محمد أكيام: هل المكتب المغربي لحقوق المؤلفين يفكر في الفنان؟

محمد أكيام: هل المكتب المغربي لحقوق المؤلفين يفكر في الفنان؟ محمد أكيام

في الوقت الذي استبشر الفنان المغربي خيرا عبر عزم وزارة الشباب والثقافة والتواصل، إحداث مؤسسة للأعمال الاجتماعية لفائدة الفنانين من أجل التكفل بهم ورعايتهم في وضعية صحية أو اجتماعية صعبة، ومن رغبة في إيجاد حل نهائي ودائم للمعاناة التي يشتكي منها عدد من الرواد (حسب جواب وزير الثقافة مهدي بنسعيد على إحدى الأسئلة الشفهية). وتزامنا مع العهد الجديد الذي عرفته التعاضدية الوطنية للفنانين، حيث سهرت على تجديد هياكلها بشكل ديمقراطي وتم اتفاق أعضاءها على وضع خارطة الطريق تنبني على عقلنة تدبير شؤون التعاضدية، والعمل على نبذ سياسة المحسوبية، والتأسيس لمبادئ التدبير التشاركي الجماعي الديمقراطي، والعمل على توسيع قاعدة الأعضاء المساهمين، ومحاولة خلق ثم تطوير وتوسيع وإغناء قاعدة الأعضاء الشرفيين بهدف جلب مصادر تمويل إضافية.

 

ففي ظل هذه الدينامية الجديدة التي تعرفها وزارة الشباب والثقافة والاتصال خدمة للفنان والمبدع المغربي، يتفاجأ المؤلف المغربي بالتقهقر الخطير عبر فرض "شهادة مسلمة من الإذاعة الوطنية" من أجل إيداع مصنفه لدى مصالح المكتب. ماذا يعني هذا؟ لفهم هذا الإجراء لا بد من مراجعة كرونولوجية للأحداث حتى أصبح في هذه الحلة المنفتحة على المؤلفات والمؤلفين. فحتى عقد من الزمن، كان المكتب حكرا على مجموعة معينة من الفنانين الذين يدعون أنهم الرواد، مستحوذين بذلك على تدبيره ومستفيدين من خيراته، حتى أن مجموعة من الفنانات والفنانين كانوا يصرحون أنهم عند إيداع ملفاتهم يتم إتلافها عمدا، وكان المكتب يفرض على المؤلف لإيداع مصنفه "شهادة الإذاعة الوطنية"، وهنا مربط الفرس. فلأن المكتب المغربي لحقوق المؤلفين ليس له الدور الرقابي على الإبداعات الفنية، يتم تهريبها لجهة أخرى (أي الإذاعة الوطنية) قصد إغلاق الباب أمام المبدعات والمبدعين خاصة منهم الشباب. الذين طبعا ينهكون من تجميع الوثائق وتصحيح الإمضاء وتكبد عناء السفر إلى مدينة الرباط (التي يقطنها الرواد) وانتظار اجتماعات اللجنة التي ستبث في المصنف وقرار مدى قبوله من رفضه حتى دون اعطاء أي مبرر للرفض.

 

وسط هذا الريع الفني الذي كانت تستفيد منه بعض الأقليات، انتفض العديد من الفنانات والفنانون الشباب ضد هذه الممارسات، على اعتبار أن الاستخلاص يكون بناء على ترويج الابداعات الفنية بمختلف الوسائط ومختلف الفضاءات التي تستغل المصنفات المبتكرة. طرح حينها الفنانون الشباب سؤالا واضحا وصريحا: لماذا الأغاني الشبابية تكتسح جميع الإذاعات والوسائط السمعية البصرية، وفي المقابل يستفيد آخرون من مستحقات صندوق المكتب؟ هذه الثورة غير المسبوقة في توحيد صفوف الفنانين الشباب أدى إلى تغيير جدري في المكتب المغربي لحقوق المؤلفين انطلاقا من تغيير المدير إلى طريقة التدبير إلى استعمال الجانب الرقمي وغير ذلك من الامتيازات التي لا يمكن إنكارها. لكن، اليوم ماذا يقع؟ لماذا عودة التضييق على المؤلف وترك رهان استفادته من مستحقاته بين يدي "لجنة" تعتبر أن الأغنية العصرية التي تعود لسنوات الستينات والسبعينات هي الأغنية المغربية الحقيقية، وما عداها فيمكن اقصاءه؟ لماذا اختيار هذا التوقيت بالذات من أجل إثارة احتقان جديد، في الوقت الذي يحاول فيه وزير الشباب والثقافة والرياضة إيجاد حلول موضوعية للفنان المغربي؟

 

أعتقد أنه عوض التضييق والضغط على المبدع والمؤلف ونهج كل الأساليب البيروقراطية ضنا من المكتب أنه (أي المؤلف) هو الحلقة الأضعف في المنظومة، فإننا نحذر من أن تؤدي هذه التدابير غير محسوبة العواقب إلى احتقان اجتماعي وطني من طرف المؤلفين وذوي الحقوق، خاصة الذين يتساءلون عن كيفية توزيع المستحقات (سنعود لهذا الموضوع في مقال لاحق). كما يجب على هيئة التدبير الجماعي للمكتب السعي بكل الوسائل الممكنة وتطوير مجالات استخلاص الاستغلال واستعمالات المصنفات الأدبية والفنية المحمية من الإذاعات والتلفزات والشبكات الفندقية والقاعات السينمائية والمسارح ومنظمي المهرجانات والحفلات الموسيقية والمركبات الترفيهية وشركات إنتاج الأشرطة السمعية والسمعية البصرية والنوادي الليلية والمقاهي والمطاعم وغيرها. أما فيما يخص "المصنف المبتكر" أعتقد أن الأمر قد أصبح سهلا عبر برنامج الكتروني على غرار "اليوتيوب" الذي يرفض كل مصنف غير مبتكر أو معدل.

 

وفي الختام، تمنياتي من السيد وزير الشباب والثقافة والرياضة، وفريق المكتب المغربي لحقوق المؤلفين القطع مع الحرس القديم عبر العدول عن "شهادة الإذاعة" ضمن إيداع وثائق الابداعات الفنية وتعويضها ببرنامج الكتروني للكشف عن المصنفات المبتكرة، وتوسيع مجالات استخلاص موارد للمكتب، ثم العدل في توزيع المستحقات على ذوي الحقوق..

 

محمد أكيام، فاعل ثقافي