على خلفية ما أثارته ظاهرة ضعف وانهيار خلية النحل من جدل، وخاصة بعدما عرضت بعض مربي النحل لفقدان خلايا النحل دون معرفة أسباب هذه الظاهرة المقلقة، توصلت "أنفاس بريس" من عبد الحق بوتشيشي، رئيس الجمعية الوطنية لهيئة تقنيي تربية المواشي بالورقة التالية:
للنحل أهمية بالغة فهي حشرة نافعة اوحى اليها الخالق عز وجل ""وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)”" سورة النحل الأيتان 68-69.
فبالاضافة انها صيدلية طبيعية فإن لها أهمية بالغة في تلقيح الأزهار والرفع وتحسين جودة المنتجات الفلاحية، فالدور الذي تقدمه هذه الحشرة يفرض على الإنسان ان يولي لها اهتماما وعناية خاصتين والحد من المسببات التي قد تحدث اختلالات وتغييرات بيئية حتما ستؤثر على منظومة استمرارية الحياة لمملكة النحل.
ما يشهده قطاع تربية النحل بالمغرب من اكراهات ومشاكل يفرض علينا وعلى جميع المتدخلين في القطاع إعادة النظر في سلوكياتنا وتصرفاتنا اتجاه العناصر الحية وغير الحية التي تحيط بنا وتؤثر علينا، فالكل يعلم بان استراتيجية الجيل الأخضر تضع العنصر البشري في صلب معادلة التنمية وذلك بالعمل على انبثاق طبقة متوسطة فلاحية بتحسين ظروف العيش والإستقرار بالعالم القروي وتحفيز التشغيل، لكن في الظروف المناخية الصعبة التي تعرفها سلسلة تربية النحل جعلت الحكومة تخصص ميزانية 130 مليون درهم لدعم النحالة المتضررين، لأن هناك مربين فقدوا مصدر عيشهم وستبقى طريقة أو كيفية تنزيل هذا الدعم صعبة في غياب قانون تنظيمي ينظم سلسلة تربية النحل.
ما عرفه المغرب في السنوات الأخيرة من جفاف وشح التساقطات المطرية وقلة الأزهار أثرا سلبا على طوائف النحل، فالظروف المناخية ليست وحدها مسؤولة على هذا الإنهيار فالإستعمال الغير المعقلن والجائر لبعض المبيدات والمواد السامة له نصيب من المسؤولية ناهيك عن كثرة الأمراض التي مافتئت تظهر وتؤثر على خلايا النحل.
وما لوحظ في الآونة الأخيرة من تراجع وانهيار للخلايا في مناطق متفرقة يدق ناقوس الخطر على مستقبل قطاع تربية النحل والبيان الذي خرج به المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بتاريخ 21 يناير 2022 يؤكد بان هناك مشكل ما والمكتب لازال يعمق البحث للوقوف على مسببات هذه الظاهرة.
فما هي أسباب ظاهرة انهيار الخلية ؟؟
وهل فعلا يوجد مرض أو آفة ما قد يتسبب في هذه الظاهرة؟؟
سؤال طرحته على الأستاذ "عبد الرحمان باخمسة "الذي أكد بأن تربية النحل أصبحت علم ،حسابات لها ضوابط وأسس محددة يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار، فبكثافة لخلية قوية وبمخزون من العسل وحبوب اللقاح كافيين وهو ما فطر الله النحل عليه وخلايا متوازنة في كل شيء، خاصة إذا كان السلوك الصحي داخل الخلايا من قدرة التحمل والتنظيف والمقاومة للآفات والأمراض وسلوك عدم التطريد والهدوء وغير ذلك كلها سلوكيات جيدة قاعدتها تدوين معطيات الخلايا لعدة استنتاجات واختيارات صائبة هادفة تقي المنحل من أي تراجع وهو ما يغيب للاسف، وأضاف بأن كل الأمراض والآفات يمكن التعامل معها بطرق سليمة وصحية للحد منها او توقيفها او بالاصح خلق سلوك التنظيف داخل الخلايا للرفع من قدرة المقاومة الطبيعية لهذه الآفات والأمراض، وهو الأصل الذي ربما يغيب، واستطرد أن ما نشهده اليوم من تدخلات جائرة في طبيعة عيش من تغذية غير معقلنة قد تسيء للباكتريا النافعة والتي هي الجدار الواقي للنحل، وكذا استعمال المبيدات داخل الخلايا ضد آفة الفاروا واستعمال مضادات حيوية دون مراعاة طرق وكيفية استعمالها ،ثم الإستكثار الموجع وغير المقنن والمعقلن بدون ضوابط وأسس، تراكم هذه الأخطاء التقنية تسيء للتوازن وسيرورة الطائفة بشكل طبيعي، كل هذا وغيره سبب في تراجع النحل وقد يكون هو الأصل قبل الوصول إلى إضعاف وانهيار الخلايا.
ومرة أخرى يبقى على الوزارة الوصية اتخاذ التدابيروالإصلاحات اللازمة والعمل على تقديم مساعدات تقنية وعينية للنحالة المتضررين من هذه الآفة، خصوصا واننا نعلم بان الأساس الثاني لمخطط الجيل الاخضر يتمثل في ضمان مواصلة وتحصين دينامية القطاع واستدامة التنمية الفلاحية باتخاذ التدابير والإصلاحات اللازمة على مستوى سلاسل الإنتاج ومسالك التسويق والحفاظ على الموارد الطبيعية، في سياق التغيرات المناخية التي يعرفها المغرب وباقي العالم