كيف ساهمت جماعة مراكش في تفشي اتجار سيارات الإسعاف في صحة المرضى؟

كيف ساهمت جماعة مراكش في تفشي اتجار سيارات الإسعاف في صحة المرضى؟ المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش
خلال سنة2019 أعلن المجلس الجماعي السابق لمراكش برئاسة محمد العربي بلقايد عن صفقة عمومية تتعلق بتنظيم مرفق نقل المرضى والجرحى عبر سيارات الإسعاف، لكن سرعان ما سيتم إلغاء هذه الصفقة لأسباب مجهولة حتى الآن، ما ساهم في تفشي ظاهرة المتاجرين بمعاناة المواطنين، قد ترقى إلى مستوى "الإتجار في البشر".
النموذج نسوقه من أمام المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، حيث سيارات الإسعاف المركونة أمامه وعلى جنباته باتت تخفي غابة من أسرار، لا يمكن للزائر والمريض أن يكشتفها بالعين المجردة، لأن ما يهمه في تلك اللحظات العصيبة هو صحته، قبل أن يتحول إلى "ضحية" الإتجار في معانته.
وعلى هذا المنوال عاينت "أنفاس بريس" كيف لبعض سائقي سيارات الإسعاف أن يتحولوا الى سماسرة حقيقيين وهو يجوبون فضاءات المستشفى الجامعي، بين صفوف المرضى، بدون لباس خاص، كما تشدد القوانين الجماعية في هذا الصدد، بحثا عن مرضى " فرائس" لاستدراجهم بالتوجه بهم إلى المصحات الخاصة، بدل الانتظار والبحث عن موعد قريب للاستشفاء والعلاج، وبعدها يتم نقل المريض عبر سيارة الإسعاف مقابل تسعيرة مرتفعة متفاوض عليها، ويجري كل هذا أمام أنظار العاملين بالمستشفى وحراس الأمن الخاصين الذي أصبحوا هم محور الشر في كل العمليات التي يقومون بها سماسرة سيارات الإسعاف.
واذا كان البحث عن الدليل الذي يورط لولبيات سيارات الإسعاف الذي باتوا يفرضون قوانينهم على المواطنين بجشع كبير داخل هذا المستشفى الجامعي، كما في باقي المستشفيات العمومية مدينة مراكش بات مستحيلا مع تفشي الظاهرة، فإن غياب لجنة المرافق العمومية والخدمات الجماعية التابعة للمجلس الجماعي لمدينة مراكش، وعدم إعلان رئيسته الحالية فاطمة الزهراء المنصوري حتى الآن عن صفقة جديدة لتنظيم مرفق نقل سيارات الإسعاف، ساهم في تفشي اتجار سيارات الإسعاف بصحة المرضى، وهذه الاشكالية القانونية مرتبطة بغياب أي شركة مسؤولة عن تنظيم نقل المرضى والجرحى، والسماح للمئات من أصحاب سيارات الإسعاف لنقل المرضى والجرحى وسيارات نقل الأموات، على حد سواء، العمل بدون تراخيص دون الخضوع لأي وصاية قانونية، ناهيك عن فرض أصحابها تعريفات مبالغ فيها على المواطنين لنقل مرضاهم أو جرحاهم أو موتاهم، دون الحديث عن افتقارهم للتكوين في هذا المجال الصحي وفي الاسعافات الأولية، وتعقيمهم للسيارات وتنظيفها بالشكل الصحيح وتجهيزها بالمعدات الطبية الضرورية، لأن أغلبها لا يليق بالنقل الآدمي.
ويبدو أن جزءا من هذه الاختلالات بات كافيا لكي تتحرك من خلاله عمدة مدينة مراكش بفرض صفقة جديدة في أقرب الآجال لتنظيم هذا المرفق الاجتماعي الخاص بتنظيم سيارات الإسعاف، وفق دفتر تحملات، يحد من هذه الفوضى المركبة، التي تساهم في استغلال المواطنين في لحظات ضعفهم.
واذا كان المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش نموذجا لما استقته "أنفاس بريس" للحديث عن ظاهرة التسيب والفوضى التي يعرفها مرفق سيارات الإسعاف، فهناك المزيد من هذا التسيب على عتبات باقي المستشفيات العمومية بالمدينة الحمراء، ومنها الدعوة للمديرة الجهوية للصحة بجهة مراكش اسفي والمندوب الاقليمي لوزارة الصحة بمراكش للحد من هذه الاختلالات. وحقيقة الأمر أن مرفق سيارات الإسعاف يتضمن حقائق أكثر مما ذكرناه.