بدر بلاج: مستعدون لوضع خبرتنا التقنية في يد أحزاب تتبنى مشروع قانون للعملات الرقمية

بدر بلاج: مستعدون لوضع خبرتنا التقنية في يد أحزاب تتبنى مشروع قانون للعملات الرقمية بدر بلاج
على هامش مناقشة تقنين استعمال البيتكوين والعملات الرقمية بمجلس النواب، وجواب وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، بأن الحكومة تدرس جدوى تقنيين التعامل بالبيتكوين والعملات الرقمية.
حاورت
"أنفاس بريس" بدر بلاج، مهندس خبير في البلوكتشين والعملات الرقمية.

لأول مرة يتم النقاش بمجلس النواب بطرح سؤال حول إمكانية تقنين البيتكوين والعملات الرقمية، ماهي وجهة نظرك؟
طرح السؤال في مجلس النواب هي سابقة مهمة جدا، يجب كذلك فهم حيثيات هذا التطور، إذ أكدت أبحاث خاصة وهي اثنان،  على أن المغرب من الدول الرائدة إفريقيا وعالميا من حيث استخدام العملات الرقمية، فمثلا هناك دراسة خرجت حديثا من وكالة “ChainAnalysis”  تؤكد أن المغرب يحتل الرتبة 24 عالميا بحيث يسبق جميع الدول الأوروبية كفرنسا والمانيا ودول أخرى. وتصدر المغرب في هذا الترتيب يبعث رسائل إلى أصحاب القرار. فهذه الأبحاث تؤكد ماقلناه أن المغاربة في المستقبل من أكثر وأول الشعوب استخداما للعملات الرقمية لأن هذه العملات ستحل العديد من المشاكل خاصة لفئة الشباب، خاصة أنها يمكن استخدامها بسهولة ورخيصة الاستعمال. 
 ونأمل أن يدفع هذا السؤال السلطات الوصية إلى تقنين العملات الرقمية، لأن الدولة ستكون من أكبر الخاسرين لغياب إطار قانوني لاستخدام العملات الرقمية.
 
ماهي الخطوات المناسبة قبل تهييء أرضية قانونية للعملات الرقمية؟
أولا
، ضرورة وضع تعريف قانوني لهذه العملات الرقمية، وكذلك تعريف للتكنولوجيا المستخدمة وهي البلوكتشين. فمثلا فرنسا لديها قانون واضح وصريح للتعريف بالبلوكتشين.  في المغرب وقبل إصدار اي إطار قانوني بالعملات الرقمية يجب أولا تعريفها ووضع قواعد لتعريف هذه العملات الرقمية والبلوكتشين. واعتبارها إما عملات عالمية أو أصول مالية . وبالتالي هذا التعريف الأولي يمكن أن يساعد المشرع على اختيار القوانين المناسبة مع قوانين الصرف والمعاملات المالية. 
ثانيا، على السلطات الوصية والمالية أن تقوم بتجارب حول هذه المعاملات الرقمية، محاولة بذلك اكتساب معارف وخبرات داخلية تساعدها على اتخاذ القرار. لأن المنع نقول ان من أهم مسبباته هو عدم معرفة السلطات المالية بهذه الأصول المالية، إذن الخطوة الثانية مهمة.
ثالثا، إنشاء هيئة او مجلس يضم جميع المتدخلين بمجال العملات الرقمية من بنك المغرب ومؤسسات مالية..، وهذا المجلس للخبراء قد يخرج توصيات حول مشاريع قوانين التي يمكن العمل عليها مع أحزاب لاقتراحها على الحكومة. بهذه الخطوات يمكن الخروج بقوانين تحترم خصوصية المغرب بدل نسخها من دول أوروبية لها اقتصادات مختلفة عن الاقتصاد المغربي.
 
