محمد عمور.. هل تحمله يوما ما رياح القدر إلى المغرب؟

محمد عمور.. هل تحمله يوما ما رياح القدر إلى المغرب؟

اكتشف عمور في نفسه مهارات وهو يشرف على قناة إخبارية هي الأولى من نوعها في العالم العربي. فقد أصبح يضع الميزانية ويتتبعها ويرسم التخطيط الإداري ويسهر على تنفيذه. يشدد عمور على أنه لا إبداع بدون حرية ولا تقدم بدون إمكانيات. وهما عنصران متوفران في القناة التي يدير.

 

إعداد: محمد شروق

 

عندما لا تكون مباريات البارصا أو الريال منقولة على إحدى قنوات الجزيرة الرياضية، فالغالب أن «الزابينغ» يحولنا إلى قناة الجزيرة الرياضية الإخبارية لمتابعة آخر أخبار الرياضة العربية والعالمية، وخاصة كرة القدم مرفقة بأدق التحاليل. هذه القناة التي شقت طريقها نحو النجاح بسرعة فائقة نظرا لجمالية الصورة وعمق التحليل وسرعة بث الخبر.

يقف وراء هذا الانجاز بقوة اسم صحافي مغربي هو محمد عمور المدير العام للقناة والذي اكتشفه المغاربة وأحبوه عبر قناتهم الأولى من خلال التعليق على المنافسات الرياضية وربورتاجات العالم الرياضي وذلك من سنة 1990 إلى سنة 1999. لينتقل بعد ذلك إلى قناة دبي الرياضية لمدة سنة واحدة ومن تم إلى قناة أبو ظبي الرياضية التي بقي بها إلى سنة 2004.

قناة الجزيرة الرياضية التي تبحث دائما عن الأجود دعت محمد عمور إلى الانضمام إلى فريقها. وتحديدا إلى قسم الأخبار الذي سيصبح رئيسا له سنة 2009 حتى انطلاق قناة الجزيرة الرياضية الإخبارية في 02 نونبر 2011 تحت إدارته العامة. ويذكر محمد عمور أنه كان من الممكن أن يلتحق بالقناة القطرية في نونبر .2003 لكنه لم يرغب في إرباك تمدرس ولديه لذلك أجل القدوم إلى الدوحة إلى السنة الموالية. ومازال عمور يتذكر أنه رغم الظروف غير المثالية قي قناة زنقة البريهي بالرباط وهزالة الأجر فما كان يخفف عليه هو ما كان يلمسه من تفاعل مع الجمهور الرياضي في الشارع والملاعب ومن علاقة طيبة مع زملائه ورؤسائه وهي العلاقة التي ما زالت مستمرة إلى اليوم. كما أنه يعتز دائما بالخبرة والرصيد المهنيين الذين اكتسبهما بالقناة المغربية.

ويرى أن تألق الكفاءات الإعلامية المغربية خارج الوطن دليل على توفر القنوات المغربية على طاقات إعلامية خلاقة قادرة على النهوض بالإعلام الوطني إذا ما توفرت الشروط المهنية المناسبة. وهو الأمر الذي اكتشفه من خلال تجربته في العمل بثلاث قنوات خليجية حيث يتمتع المغاربة بسمعة طيبة على المستوى المهني والأخلاقي علما أنهم لا يشتغلون فقط في التلفزيون فقط، بل في الصحافة المكتوبة والالكترونية ووكالات الأنباء وإعلام المؤسسات.

ويعبر محمد عمور عن أسفه لما يصله عن أجواء الاحتقان الذي تعيشه المؤسسات السمعية البصرية العمومية بالمغرب وانقطاع سبل الحوار بين المهنيين والمسؤولين، ليس فقط حول القضايا ذات الطابع النقابي، بل حتى ما يتعلق بالمهنة. هذا في الوقت الذي يقول عمور إن من حق المشاهد المغربي الذي يمول هذه المؤسسات أن يرى نفسه فيها من خلال تناول مهني لمشاكله وآماله وانكساراته في زمن اشتدت واشتعلت فيه المنافسة في فضاء مفتوح للجميع.

