نزع الأطفال من أسرهم يطرح سؤال: هل السويد دولة فاشية أو دولة اجتماعية ؟! (مع فيديو)

نزع الأطفال من أسرهم يطرح سؤال: هل السويد دولة فاشية أو دولة اجتماعية ؟! (مع فيديو) قضية سحب الأطفال من عائلاتهم في السويد تثير جدلا واسعا
فجرت مقاطع فيديو تتعلق بانتزاع مصالح الرعاية الاجتماعية بالسويد، أطفالا ينحدرون من عائلات مهاجرة متهمة بالتقصير في تربيتهم، جدلا كبيرا في السويد. فرغم أن قانون انتزاع الأطفال من حضانة أسرهم يتم تطبيقه على جميع المواطنين في السويد، إلا أن أطفال المهاجرين (العرب خاصة) يحظون بحصة الأسد في تطبيق القانون، الأمر الذي طرح سؤالا مؤرقا عما إذا كان الأمر يتعلق بانتزاع الحضانة من العائلات المهاجرة بشكل ممنهج في السويد أم لا. كما أعادت هذه القضية طرح سؤال: هل السويد دولة فاشية أو دولة الرفاه والرعاية الاجتماعية بامتياز؟! مع العلم أن قوانين هيئة الرعاية الاجتماعية السويدية " ليست قاسية " في أعين البعض، فهي أوجدت لحماية الطفل من عنف أو أذى جسدي وعقلي وبدني ونفسي قد يتعرض له من أب وأم لديهم ثقافة عنف أو مدمنين على الكحول والمخدرات، أو لأنهم يتواجدون في بيئة عائلية غير صالحة أو أمينة للطفل.
"أنفاس بريس" ومن أجل تسليط الضوء على هذه الظاهرة ربطت الاتصال بفاعلة جمعوية مقيمة بالسويد، والتي أكدت وقوع تجاوزات من هذا القبيل بالسويد لكنها تعود الى الستينيات من القرن الماضي وقد تم تجاوز الأزمة بعد ذلك.
وأكدت محاورتنا بأن الأمر يتعلق بتجاوزات محدودة جدا وقد تقع في أي بلد أوروبي، علما أن معظم حالات انتزاع حضانة الأطفال من آبائهم تستند لأسباب مشروعة وتتعلق باللاجئين السوريين والعراقيين، بينما من النادر جدا – تضيف نفس الفاعلة – تسجيل حالات في صفوف المهاجرين المغاربة.
في نفس السياق أكد باحث في مجال الهجرة لـ"أنفاس بريس"، أن مصالح الرعاية الاجتماعية بالسويد تمنح فرصة للمهاجرين من أجل تصحيح الوضع قبل استصدار أحكام قضائية بانتزاع الحضانة منهم، كما أنهم يتابعون هذه الحالات عن قرب، حيث تمت استضافة عدد من الأطفال من طرف مهاجرين مغاربة. أضف إلى ذلك فآباء الأطفال المعنيين ملزمون بتقديم تقرير أسبوعي عن وضع الأطفال: يتعلق بطرق التعامل مع الأطفال ورعايتهم.
وأضاف الباحث قائلا بأن هيئة الرعاية الاجتماعية بالسويد تتراجع عن قرار انتزاع الحضانة في معظم الحالات في حالة توفير الشروط الضرورية لرعاية الأطفال. فقد تكون الأم مثلا قد مرت بمرحلة اكتئاب تتطلب العلاج النفسي والابتعاد عن أطفالها لمدة معينة، وفي هذه المرحلة توفر هيئة الرعاية الاجتماعية المساعدات الضرورية للأم من أجل تلقي العلاج كما تتكفل بمصاريف الرعاية الاجتماعية للأطفال بشكل كامل، قبل تسليم حضانة الأطفال من جديد لآبائهم الذين اجتازوا ظروف صعبة تحول دون رعاية الأطفال.
ويستحضر نفس الباحث، حالة أخرى لمهاجر يهدد طفله بحرق يديه في النار، وهو الأمر الذي تناهى الى علم هيئة الرعاية السويدية وشكل صدمة كبيرة لأعضائها، مما فرض تدخل هيئة الرعاية الاجتماعية من أجل فتح تحقيق في الموضوع.
ونفى محاورنا وجود أية ازدواجية في تطبيق القانون الذي يطبق بشكل صارم على العائلات السويدية الى جانب العائلات المنحدرة من أصول مهاجرة، مقدما مثال حالة السيدة السويدية المدمنة على الكحول التي انتزع منها طفلها وتم إخضاعها لمسار طويل من العلاج قبل تمكينها من جديد من حضانة طفلها. وهو نفس المعطى الذي أكده مهاجر مغربي مقيم بالسويد لفترة طويلة، فالقانون يسري على الجميع دون استثناء، مشيرا بأن الدولة السويدية تضمن حق التعليم المجاني للجميع، كما يمكن للمهاجرين الاستفادة من قروض بدون فائدة من أجل متابعة الدراسة، يتم تسديدها بعد الحصول على عمل قار، الى جانب عدد من الحقوق الاجتماعية، وضمنها تمكين الأطفال المتمدرسين من سبل وآليات الحماية ضد العنف، وضمنها رقم أخضر ( 112) والذي يمكن عبره للأطفال تبليغ الشرطة عن التعنيف الذي قد يتعرضون له من طرف آبائهم، وبالتالي فالخلل يكمن في تصرفات بعض المهاجرين وعدم احترامهم لقوانين البلد المضيف وحدوث تلاعبات قانونية من قبل المهاجرين مستغلين وجود ثغرات.
في هذا الإطار استشهدت متتبعة للملف بحالة مهاجر سوري تزوج ثلاث نساء دون علمهن جميعا وأنجب 16 طفلا بالسويد في تحدي صارخ للقانون، واستطاع الحصول على أربع شقق من الدولة السويدية، مما يعني استحالة توفير الرعاية الاجتماعية للأطفال، وهو الأمر الذي أثار ضجة إعلامية منذ سنتين الى جوانب حوادث أخرى، الأمر الذي دفع السلطات السويدية الى التشدد في تطبيق القانون في السنوات الأخيرة.
هذا المعطى المرتبط بنزع الأطفال من أسر مهاجرين استغله بعض الأصوليين المتطرفين لنشر خطاب الكراهية والتطرف في صفوف المهاجرين بالسويد عبر الشبكات الاجتماعية، كما أن تسجيل حالات ضعف الرعاية الاجتماعية في صفوف المهاجرين ساهم من جانب آخر في تغذية خطاب نشطاء اليمين المتطرف الموجه ضد المهاجرين.
وبالتالي، فالمشكل لا يتعلق بقساوة تطبيق القانون حسب بعض المراقبين بل يتعلق باندماج المهاجرين في المجتمع السويدي، حيث يفضل بعض المهاجرين الإقامة الى جانب بعضهم البعض، كما أن منهم من يجد صعوبة في التأقلم مع الظروف المناخية الصعبة، فيفضلون البقاء في بيوتهم أمام شاشات التلفزيون بدل الخروج للعمل. وعدد كبير من المهاجرين يعيشون على حلم العودة الى وطنهم الأم بحجة ضمان مستقبل آمن لأبنائهم وضمنهم مهاجرون مغاربة ايضا، علما أنهم يقضون أعمارهم في البلدان الأوروبية وقد يدفنون في مقابر إسلامية، مع أنهم يمتلكون شقق أو فيلات فاخرة في بلدهم الأصلي.