وقد نفذ رصيد اعتمادكم ولانلذغ من الجحر مرتين كما يقال، هذا للتوضيح.
اللعبة الديمقراطية أظهرت محدوديتها وقصورها في مواكبة التطورات التي أصبحت تعرفها الأوضاع المعيشية في البلد. لم يعد بالإمكان شرح وتبرير الأزمة بنفس المفردات التي قدمها من سبقوكم وكنتم إلى عهد قريب تستنكروها رغم وجود بعض المحاولات البئيسة لإخراج سيناريوهات فاشلة تفضح قصورا في الفهم وبلادة في الاستيعاب.
المجتمع لم تعد تنطلي عليه تلك الحيل والترهات. بل ينتظر إجراءات فعلية مستعجلة وفورية تستجيب للحظة الراهنة لتنقذ مايمكن إنقاذه. لم تعد الخطب الإنشائية تجدي فالواقع العنيد يفند كل الطروحات الحالمة التي تتغيى دغدغة العواطف. كل الذين خرجوا في محطة 20 فبراير من مختلف شرائح المجتمع واعون بدقة المرحلة وهم يضعون تحت المجهر حصيلة تدبير في ظل دستور 2011 والذي يطرح سؤالا محوريا .
لماذا مخرجات التدبير لعقد من الزمن جاءت مخيبة للآمال مناقضة لمقتضيات الدستور، هل مرد ذلك لمعيقات التأويل وعدم جاهزية بيئة التنزيل أم أن الأمر يتعلق بعوامل أخرى مسكوت عنها وتحتاج لتوضيح وعدم تأجيل؟
أجد نفسي مصابا بالدوار من خلال ثلاث مصطلحات ذات حمولة وازنة اكتسبت شرعيتها من خلال مكانتها الإعتبارية ضمن التشريعات وعملية الترويج المكثفة بل ذهبت كل التحاليل والبحوث إلى اتخاذها كمراجع كلما طرح سؤال آني. أصبحت تشبه لحد بعيد مفتاحا سحريا لكل مشكلة، (الدستور - النموذج التنموي- الحكومة الإجتماعية)، هذا المثلث العجيب يحتاج لعمليتين غاية في التعقيد من منطلق الفهم والاستيعاب واستنباط توليفة تخلق رابطا منهجيا يستنتج من خلاله انسجام وتكامل في الأدوار والنتائج كذلك. إذا كانت المؤشرات الصادمة والمخيبة للآمال التي وقفناعليها في المرحلة الراهنة نتيجة طبيعية لتدبير حكومي أدعي زورا بعده الإجتماعي من خلال أوراش لم تنطلق بعد، فعن أي حكومة اجتماعية نتحدث مادام العنوان الأبرز لهذه المرحلة في ظل غلاء للأسعار غير مسبوق يسعى لقتل القدرة الشرائية بعدما سبقتها في المرحلة الماضية عملية نسفت وقوضت معالم الطبقة المتوسطة ولم يعد لها وجود يذكر في ظل ولايتين سابقتين. ومن غريب الصدف أن تتحد الحكومات المتعاقبة على تنفيذ أجندات لاشعبية ضدا على ارادة المجتمع تحت عناوين براقة لكنها خادعة، لم يلمس المواطن من خلالها أي إلتفاتة اجتماعية تقلص الفوارق وتؤهل المجتمع نحو عنوان أبرز كثيرا مايرفع لكن تكذبه الوقائع، تحقيق العيش الكريم الذي أصبح بعيد المنال وغاية لاتدرك.