قال محمد الغريب، رئيس الفيدرالية المغربية للتعليم الأولي، إن تأسيس الفيدرالية المغربية للتعليم الأولي يندرج في إطار سياق خاص، يتمثل فيما يوليه دستور المملكة لمنظومة التربية والتعليم كحق من حقوق جميع المغاربة ولا سيما الأطفال، ثم الخطب الملكية السامية لهذا الموضوع الحيوي.
وأضاف الغريب، في حوار مع جريدة "أنفاس بريس" أن الفيدرالية ستترافع على قضايا التعليم الأولي وعلى كل المشاكل التي تواجهها الجمعيات العاملة في القطاع، بدءا بصياغة مشروع اتفاقية إطار بين الجمعيات والوزارة واضحة المعالم، يتم تحديد الأهداف فيها، وتحدد فيها الوسائل، ثم النتائج عوض الاقتصار على شراكات فضفاضة في مضمونها ولا تفي بالأهداف المبتغاة. وفيما يلي نص الحوار:
في أي إطار يندرج تأسيس الفيدرالية المغربية للتعليم الأولي؟
لا بد من الإشارة إلى أن تأسيس الفيدرالية المغربية للتعليم الأولي جاء في إطار سياق خاص، يتمثل فيما يوليه دستور المملكة لمنظومة التربية والتعليم كحق من حقوق جميع المغاربة ولا سيما الأطفال، ثم الخطب الملكية السامية، وما يوليه الملك محمد السادس لهذا الموضوع الحيوي، خاصة، أن تربية الطفولة في سنواتها الأولى عموما والتربية ماقبل المدرسية، خصوصا، شكلت دوما اهتماما من طرف جلالته، في مختلف الخطب، خاصة الرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في اليوم الوطني حول التعليم الأولي، المنظم يوم الأربعاء 18 يوليوز 2018، بمدينة الصخيرات، والذي دعا فيه إلى ضرورة الاهتمام بهذه الفئة، أو هذه الشريحة من المجتمع، أي الأطفال الذين هم في سن التمدرس ما قبل التعليم الأساسي، وأكد الملك على أن طفل اليوم هو رجل الغد، ولبناء مستقبل زاهر لكل المغاربة، وهنا لابد من الإشارة، أيضا في إطار دائما هذا السياق، أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين لسنة 2000 أشار لأول مرة إلى مصطلح التعليم الأولي، على أساس إدماجه داخل منظومة التربية والتكوين، وراهن هذا التقرير على تنزيل برامج التعليم الأولي، إلى جانب التعليمين الابتدائي والإعدادي في العشرية الأولى للألفية، إلا أنه اتضح أن هذا المبتغى لم يتحقق نظرا لعدة اختلالات. ولتجاوز هذه الاختلالات، جاء المخطط الاستعجالي، لسنة 2009 و 2012، والذي ركز في أحد محاوره على ضرورة تعميم التعليم الأولي، اعتبارا لكون الأهداف المسطرة، لم يتم تحقيقها في العشرية الأولى من الميثاق، ولكن رغم ذلك، ظل الرهان بعيد المنال، خاصة في تلك الفترة، لتتظافر الجهود أيضا في الفترة الممتدة مابين 2000 و2015، وهذه السنة الأخيرة، هي التي تم فيها اعتماد الرؤية الاستراتيجية مابين 2015 و2030، والتي دعت إلى ضرورة تحقيق نهضة حقيقية في التعليم وخاصة في التعليم الأولي.
من هنا يتضح بأن سياقات التعليم الأولي، هو عبارة عن مسلسل منذ بداية إقرار الميثاق الوطني للتربية والتعليم إلى إقرار الرؤية الاستراتيجية مرورا أيضا بالقانون الإطار للتربية والتكوين، الذي خص حيزا هاما للتعليم الأولي في مجموعة من الجوانب، يأتي بعد ذلك طبعا، النموذج التنموي الذي أشار بصريح العبارة في العديد من الفقرات على ضرورة الاهتمام بالتعليم ككل وتجاوز مجموعة من الأزمات التي يمر منها، ضمنها أزمة الجودة، أزمة ثقة الأسرة في المؤسسة العمومية، ثم أزمة مكانة المدرسة التي لم تعد قادرة على إنجاب رجل قادر على الاندماج في المجتمع.
