حصيلة 100 يوم من عمر حكومة أخنوش بعيون المنظمة الديمقراطية للشغل

حصيلة 100 يوم من عمر حكومة أخنوش بعيون المنظمة الديمقراطية للشغل عزيز أخنوش رئيس الحكومة (يمينا) وعلي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل

في سياق تقييم حصيلة 100 يوم الأولى من عمر حكومة عزيز أخنوش، الذي يقود ائتلافا حكوميا بثلاثة أحزاب مكونة من التجمع الوطني للأحرار، حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال؛ أعلن المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل ما يلي:

 

- قد لا يجادل أحد في أن حكومة عزيز أخنوش، تسلمت زمام أمور تدبير الشأن العام بحصيلة اقتصادية واجتماعية وثقافية ثقيلة، مطبوعة بمجموعة من الاختلالات البنيوية والهيكلية، وثقل المديونية الداخلية والخارجية وخدمة الدين التي تسبّبت في استنزاف مقدّرات الوطن وإعاقة صموده في وجه التحدّيات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة، تترجمها الارتفاعات في مؤشرات ومعدلات الفقر والبطالة، وتفاقم وضعية الأسر المغربية وانهيار قدراتها الشرائية، وارتفاع مديونيتها. وأغرقها في مستنقع “الكريديات” التي تمتص أزيد من 50 في المائة من دخلها الشهري. وعجز وخصاص كبير على مستوى التوزيع المجالي الترابي للبنيات التحتية والخدمات الاساسية والاجتماعية.

عوامل مجتمعة زادت في اتساع فجوة التفاوتات والفوارق الطبقية والمجالية، وتدحرج الطبقة الوسطى إلى الأسفل، علاوة على ضعف الحماية الاجتماعية التي لم تتجاوز 46%، وتراجع وتدهور المدرسة العمومية وضعف جودة العملية التعليمية، وتراجع خدمات المستشفيات العمومية.

هذا طبعا في ظل استمرار الضغط لجائحة كوفيد19 على مختلف مناحي الحياة وما خلفته ولا تزال من آثار وتداعيات اجتماعية واقتصادية وخيمة.

 

- في سياق تقييم الأداء الحكومي، ليس من السهل القيام بتقييم موضوعي لأداء الحكومة الجديدة وحصيلتها في 100 يوم فقط. فهي مدة غير كافية للحديث عن تقييم شامل شفاف وبمؤشرات علمية وذات مصداقية.

كما أن أغلب الخطط والاستراتيجيات المعلن عنها في التصريح الحكومي لا تزال مجموعة منها مجرد مشاريع أوراش، لم ترى النور بعد. ولم يتم تنزيلها أو أجرأتها على أرض الواقع، وبعضها الآخر بمثابة أفكار قيد الدرس و دراسة الجدوى ..

لكن العرف الذي دأبت عليه جميع الدول والمغرب منذ حكومة التناوب في الممارسة السياسية يحتم ويقتضي القيام بتقييم حصيلة 100يوم، بما فيه التوجهات والمخططات العامة والمقاربات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المعتمدة، وأولويات الإصلاح والتغيير.

 

- فتقييم الأداء الحكومي بهدف الوقوف على بعض المؤشرات الإيجابية والنقط السلبية، في هده المدة، ومدى التزام الحكومة بتفعيل الوعود الواردة في برنامجها الحكومي...

فعلى مستوى تدبير الأزمة الصحية والإنسانية المتمثلة في جائحة كوفيد-19، لم نشهد في الواقع تغييرات على مستوى منهجية التدبير وطرق تنزيل القرارات المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية. لقد واصلت الحكومة اتباع نفس المنهجية دون التفكير في تقييم التجربة السابقة ونتائجها بسلبياتها وإيجابياتها ولنقف على نقط الضعف والقوة، لتعزيز اليات المواجهة دون المساس بالحقوق والحريات الاساسية... والتقليل من تداعياتها على الاقتصاد الوطني.

