فماهي الأسباب التي تفسر " إفلاس" إحدى كبريات الشركات المتخصصة في صناعة البدلات العسكرية الموجهة للتصدير ؟ سؤال مؤرق لازال يشغل بال الكثير من المراقبين، فشركة " سيكوميك " التي تأسست سنة 1974 كان رقم معاملاتها لا يتعدى 10 مليار سنتيم، ليصل مع حلول عام 2016 إلى 28 مليار سنتيم بعد اقتنائها من طرف رشيد التازي ( نجل المرحوم العلمي التازي وزير الصناعة والتجارة الأسبق) عام 1990، حيث قام التازي بتسديد ديون الشركة والمقدرة آنذاك بأربعة ملايير سنتيم، فما الذي منعه من تسوية أوضاع عمال الشركة عبر " التضحية " بأربعة ملايير مماثلة وتخليصها من شبح الإفلاس، وبالتالي إعادة الثقة للعمال مما قد تكون له آثار جد ايجابية على مردودية الإنتاج بدل التفكير في تفويت الأصل التجاري لفائدة أناس الأنصاري والذي قرر هو الآخر وفي ظرف وجيز تفويت الشركة إلى شركة " ليو مينور " مع الإبقاء على ملكية العقار الأصلي للشركة ؟ ألا يشكل ذلك محاولة متكررة للتملص من حقوق العمال ومستحقات الضمان الإجتماعي والتغطية الصحية (ما مجموعه 200 مليون سنتيم تقريبا ) علما أن شركة " ليو مينور " الفرنسية قررت هي الأخرى السير على نفس نهج التازي ومن بعده بعد مدة قصيرة من اقتناء الأصل التجاري ؟
بعض المراقبين يرون أن قرار شركة "ليو مينور" الفرنسية المتخصصة في صناعة البدلات العسكرية لفائدة الجيش والشرطة والدرك الفرنسي بتفويت الأصل التجاري لشركة " سيكوميك " بمكناس دون تسوية أوضاع العمال التي ظلت عالقة ودون تسديد ما بذمتها من ديون يأتي مخافة فقدانها لسوق كبير يدر على الشركات الملايير، حيث استثمرت جيدا تواجدها بكل من الدار البيضاء ومكناس عبر فرعي الشركة (ضعف تكلفة الإنتاج، تدني الأجور..) لمراكمة أرباح مهمة تقدر بالملايير، لكنها سرعان ما قررت الإنسحاب بهدوء خوفا من فقدان هذه السوق، علما أنها تستفيد من صفقات عمومية، وفعلا فما كانت تخشاه الشركة الفرنسية قد حدث فبعد سنتين تقريبا من تفويت شركة " سيكوميك " بمكناس والتي تحولت إلى مصنع لاستعباد العمال أثيرت ضجة كبيرة عبر وسائل الإعلام الفرنسية لكون شركة " ليو مينور " تفضل الإنتاج عبر فروعها خارج فرنسا بالضبط بالمغرب بدل الإنتاج بفرنسا، ذلك أن دقيقة واحدة من زمن العامل الفرنسي تكلف الشركة 50 سنتيم أورو مقابل 13 سنتيم في المغرب، وهو الأمر الذي اعتبرته يتنافى مع مصالح الإقتصاد الفرنسي واستمرارية الإنتاج بما يحمله من مخاطر اجتماعية.
في نفس السياق قالت مونية هلحنينو (عاملة بشركة سيكوميك) إن العاملات والعمال اليوم وبدل أن يحتجوا من أجل تحسين ظروف العمل، قرروا الخروج للشارع من أجل المطالبة بأجورهم ومن أجل ضمان حقوقهم في الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية، علما أن الباطرون الجديد ظل يقتطع ولمدة 5 سنوات مستحقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعية، ولمدة سنتين مستحقات التغطية الصحية من أجور العاملات والعاملات دون أن يسددها.