محمد مستغفر: آن الأوان للتعامل مع أزمة الجفاف وندرة المياه بنظرة استراتيجية واستشرافية

محمد مستغفر: آن الأوان للتعامل مع أزمة الجفاف وندرة المياه بنظرة استراتيجية واستشرافية محمد مستغفر، عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
في حوار مع محمد مستغفر عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أكد لجريدة "أنفاس بريس" بأن ما يتيحه مخطط المغرب الأخضر "لا يمكن للسوق الوطنية أن تستفيد منه بشكل أفضل"، والسبب في رأيه ناتج عن "عدم تطوير الصناعة الغذائية لتفادي ضياع ما بين 20 الى تلاثين بالمائة من الانتاج الفلاحي نتيجة عوامل مختلفة منها: انعدام أو ضعف سلسلة التبريد وكذا نقص التلفيف والتعليب... الأمر الذي ينتهي بجزء لا يستهان به من الانتاج للإتلاف". 
 
 
يعيش الفلاح البسيط أزمة خانقة بفعل الجفاف وغلاء الأعلاف وشح خطير في الماء، بسبب مخطط المغرب الأخضر الذي يعتمد على الزراعة الموجهة للتصدير والتي استنزفت الفرشة المائية، كيف تقرأ هذا الموضوع؟
في نظري تناول هذا الموضوع من الضروري التمييز فيه بين الوضع الحالي الذي يجمع من جهة بين وضع الجائحة ووضعية الجفاف اللذين يمثلان قوة قاهرة ليس من الممكن احتواء كل تداعياتها من قبل سياسة حكومية، بل من طرف استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى عبر سلة حلول، وبين وضع عادي لجفاف يهم بعض مناطق البلاد فقط ويؤدي الى تراجع حقينة السدود.
الوضع اليوم معقد جدا، لأن الحلول التي يتم اللجوء إليها في الحالات العادية، بما فيها الاستيراد، لم تعد متاحة بنفس الأثمنة المعتادة، نظرا لارتفاع الطلب على المواد الأولية نتيجة فوبيا ندرتها والاضطراب الحاصل في سلاسل التوريد وارتفاع تكلفة النقل وتداعيات إغلاق الحدود وتقييد حرية التنقل. هذا بالإضافة إلى المس بالقدرة الشرائية للمستهلكين وما ترتب عنه من تراجع الطلب على المنتوجات الفلاحية وتراجع أثمان الصادرات في الأسواق الدولية.
أما بالنسبة لمشكلة المياه لم نستنزف جميع الحلول الممكنة، المتمثلة مثلا في بناء سدود كبيرة ومتوسطة وصغيرة لتعبئة أكبر قدر ممكن من المياه السطحية. علاوة على حفر ثقوب لإدخال مياه الأمطار إلى جوف الأرض بدل انتظار نفادها بطريقة عادية. إلى جانب اعتماد طرق وأساليب إنتاج تستهلك كميات أقل من المياه ودعم تجهيزاتها لأنها غالية الثمن. فضلا عن استخدام كل التكنولوجيات المتوفرة للاقتصاد في استعمال المياه، مثال  (polyther  ) أو تجهيزات (  NANO TECHNOLOGIE).
هذا بالإضافة إلى تحلية مياه البحر على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي لتوفيره للمدن، وكذا مياه السقي داخل مدار لا يقل عن 20 كيلومتر، ويمكن أن يتجاوزه إذا كانت الكلفة معقولة.
هناك اليوم ضرورة للتعامل مع موضوع الجفاف وندرة المياه بنظرة استراتيجية واستشرافية، لأنه لم يعد ظرفيا بل أصبح هيكليا.
 
الفلاح الصغير يكابد اليوم ويعاني من الأزمة ما هي قراءتك للوضعية؟
بالنسبة للفلاحين الصغار وما يعانونه الآن في ظل هذا الوضع المعقد، أود أن أبين بأن الفلاحين الصغار الذين تنظموا في تنظيمات وتعاونيات هم اليوم في وضع أقل مأساوية من الفلاحين الذين يواجهون فرادى كل تداعيات هذا الوضع، وهذا يجعل من المستحيل تماما على كل فرد أن يبقى صامدا لوحده في وجه هذه التقلبات ويجعل الإنضمام إلى التنظيمات  المهنية أمرا ضروريا كما يبين أهمية الاقتصاد الإجتماعي التضامني الذي يعتبر سندا قويا للفلاحين  باعتباره  ممتصا للصدمات،  واقتصادا مدمجا يستهدف تثمين منتجات الفلاحين بأكبر قدر ممكن، كما حدث في دول أخرى خلال 2008 كإسبانيا على سبيل المثال.
 
تحول المغرب إلى مستورد للقمح بعد أن كان يصدره، ماذا ربحنا من مخطط المغرب الأخضر أمام هذه المفارقة ؟
وفي ما يخص مخطط المغرب الأخضر  فلا يمكن القول بأنه فشل تماما كما تشهد على ذلك أرقام الصادرات والمنتجات الموجهة للسوق الداخلي وخير دليل على ذلك هو ما توفر من مواد فلاحية استهلاكية في السوق الوطنية خلال فترة الجائحة التي عانت فيها دول كثيرة من نقص حاد في كثير من المواد الاستهلاكية.  صحيح هناك مشاكل واختلالات حصلت منها عدم  تمكن المهنيين من توحيد صفوفهم في الأسواق الخارجية لتفادي منافستهم لبعضهم البعض وتكوين لوبي تجاري قادر على مواجهة المنافسين الأجانب مع الحرص على سمعة وصورة المنتوج المغربي في الخارج ، وعدم مواكبة مخطط المغرب الأخضر بإعادة النظر في النصوص المنظمة لأسواق الجملة وللأسواق العصرية والمتاجر الكبرى، وكذلك تنظيم التجارة الداخلية قصد تقليل المضاربة والوسطاء لأجل توزيع القيمة المضافة للسلع بشكل أكثر عدالة من المنتج إلى المستهلك.
هذا بالإضافة إلى أن ما يتيحه مخطط المغرب الأخضر لا يمكن للسوق الوطنية أن تستفيد منه بشكل أفضل دون تطوير الصناعة الغذائية لتفادي ضياع ما بين 20 إلى 30 بالمائة من الإنتاج الفلاحي نتيجة عوامل مختلفة منها: انعدام أو ضعف سلسلة التبريد وكذا نقص التلفيف والتعليب ...الخ الأمر الذي ينتهي بجزء لا يستهان به من الانتاج للإتلاف.