إصرار الجزائر على السطو على المعالم التاريخية المغربية

إصرار الجزائر على السطو على المعالم التاريخية المغربية
أتذكرون حين أقدم حكام قصر المرادية في الجزائر جهارا على “الاستيلاء” على معلمة عريقة من المعالم التاريخية للمملكة المغربية، وهو جامع اَلْكُتُبِيَّةْ وصومعته الشهيرة بمراكش التي وجدت قبل أن توجد الجزائر على علتها على خارطة العالم، ألا يعد هذا الإدعاء  تطاولا غير مسبوقا، يتطلب تدخلا من الجهات الأممية المعنية بحماية التراث العالمي من أكبر عملية سطو ثقافي يشهدها التاريخ والجغرافيا؟
 وقاحة لا مثيل لها طالت تراث بلد عريق اسمه المملكة المغربية، الممتدة جذورها امتدادا في التاريخ بثقافتها وروافدها المتنوعة، جعلت الجزائر محط سخرية عارمة في العالم ومن الجزائريين أنفسهم. ولعل التظاهرة التي شاركت فيها في دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال شهر يناير من العام 2019، بوضع ملصق عليه صومعة اَلْكُتُبِيَّةْ ومكتوب عليها عبارة أسبوع التراث الجزائري، يعد دليلا قاطعا على جهل من يحكمونها بالنياشين والإعلام المنبطح. تظاهرة ستظل شاهدة على قمة الغباوة التي وصل إليها حكام بلد، أطلق عليه الفرنسيون “الجزائر”، حتى يستحمروا عقول شعبهم بهكذا افتراء وبهتان..
 كل المراقبين والمهتمين بالتراث والتاريخ والحضارة الإنسانية استغربوا لسلوك كابرنات الجزائر، على اعتبار أن هذا السلوك هو “محاولة من عسكر الجزائر إقناع الشيطان بأن اَلْكُتُبِيَّةْ وساحة جامع الفنا بمراكش معالم تاريخية جزائرية تعود إلى زمن المرابطين زمن الإمبراطورية الجزائرية الكبرى..”.  مرد هذا الاستغراب أيضا يتجلى حسب المراقبين إلى “أن الجنرالات يعجبهم أن يحسوا بنوع من الزهو والعظمة وهم ينسبون كل ما هو مغربي لهم حتى يتحقق لهم نوع من السادية المرفوقة بنوع من الأنفة المفتقرة لبكارتها أمام الواقع وامام الحقيقة التاريخية التي لا ينفيها غير جنرالات السيگار..”.
ويعتبر العديد من المختصين في تاريخ الحضارات الإنسانية أن ذلك مجرد وهم من لا تاريخ له، ومن يبني مجده المزعوم بالكذب والافتراء والادعاء. “إذ كيف يعقل أن يكون القفطان جزائريا، وتفاصيل تاريخه موجودة في المصادر القديمة. مثل ما أورده المقري (ق. 16) في كتاب نفح الطيب؟ وكيف يعقل أن تكون الجزائر مهد الطريقة التيجانية، وضريح رائدها موجود إلى يومنا هذا في مدينة فاس، ومسار طقوسها الصوفية لايزال حيا إلى يومنا هذا؟ وكيف يعقل أن تعتبر منارة اَلْكُتُبِيَّةْ جزائرية دون شقيقتها في إشبيلية والرباط؟.”
ويفتخر رجالات الثقافة والفكر والتراث الإنساني كون المغرب له “ كثيرا من المعالم والأسماء في كثير من بقاع العالم، نعتز بها ونفتخر. ولا ندعي أن ما تركوه في الأندلس وصقلية وفي أصقاع إفريقيا مغربيا”.
ويرى الباحثون المغاربة “أن مجد شعوبنا ساد وانتظم زمان وحدتنا وانصهارنا في دولة المغرب الكبير، ولا نقبل أن نسترزق على أشلاء التاريخ، وأن ندعي مجدا وصولة تعود لأوهام وتهيئات لا أساس لها، ولا تستحق أن نقف عندها أو أن نعتبرها. عليهم أن يكونوا رجالا، وأن يتوجهوا للمستقبل، لا أن يقولوا كان أبي، وما أبوهم إلا مغاربي أمازيغي وعربي وإفريقي، وما لهم في ذلك حظوة ولا ادعاء” مع تسجيل استغرابهم أيضا بالقول “كيف للجار الجزائري أن يقارن نفسه بدولة ممتدة في التاريخ لعشرات القرون ببلد لم يشهد عقد ميلاد استقلاله سوى  في القرن الماضي. أغلب أمهات الكتب تشهد أن الدولة المغربية كانت ممتدة إلى حدود تضم كثير من الدول منها ما سيسمى لاحقا بالجزائر”.