عبد العالي بلقايد : هذا هو "حَجِيبْ فَرْحَانْ" الإنسان والفنان من خلال شذرة "اَلدَّقْ تَمْ"

عبد العالي بلقايد : هذا هو "حَجِيبْ فَرْحَانْ" الإنسان والفنان من خلال شذرة "اَلدَّقْ تَمْ" عبد العالي بلقايد والفنان حاجيب

"ليس في وسع نص اللذة أن يكون شيئا أخر سوى نص قصير". (رولان بارط - لذة النص - ص : 25 )

دواعي هذا التقديم هو ما صرح به الفنان حَجِيبْ فرحان خلال برنامج تلفزي (رشيد شو) والذي تفاعل فيه مع منشط البرنامج على أرضية أعطت إمكانية إبراز الجوانب المتعددة من شخصية حَجِيبْ التي تظهر بوضوح للمشاهد من خلال حَجِيبْ الفنان، و الباحث والإنسان ولكنه (أي حَجِيبْ) يحاول سترها وإخفاءها لأن اللذة المبتغاة لديه لا تكون نتيجة تنازع بين دوافع الرغبة وإيروسية انكتبت ضمن ثقافة الآخر.

وهو لا يلعن الشياطين التي سرقت النجوم من سمائه وخاصة إذا تشربت براغماتية ميركانتيلية تهفو إلى هدفها بأي وسيلة كانت . لا يلعنها لأن العين الثرية التي يغرف منها معين فنه تتلألأ على أنغام "اَلْحَبْحَابَةْ" و "لَمْجَادِيبْ" والشُّرفاء (والعافين عن الناس)، فالبنية الثقافية التي ينطلق منها هي البنية الإبراهيمية القائمة على البذل والعطاء التي لا ترسم حدودا لشواطئ تجعل الذات خدومة لغايات سامية مترفعة عن (شهيوات البوكاديوس) التي تتحلل ما أن نفرغ من آخر قطعة تطحنها أسنانا.

لقد فجر قنبلة نووية بحجم القنبلة التي دمرت نكازكي، ولكنه تدمير من نوع آخر، لأنه تدمير يهدم الكثير من اليقينيات التي يتأسس عليه فهمنا لكذا تراث موسيقي تقليدي وبذلك فهو يرافق الكبار على شاكلة أينشتاين الذي أحدث ثورة في الفيزياء بمقاربته للمكان والزمان والسرعة مقاربة جديدة أعادت النظر في الكثير من مفاهيم الفيزياء الكلاسيكية.

لقد أعاد الإعتبار لشذرية النص بتعبير الباحث حسن نجمي أو النص القصير بتعبير "رولان بارط" الذي به تكون اللذة، وذلك حين سأله المنشط عن أغنيته (اَلدَّقْ تَمْ)، وليكون أمينا أحال الشذرة على اَلْعَيْطْ اَلزَّعْرِي ولرائدته الفقيدة الشيخة خَرْبُوعَةْ، رائدة العيطة الزَّعْرِيَّةْ والمغربية، مع إفاضته وإسهابه في تعداد مميزات (اَلْحَبْ اَلزَّعْرِي).

إن كل النصوص الإبداعية تتضمن عوامل التلاشي فيها بحسب تعبير "رولان بارط" ولكن حين تتلاشى تخلق إمكانية أن تتمدد في الزمن لتبدع أشكالا أخرى لا لتكون تكرارا لما سبق ولكن لتعدو صدى إبداعي للعمران البشري .عكس الكثير من النماذج المعاصرة التي تكون صدى باهت لموضات العمران فتتلاشى في حينها دون أن تحفر مجرى في نهر الإبداع الفني .وفي هذا السياق نحيلكم على أغنية للفقيد الشيخ عبد الكبير الصنهاجي بعنوان سيدي علال وهي من أدائه وألحانه ومن مقاطعها :

"أَرْفُودْ اَلْخَامِسْ

كَاعْ بْكِينَا عْلِيهْ

هَزُّو سِيدِي مْعَ ثْلَاثَةْ

تَمُّو سَايْرِينْ بِيهْ

رَاهْ اَلرْجَالْ هَمَا الِّلي حَزْنُو عْلِيهْ

جَاتْ اَلْحَرْكَةْ تَجْرِي

ﯕَالَتْ لِيهْ اَلنْصَارَى هَجْمَتْ

وَالْعَوْدْ مَرْبُوطْ فِي سْمَارُو لِي ﯕَالُو مَاتْ

هُوَ فِي مْقَامُو أَهْلِ اَلَلهْ

ضَايْرِينْ بِيهْ "

المبدعون لا يموتون، لأن موتهم هو رذاذ يسقي شجرة الإبداع التي تنتج ومضات و بريق يتلألأ نورا صوفيا ينتصب منارة يتفاعل معه العشاق المصابين بعصاب "اَلْحَبْحَابَةْ" و "لَمْجَادِيبْ" لأنه جذب وانجذاب يتلاشى في حضرتها شوق واشتياق الجسد الذي لا يخضع إلا لقانون العشق الصوفي. أليس القلب هو مركز الشوق و الإشتياق وهو ما جعله عبد الكبير الصنهاجي هدية في رائعته ( أَنَا جَايْبْ قَلْبِي لِيكْ هْدِيَّةْ ).

لتكون مبدعا فلترسم طريقا عبر أغنية الشهادة و الإستشهاد، واجعل قلبك موطنا للوطن والوطنية، وإلا ابتلعتك شركات تكرس الربح والريع المنتج للخواء الفني والثقافي ....

                                                                       عبد العالي بلقايد،باحث