن اعتبارها مؤشر سلبي على ضعف السياسة العمومية الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، وبالتالي يجب على كل الفاعلين كل من موقعه اعادة التفكير في النمودج المعتمد في اعداد السياسات التنموية جهويا و محليا بدون اغفال خصوصيات واحتياجات الأشخاص في وضعية اعاقة .