من خلال تشخيصك لواقع التعليم الأولي، ماهي في نظرك، أهم الإشكالات التي يواجهها؟
طبعا، أهم الاشكالات التي يواجهها التعليم، تجد مرجعها طبعا في تشخيص واقع التعليم الذي أقره النموذج التنموي الجديد، الذي تمت صياغته في ظل الجائحة التي عرفها المغرب، كوفيد 19، والتي زادت من تأزيم واقع التعليم بالمغرب. لكن انتشار هذا الوباء أزم هذه الوضعية، وبالتالي تشريح النموذج التنموي الجديد لواقع التعليم، وقف على مجموعة من الاختلالات ومجموعة من الأزمات يمكن أن تلخصها في ثلاثة ابعاد.
الأزمة الأولى هي أزمة جودة العمليات التعلمية، لأن المتعلم بعد تخرجه يكون غير قادر على كسب مجموعة من المهارات كالحساب والقراءة واللغات، وهذا إشكال لايساعده على الإندماج في المجتمع، ثم هناك أزمة الأسر المغربية في فقدانها الثقة في المؤسسات التربوية، خاصة في المؤسسة العمومية، ثم أيضا أزمة مكانة المدرسة، التي لم تعد تقوم بدورها في الارتقاء وتكافؤ الفرص، إذن كلها إشكالات طرحها المشروع التنموي الجديد وجاءت الرؤية الاستراتيجية مابين سنة 2013 و2015 لتجيب على مجموعة من الإشكالات وإيجاد مخارج لها، عن طريق الارتقاء بجودة التعليم، وعن طريق تحقيق مبدأ المناصفة، ومبدأ الجودة، ثم مبدأ التعميم، وهذا لن يتأتى إلا بالانخراط التام لكل فعاليات المجتمع المدني في هذه الاستراتيجية بشراكة واضحة المعالم مع كل المتدخلين في القطاع، في القطاعات الحكومية وغير الحكومية.
ماهي القضايا الأولية التي ستترافع عنها الفيدرالية لدى الجهات المسؤولة؟
طبعا، نحن كفيدرالية، كإطار، التأسيس لم يكن اعتباطيا، وإنما كانت وراءه مجموعة من الدوافع التي يمكن أن نوجزها في مايلي:
أولا: التجربة الطويلة لمختلف الجمعيات ومواجهتها لمجموعة من الإكراهات أثناء الممارسة، في علاقتها مع الوزارة الوصية، وفي علاقتها مع المربيات، وأيضا في علاقتها مع شراكة غير واضحة يشوبها الغموض، وكل هذه الإشكالات كانت وراء تأسيس الفيدرالية، هذا الإطار الذي سيترافع على قضايا التعليم الأولي وعلى كل المشاكل التي تواجهها الجمعيات العاملة في مجال التعليم الأولي، بدءا بصياغة مشروع اتفاقية إطار بين الجمعيات والوزارة واضحة المعالم، يتم تحديد الأهداف فيها، وتحدد فيها الوسائل، ثم النتائج عوض الاقتصار على شراكات فضفاضة في مضمونها ولا تفي بالأهداف المبتغاة، هذا جانب، أما الجانب الثاني، نسعى طبعا إلى تأهيل هذه الجمعيات والانخراط الجدي والفعلي في مشروع تعميم مشروع التعليم الأولي.
الهدف الثالث طبعا، يتجلي في تكوين وتأهيل المربيات والدفاع عن حقوقهن ضمن هذه الشراكة التي ينبغي أن تكون واضحة وبخانات محددة.