بالنظر لخبراتك التقنية داخل المغرب والخارج، عبرت عن استعدادك لمواكبة أحزاب في وضع إطار قانوني للعملات الرقمية؟ كيف ذلك؟
كما قلت سابقا يجب أن تكون مواكبة للسلطات المالية والوصية، فالمشكل أن هذه العملات الرقمية وتكنولوجيا البلوكتشين أنها ظاهرة حديثة ومستجدة على السلطات الوصية وبالتالي فهناك تخوف بماهيتها وعدم درايتها. وبالتالي يجب مواكبة السلطات الوصية بخبراء في مجال العملات الرقمية. شخصيا بحكم التجربة الطويلة في هذا الميدان بالمغرب والخارج، أظن أن المغرب لديه فرصة لتدارك التأخير بوضع إطار قانوني . ويمكن للمغرب تدارك ذلك، مثل ما فعل مع التوقيع الإلكتروني، وكانت هذه قفزة نوعية. فبنفس الطريقة يمكن للمغرب أن يضع قوانين جريئة للتعامل مع العملات الرقمية. شخصيا وإلى جانب خبراء آخرين يمكن لنا المساهمة في وضع هذه الخبرة التقنية في يد أصحاب القرار، علما الأحزاب، خاصة أن هذه المشاريع من القوانين يجب أن تتبناها الأحزاب المغربية، خاصة أحزاب الأغلبية، ومن أجل إعطاء السلطات الوصية الحيز الكافي لهذا الموضوع. ولحل هذا الانسداد في الأفق الذي يعيشه حاليا المغرب، بحيث لا هناك منع صريح ولا هناك إطلاق صريح باستخدام العملات الرقمية. وبالتالي هذا المنع يضيع على المغرب استخدام تكنولوجيا اليوم والمستقبل.
 
كيف تفسر استعمال العملات الرقمية من بعض البنوك المركزية في العالم؟
أشير إلى تزايد استعمال العملات الرقمية للبنوك المركزية في العالم . وبنك المغرب كان قد أعلن عن تكوين لجنة داخلية لدراسة إمكانية إنجاز عملة رقمية مدعمة من طرف بنك المغرب للاستخدام الداخلي بين بنك المغرب والأبناك التجارية. وهذا مؤشر إيجابي لانه يدفع بنك المغرب، وهو من مراكز القرار الغير متحمسة للعملات الرقمية، فمجرد دراسة الجدوى ودراسة الموضوع هو مؤشر إيجابي، قد يدفعهم الى اكتساب مهارات ومعرفة واسعة بالميدان، وبالتالي قد تؤثر على قراراتهم فيما يتعلق بالعملات الرقمية، وإن كان بنك المغرب ليست له السلطة في منع أو قبول العملات الرقمية، فهذا خارج إمكانياته. وبالتالي في المستقبل إذا استخدم المغرب العملات الرقمية كماهو الحال في نيجيريا مؤخرا التي استعملت عملة رقمية وطنية “eNaira”. فغدا إن كان هناك درهم رقمي يستند إلى تكنولوجيا البلوكتشين ويشابه العملات الرقمية، فسيكسر هذا الجمود الحالي والانتقال الى قرارات أكثر جرأة تغير الوضع الحالي إلى ماهو أفضل.
 