 

- لكن الملاحظ أن أغلب القرارات الصادرة عن حكومة عزيز أخنوش، كانت متسرعة ومرتجلة، ومؤلمة أحيانا حيث تم فرضها على المواطنين بطريقة عشوائية ودون سابق إنذار، ودون تعليل للقرار، وظلت المرجعية الرئيسية لصناع القرار السياسي هي اللجنة العلمية والتقنية المجهولة التكوين.

 

- هذا فضلا عن تضارب تصريحات صناع القرار السياسي (الحكومة) والقرار العلمي (اللجنة العلمية والتقنية) فغاب القرار السياسي المقنع. وغاب التحليل العلمي ومصادره والتواصل الصحي والبيداغوجي لكسب ثقة المواطن، حيث ظل الغموض سيد الموقف في غياب معطيات علمية أفضل، مما سهل فتح الأبواب لـ "خبراء وتجار الأزمة" لترويج معلومات ومعطيات مضللة والأخبار الكاذبة والمزيفة. وخرافات الطب الشعبي عبر وسائط التواصل الاجتماعي في غياب استراتيجية إعلامية تواصلية للمواجهة.

 

- هذا علاوة على قرار الإغلاق الشامل وما كان لها من انعكاسات سلبية على قطاعات ذات أهمية في تنمية الاقتصاد الوطني كالسياحة التي تمثل 7 في المائة من الدخل الوطني الإجمالي وتشغل مليوني أجير .

 

- أما على المستوى الاقتصادي والمالي، فلم يخرج قانون مالية 2022 عن قاعدة التوازنات الماكرو اقتصادية وظل النظام الضريبي خارج توصيات المناظرة الاولى والثانية، وبعيدا عن مفهوم العدالة الضريبية.

ودون مستوى انتظارات الأغلبية الساحقة من الفئات الشعبية والعمالية والمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، ولا يرقى إلى ترجمة الشعارات المعلنة في التصريح الحكومي. ولا يجيب على انتظارات الطبقة العاملة المغربية في تحسين أجورها والرفع من قدراتها الشرائية، فضلا عن أن التوقعات تظل رهينة بالتساقطات المطرية علما أن مستوى النمو سيعرف تباطؤا سنة2022 مع ارتفاع نسبة التضخم .

 

- كما نسجل على الحكومة اتخاذها لمجموعة من القرارات المتسرعة التي تتطلب الإشراك والحوار والانصات وعدم التسرع، وربما الرجوع الى المؤسسة التشريعية لإصدار قوانين أو مراسيم جديدة، وتتجلى هذه القرارات المتسرعة في فرض جواز التلقيح، تم تحويله إلى الجواز الصحي بطلب من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتسقيف سن التوظيف لولوج المهن التعليمية والتربوية في ثلاثين سنة، وارتفاع أسعار الوقود والمواد الاستهلاكية..

فلم تعمل الحكومة الجديدة على اتخاذ إجراءات وتدابير لحماية المستهلك بوقف ارتفاع أسعار المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك وأسعار المحروقات وخدمات النقل والتجهيزات المنزلية ومواد البناء. في حين تظل الميزانية المخصصة للمنظومة الصحية ضعيفة في ظل تزايد الحاجيات ومتطلبات مشروع إصلاح الشبكة الاستشفائية العمومية وتأهيلها للمنافسة مع القطاع الخاص الذي اضحى يستحوذ على 86% من نفقات صناديق التأمين الصحي، وضرورة تحقيق العدالة الصحية المجالية في إطار تعميم التأمين الاجباري الاساسي عن المرض.

 

وفي نفس السياق، لابد من أن نسجل المجهودات التي بذلتها حكومة عزيز أخنوش في ظرف وجيز في 100 يوم من عمرها، رغم الإكراهات والتحديات وثقل المسؤولية في ظل الجائحة، نذكر منها أساسا:

- على المستوى السياسي تحقيق تنسيق وانسجام حكومي بتوقيع ميثاق للأغلبية، لتفادي ما سقطت فيه الحكومة السابقة، من اختلافات وصراعات أثرت بشكل سيء على الأداء والسرعة في التنفيذ، وعطلت عجلة إنجاز عدد من المشاريع الاستثمارية المبرمجة. كما صادق البرلمان المغربي على التصريح الحكومي وعلى القانون المالي لسنة 2022. وهي مكاسب مهمة ومشجعة للتدبير الأسلم والناجع، في وضعية مريحة لأغلبية متجانسة بغرفتي البرلمان.

