عادل الزبيري: رحيل إدريس الخوري في زمن الإنترنيت

عادل الزبيري: رحيل إدريس الخوري في زمن الإنترنيت عادل الزبيري
اكتشف إدريس الخوري أن وقته في هذه الدنيا يمر من دون تقديم نصوص جديدة، فقرر المغادرة اختياريا، لأنه لربما أصبح يعيش في خارج الزمن.
فالاسم المغربي الذي ملء الرباط نصوصا جديدة، خصوصا من فن القصة، وقدم أعمدة صحافية في الزمن الذهبي المغربي للجريدة الورقية، انتهى به المسير وحيدا، بعيدا عن الأضواء.
تحكي لي صديقتي زليخة أن با إدريس ملأ الدنيا ضجيجا من حياته، كانت له طريقته الخاصة في شد انتباه الجميع إليه، ليتحول إلى سيد للجلسة، في مقر الجريدة أو في مقهى أو في أي مكان آخر.
في مطعم في مدينة أصيلة المغربية، تابعت نقاشا أدبيا شارك فيه إدريس الخوري، على وجبة عشاء صيفي مغربي، كانت للرجل قدرة على الجدال الثقافي، ولا ينهزم في السجال بسهولة، يبسط الفكرة، وينثر القفشات، يوزع القهقهات، قبل أن يطلق الآهات على الثقافة المغربية التي تحتضر ببطئ شديد.
تسقط أوراق الأشجار الثقافية المغربية تباعا، ويغادر المبدعون في صمت مطبق، في ظل غياب سياسة الاعتراف الثقافي لمن قدم ولو نصا أو بيتا واحدا من شعر.
تموت الثقافة في المغرب، في صمت، وبعيدا عن الأضواء، في زمن مواقع التواصل الاجتماعي وتفاهات المؤثرين، وأصحاب روتيني اليومي، وليالي السهر بالمباشر عبر المنصة الصينية للتواصل الاجتماعي.
كما أن الحكومة المغربية السابقة والحالية، تغيب عنها سياسة ثقافية لتثمين الإنسان المغربي المبدع على الورق، فالمبدعون ليسوا مؤثرين، يمرضون في صمت، ويغرقون في مرض اليأس، فمنهم من يقاوم بنشر نصوص ولو بدون قراء، ومنهم من ينتظر وصول ساعة الرحيل.
كان إدريس الخوري قبل رحيله يستحق تكريما لأنه قامة إبداعية مغربية، جاءت في ظروف قاسية اجتماعيا وسياسيا، ولكن النصوص الورقية لا تموت، سيأتي جيل أفضل يزيل الغبار عن نصوص با إدريس.