عينا محمد عمور لا تفرق الحاسوب وأذنه ملتصقة بالهاتف يوم العمل عند محمد عمور لا يشبه الأيام الأخرى في شيء فهو لا ينام قبل الساعة الثانية صباحا وهو توقيت نشرة الحصاد. في الصباح تجده بالمكتب يوفق بين ما هو إداري وتحريري ينسق التغطيات والتكليف بالمهام. يطلع على سير العمل داخل غرفة التحرير والمكاتب الخارجية ويتواصل مع المساعدين مع الانتباه إلى أدق التفاصيل. عيناه على الحاسوب لأن الجزء الأكبر من العمل يتم عبر البريد الالكتروني، وأذنه على الهاتف الذي لا يتوقف عن الرنين. إنه عمل متواصل يتطلب الكثير من الجهد والتضحية من أجل القيام بالواجب المهني تجاه مشاهد تزداد طلباته يوما عن يوم.

داخل هذا الزخم من الاشتغال، اكتشف عمور في نفسه مهارات وهو يشرف على قناة إخبارية هي الأولى من نوعها في العالم العربي. فقد أصبح يضع الميزانية ويتتبعها ويرسم التخطيط الإداري ويسهر على تنفيذه. يشدد عمور على أنه لا إبداع بدون حرية ولا تقدم بدون إمكانيات. وهما عنصران متوفران في القناة التي يدير. كما ينفي أن تكون هناك رقابة أو تعليمات تتحكم في المضمون بل هناك تحفيز وتشجيع على العطاء واستثمار كبير في التغطيات سبقه تعيين مئات من الموظفين والصحافيين وبناء سبع استوديوهات جديدة مجهزة بأحدث المعدات التقنية.

ويكفي القول إن الجزيرة الرياضية الإخبارية تشغل اليوم أزيد من مائة صحافي من بينهم مغاربة محبوبون لدى المشاهدين كيوسف أيت الحاج، أمين السبتي، رضا بنيس... إلى جانب بعض المحللين كسعيد رزكي، محمد سهيل... إضافة إلى محررين ومنتجين ومذيعين ومكلفين بمهام تحريرية أخرى و حوالي 30 مراسل دون احتساب الفنيين. إنما يؤكد عمور وسط هذا المزيج العربي أن الجنسية لا تهمه بقدر ما تهم الكفاءة والقدرة على تقديم الإضافة.

ويبقى تواصل عمور بشكل دائم مع المغرب حيث العائلة والزملاء والأصدقاء إما بطريقة مباشرة أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وينتهز أي فرصة للقاء بهم هنا بالمغرب أو هناك بالدوحة. حيث يشهد الزملاء انه لا يمكن أن يمر صحافي رياضي على العاصمة القطرية ولا يكون في ضيافة محمد عمور.

إن المسار الناجح لمحمد عمور خريج المعهد العالي للصحافة سنة 1989 يقدم أحسن دليل ضد من يدعون أن معهد الصحافة لم يكون صحافيين متخصصين وذوي كفاءة. فهو واحد من صحافيين فرضوا أسماءهم في المشهد الإعلامي الوطني والدولي. ويمكن هنا ذكر كفاءات تحمل دبلوم المعهد كانس بوسلامتي، محمد مماد،فاطمة برودي، نورالدين مفتاح، فاطمة الأفريقي، فاطمة أقروط، عبد اللطيف لمبرع، نصر الدين حسايني..

اليوم وهو في أوج النجاح في قيادة قناة الجزيرة الرياضية الإخبارية، لا يفكر محمد عمور في العودة للعمل بالمغرب. إذ مازال يطمح إلى تحقيق نجاحات أخرى على رأس القناة، لأن هذا المشروع تطلب ثلاث سنوات من التحضير والإعداد وقد أطفا مؤخرا شمعته الأولى. فهو مرتاح هناك بالدوحة رفقة أسرته الصغيرة لكنه رجل مؤمن بالقدر الذي حمله سنة 1985 من فاس إلى الرباط لمتابعة دراسته ومن هناك إلى الخليج. وربما رياح هذا القدر قد تحمله يوما ما إلى المغرب. من يدري؟