 

- ثانيا، على مستوى العلاقات الخارجية، لوحظ حضور سياسي دبلوماسي وازن في الدفاع عن القضية الوطنية في المحافل الدولية بجرأة سياسية غير معهودة، في مواجهة أعداء وحدتنا الترابية كأولوية وطنية.

 

- ثالثا، نجاح الحكومة في تنفيذ للالتزامات المتعلقة بمواصلة تنزيل المشروع الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، وفق الأجندة المرسومة لها وفي الآجال المحددة لذلك وتعبئة الموارد المالية لتنفيذها بدءا بتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بنهاية سنة 2022. وتحقيق التغطية الصحية لأزيد من 11 مليون مغربي، وتوفير المعاش لفائدة ما يناهز 8 ملايين مغربي ومغربية، منهم، على الخصوص، مليون و600 ألف فلاح، ونصف مليون حرفي، و170 ألفا من سائقي سيارات الأجرة، بالإضافة لذوي الحقوق المرتبطين بهم.

كما ستعرف سنة 2022 إطلاق المرحلة الثانية من تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، من خلال توسيع نطاق المستفيدين ليشمل الفئات الهشة والفقيرة، والتي تستفيد حاليا من نظام المساعدة الطبية لدوي الدخل المحدود.

 

رابعا: الشروع في تنزيل السجل الاجتماعي وتفعيل القانون رقم 18. 72، والذي يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات.

 

خامسا: تشجيع الاستثمار بالمصادقة على مجموعة من المشاريع الاستثمارية والاتفاقيات.

سادسا: أداء متأخرات الضريبة على القيمة المضافة لفائدة الشركات والمقاولات المغربية، مما كان له أثر إيجابي على وضعيتها المالية.

الاستمرار في تعويض المتضررين من تداعيات الجائحة خاصة بعض المقاولات وأجراء القطاع الخاص المسجلون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

 

سابعا: تخصيص 2.25 مليار درهم لإطلاق برنامج أوراش، وَهُوَ برنامج حكومي يروم تَوْفِير 250 ألف فرصة شغل لِفَائِدَةِ الأشخاص غير المتعلمين وغير الحاصلين عَلَى شهادات تعليمية".

 

توصيات المنظمة الديمقراطية للشغل

- فتح أبواب الحوار الاجتماعي المؤسساتي بإصدار قانون للحوار الاجتماعي. وتنزيل المادة الثامنة من الدستور المتعلقة بتنظيم الحقل النقابي ومراقبة تمويل النقابات.

- تنفيذ الإصلاحات الضريبية والحد من الريع والامتيازات الضريبية غير مبررة اقتصاديا واجتماعيا، لضمان تملك الدولة للوسائل اللازمة لتأمين الخدمات الأساسية ومعالجة الفقر واللامساواة. وتحقيق العدالة الاجتماعية.

- إعادة النهوض بالسياسات للعمومية، وتأهيل الاقتصاد الوطني وفق مقاربة الدولة الاجتماعية.

- إجراء إصلاحات هيكلية تؤدّي إلى تعزيز الشفافية والاستقرار المالي، فضلًا عن الحد من الفساد والريع واقتصاد الامتيازات والتهرّب الضريبي

- فرض ضريبة على الثروة من أجل تمويل العمليات الاجتماعية الضرورية.

- محاربة السكن غير اللائق ومراقبة تدبير الوكالات الحضرية. وتأمين السكن الاجتماعي بتكلفته الحقيقية وفق القدرة الشرائية وبأقل من 120 ألف درهم.

- الإسراع بالمصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم.

- وضع برامج التحفيز الاقتصادي والتوظيف في أسلاك الوظيفة العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية لحملة الشهادات الجامعية.

- الرفع من أجور الموظفين والعمال وتحسين ظروف وشروط العمل اللائق.

- الحفاظ على الأمن الاستراتيجي الغذائي والدوائي...