كيف يمكن هيكلة سوق العملات الرقمية؟ 
بالنسبة للخطوات التي يجب القيام بها لهيكلة سوق العملات الرقمية، فيجب فهم أن استخدام مصطلح هيكلة مرده أنه يوجد سوق في المغرب للعملات الرقمية، وهي معاملات مالية ضخمة يتم تبادلها مابين المستخدمين داخل المغرب. وهذه الوضعية الرمادية الحالية تدفع بأن المستخدمين يتفادون استخدام أي قناة شرعية للأداء أو المبادلات كالأبناك. وإنما يتعاملون نقدا، وبالتالي فإن بيع أو شراء العملات الرقمية يتم غالبا نقدا. لهذا فالدولة خاسرة من جميع الجهات. ويساهم ذلك أيضا في أزمة النقد وتراكم استخدام الكاش خوفا للمستخدمين من المساءلة القانونية. وبالتالي فهذا المنع من استخدام العملات الرقمية اول مشكل يؤدي إليه هو وجود سوق غير مهيكلة، أو سوق سوداء يتم فيها بيع وشراء العملات الرقمية مقابل الدرهم. كما ستضيع الدولة موارد جبائية إثر استخدام العملات الرقمية. كما أن عدم هيكلة القطاع يثير السؤال حول أخلاقية استخدام هذه العملات وتأثيرها على أمن البلاد. وبالتالي فالدولة المغربية من مصلحتها هيكلة القطاع حتى تكتسب هذه الرؤية والوضوح على مستوى استخدام العملات الرقمية.
أول خطوة تبدأ بالتصريح لمنصات تسمح ببيع وشراء هذه العملات الرقمية. بصفة عامة هناك منصات في العالم تسمح لأي مستخدم بشراء هذه العملات الرقمية وبيعها في أسواق افتراضية. يمكن جلب مثلا منصة أو منصتين ومنحها ترخيص لمزاولة هذا النشاط بالمغرب. وعبر هذا الترخيص سيستفيد المغرب، وذلك بهيكلة القطاع وتيسير ولوج المغاربة للعملات الرقمية.
حاليا تشترى هذه العملات بالخارج بالعملة الصعبة  ولا تشترى بالدراهم. علما أن هناك تجارة داخلية بالدرهم. ووجود هذه المنصات سيسهل على المستثمرين الداخليين امتلاك هذه العملات والمضاربة فيها. وبالتالي فالمغرب سيربح تكوينه لرؤية واضحة حول ما يحدث في هذه السوق، إلى جانب أن السلطات الوصية ستتمكن من معرفة هوية المتعاملين بهذه العملات وكم يملك كل شخص من هذه العملات الرقمية. وهناك العديد من المغاربة الذين يتداولون بهذه العملات يفضلون هيكلة هذا القطاع. نستحضر هنا مؤخرا البحرين التي قامت بالترخيص لأحد أكبر المنصات في العالم في تداول العملات الرقمية. 
الخطوة الموالية تتجلى في حملات تحسيسية واسعة للمستخدمين لحماية المستهلك المغربي. واظن أن حماية المستهلك تاتي بتأطيره وليس بمنعه من استخدام العملات الرقمية كما هو الحال اليوم. 
ينضاف إلى ذلك محاولة دفع النظام المالي المغربي للتأقلم مع استخدام العملات الرقمية كما فعلت مع التجارة الإلكترونية مثلا،  وإعطاء خدمات تتماشى مع هذه الثورة الرقمية الجديدة. وأشير إلى وجود ابناك في أوروبا أو غيرها صناديق لتوفير هذه العملات الرقمية.
إذن هذه هي الخطوات الثلاث التي يجب على المغرب اعتمادها ، الخطوة الأولى اهم وهي أكثر أهمية. وفي المجمل ستفتح هذه الخطوات الباب لحل دائم وربح لكل من الدولة والمستخدمين في هذا القطاع.
 
ماهي مميزات العملات الرقمية؟ 
مميزات العملات الرقمية عديدة، أولا انها رقمية يسهل استعمالها عبر الانترنيت، وغالبية مستخدميها من الشباب، ويجدون في هذه العملات الرقمية وسيلة سهلة، حيث أنها وسيلة عالمية سريعة يمكن الأداء بها مع جميع المتعاملين في أنحاء العالم بخلاف الطرق الكلاسيكية. ويكفي أن تنزل المحفظة في جهازك المتصل بالانترنيت وتبدأ الاستخدام. ثانيا هي عملات رخيصة الاستعمال والإرسال. بخلاف سعر الخدمات البنكية. ومن مميزات العملات الرقمية تنمو قيمتها، وتجذب اهتمام الشباب لتحسين وضعهم المالي. وتعتبر كذلك أصول مالية يستثمر فيها العديد من المغاربة، وكما يعلم الجميع الصعود الصاروخي للعملات الرقمية على رأسها البيتكوين. ويمكن اعتبارها ذهب إلكتروني للاستثمار . بالإضافة إلى مميزات أخرى ثانوية أنها غير متحكم فيها كما هو الحال بالنسبة للعملات الوطنية التي تعرف تدخل البنوك المركزية، ويعتبر مستخدمو هذه العملات الرقمية أن هذا الاستثمار نوع من الحرية المالية للتحكم في أموالهم بصفة مباشرة.
 
بدر بلاج/ مهندس خبير في البلوكتشين والعملات الرقمية