تمثل المدرسة مؤسسة تربوية ومكونا أساسيا في الحياة المدرسية والفعل التربوي، من خلاله صقل شخصية التلميذ في مجالاتها المعرفية والمهارية والوجدانية... تتكامل فيما بينها لبناء شخصية تلميذ المستقبل. وتعد المكتبة المدرسية ضرورة تثقيفية وتعليمية ومحورا لكثير من العمليات التعليمية والأنشطة التربوية التثقيفية في الحياة المدرسية. إن المكتبة المدرسية ليست بمرفق تكميلي ثانوي بل فضاء له قيمته التربوية والتعليمية يحتاجه المدرس والتلميذ على السواء، باعتباره رافدا حقيقيا للمعرفة المبسطة في الكتاب المدرسي. فمن خلال المكتبة المدرسية يصبح بالإمكان التبحر والتعمق في المحتوى الدراسي الذي يقدمه المدرس في النشاط الصفي. فالكتاب المدرسي يقدم للتلميذ مفاتيح العلوم فقط ويترك له بعد ذلك حرية المتابعة. وبالتأكيد فالكتاب المدرسي لا يشبع نهم المدرس والتلميذ.. والمكتبة المدرسية هي من يشبع ذلك التوق للنهل من الكتب والمراجع والإصدارات.
إن المكتبة المدرسية تمثل مصنعا حقيقيا ومشتلا لصقل المواهب من خلالها يستطيع التلميذ أن ينمي مواهبه الإبداعية في الكتابة والشعر والكتابة وغيرها من حقول المعرفة. وحتى تحقق المدرسة أهدافها النبيلة لا بد من ان تكون مؤهلة لخدمة التلميذ والمدرس. وبإمكاننا أن نحقق وجود مدرسة فعالة في مجتمع المدرسة، وذلك بتوفير مكتبة مدرسية حقيقية وليس تخصيص قسم مهجور من جناح دراسي وتكديسه بكتب مدرسية قديمة وتكليف أستاذ غير مرغوب فيه أو يشكو من مرض مزمن بتدبير شؤون "المكتبة" نحن في حاجة ملحة إلى مكتبة بمواصفات مكتبة مجهزة باللوازم الحديثة: شبكة انترنت وطابعات وشاشة عرض وحواسيب.. مكتبة تواكب كل المستجدات والإصدارات الجديدة ليتمكن كل من التلميذ والمدرس من مواكبة كل جديد.
ولكي تكون المكتبة المدرسية في المستوى المطلوب لابد من توفر قيم مختص ومؤهل لتدبير شؤون المكتبة.. كفانا من الحلول الترقيعية غير المجدية. فمن خلال دراسة معمقة قمت بها في موضوع واقع المكتبات المدرسية تبين لي بأن عديدا من مؤسساتنا الإعدادية والثانوية التأهيلية تفتقر إلى مكتبات حقيقية، وإن وجد بعضها فهو مغلق بسبب إحالة القيمين عليها على التقاعد وعدم تعيين من يخلفهم.
إن المكتبة المدرسية خدمة بيداغوجية مهمتها الرئيسية عي المساهمة في تكوين التلاميذ والتلميذات ودعم فعل المدرسة. ولتنجح المكتبة المدرسية في أداء رسالتها النبيلة على المدرسة بكل مكوناتها أن تنسق مع القيم على المكتبة المدرسية بوضع برنامج مفصل يحدد مواعيد تنظيم اللقاءات والندوات والمسابقات الثقافية والفنية لفائدة التلاميذ والتلميذات لتحبيب القراءة لديهم وإبعادهم عن روتين ونمطية النشاط الصفي. وعلى كل مكونات المجتمع المدرسي العمل وباستمرار على تنمية حب القراءة لدى التلاميذ وتوعيتهم بأهمية ولوج المكتبة المدرسية والانخراط في أنشطتها والحضور في فضاءاتها: فضاء القراءة والفضاء السمعي البصري والتواصل...
إن المكتبة المدرسية أعتبرها القلب النابض في كل مؤسسة تعليمية وفضاء للاطلاع والبحث والمراجعة والقراءة. فبدون القراءة الواسعة لا يتحقق سوى تعليم هزيل لا يرقى إلى ما ننشده.
وخلاصة القول لا أحد ينكر دور المكتبة المدرسية كضرورة تثقيفية وتعليمية. على القيادة الجديدة بوزارة التربية الوطنية توجيه تعليماتها بفتح أبواب المكتبات المدرسية المقفلة منذ إحالة القيمين على شؤونها على التقاعد وتكليف قيمين جدد تتوفر فيهم الكفاءة المهنية والتأهيل الكافي لإعادة الروح لمكتباتنا المدرسية وإخراجها من غرفة الإنعاش.