مكناس.. خبراء وباحثون ينتقدون تباطؤ الحكومة في تنزيل ورش تقنين زراعة الكيف

مكناس.. خبراء وباحثون ينتقدون تباطؤ الحكومة  في تنزيل ورش تقنين زراعة الكيف
احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس يوم السبت 18 دجنبر 2021 أشغال اليوم الدراسي دراسيا في موضوع: “إشكالية زراعة الكيف بشمال المغرب ودينامية التحولات الإجتماعية والاقتصادية والمجالية”، نظمته مجموعة البحث في الجغرافيا والمجتمع والتهيئة، بحضور عدد من الخبراء والباحثين وفعاليات المجتمع المدني، وقدمت خلال هذا اليوم الدراسي أبرز الخلاصات والتوصيات من أجل تسريع وتيرة ورش تقنين القنب الهندي وتثمينه من أجل تحقيق عائدات لفائدة الدولة، قد تفوق – بحسب الباحثين عائدات المنتوجات المجالية  المعروفة في المغرب مثل الأركان.

وقال عمرو إديل، أستاذ الجغرافيا بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس في تصريح لموقع "أنفاس بريس" على ضوء الدراسات الميدانية التي شارك فيها إن هناك استقرار في المساحات المزروعة بالكيف منذ 2018، كما أن الكميات التي تتم مصادرتها سواء على المستوى الوطني أو الدولي مستقرة ، بمعنى أن هناك زيادة في الإنتاج دون أن يحدث أي توسع على مستوى مساحة زراعة القنب الهندي.

ولاحظ إديل إن بلاد الكيف تعيش أزمة حقيقية في ما يتعلق بتسويق المنتوج، مضيفا بأنه بدون تنزيل المراسيم التنظيمية المتعلقة بتقنين زراعة الكيف من أجل الاستعمالات الطبية والصناعية.

وأشار إديل إلى أن تقنين زراعة القنب الهندي سيمكن من توفير مداخيل مزدوجة: مداخيل بالنسبة للمزارعين، علما بأنهم لا يستفيدون إلا بنسبة ضعيفة مقارنة مع المتاجرين بالقنب الهندي أو من يعرفون بـ”البزناسة “. كما أن تقنين القنب الهندي سيمكن الدولة من مداخيل ضريبية مهمة سواء على مستوى تسويق المادة الخام أو تسويق المنتوجات الطبية والعطرية التي ستستخرج من هذه النبتة.

من جانبه انتقد عبد السلام بوهلال، أستاذ الجغرافيا بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس في تصريح لـ"أنفاس بريس" عدم إدراج ورش تقنين القنب الهندي ضمن البرنامج الحكومي وتباطؤ الحكومة في تنزيل القانون المتعلق بتقنين زراعة القنب الهندي، مضيفا أن ساكنة المناطق الشمالية تعيش بين سنداد الأزمة الإجتماعية ومطرقة تطبيق القانون في مواجهة مزارعي القنب الهندي. فرغم مصادقة البرلمان على تقنين القنب الهندي لم يشرع في تطبيقه إلى حدود الآن، علما بأن الموسم الزراعي على الأبواب، الأمر الذي يضعنا أمام مفارقة، فرغم صدور القانون فإن مزارعي القنب الهندي سيمارسون نشاطهم خارج هذا القانون، داعيا الدولة إلى تسريع تنزيل القانون المتعلق بتقنين القنب الهندي من أجل وضع حد لحالة الترقب.

كما تطرق بوهلال في مداخلته خلال الجلسة الأولى إلى مجموعة من الإشكاليات التي تعيشها زراعة الكيف منا تقلص المساحة المزروعة وتدني الأثمنة التسويقية، كما تطرق إلى إشكالية استنزاف الوارد  استنزاف الموارد المائية، هشاشة البنيات العقارية وتقزيم الملكيات مع زيادة الصراعات على الأرض.

من جانبه أشار خالد مونة، أستاذ علم الاجتماع بجامعة مولاي اسماعيل إلى أن زراعة الكيف بشمال المغرب هو عبارة عن نمط حياة أكثر مما هو فقط منتوج يزرع، الأمر الذي يجعل منطقة زراعة الكيف تحمل خصوصيات خاصة وفريدة (اجتماعية بالخصوص).
وأضاف أن زراعة الكيف بالمغرب لها تاريخ سياسي واجتماعي بالمغرب كما أنها ساهمت من جهتها في استقلال المغرب من خلال تمويل المقاومين والفدائيين، موضحا بأن تقليص المساحة المزروعة لا يعني تقلص الإنتاج لأن الفلاح الآن أصبح يتوجه إلى النباتات الهجينة ذات الإنتاجية الكبيرة لكن في المقابل لها عواقب أكبر على صحة الإنسان والموارد المائية.

في نفس السياق حذر شريف أدرداكك، رئيس كونفدرالية جمعيات صنهاجة من فشل المشروع بسبب عدم تبني المقاربة التشاركية، منتقدا سرعة إقرار القانون المتعلق بتقنين زراعة الكيف من طرف البرلمان وتجاهل مختلف التعديلات التي طرحتها منظمات المجتمع المدني، ولم يفته الإشارة إلى استعمال زراعة الكيف كورقة في الصراع السياسي، ومنح القانون للفلاحين الحق في زراعة الكيف في إطار تعاونيات مقابل إسناد النقل والتحويل والتصنيع إلى شركات، مما سيساهم – وفق رأيه- في جعل الفلاحين مجرد “ عبيد “ للشركات بدلا عن التجار المحليين، إلى جانب إشكالية إقصاء التعاونيات من مسلسل تثمين وتصنيع القنب الهندي..

كما أكد شكيب الخياري، رئيس الائتلاف من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للكيف، على أهمية تموقع المغرب في السوق الدولية والذي سيمكن الخزينة العامة للدولة من تحقيق عائدات مهمة، منوها بالتفكير الجماعي في مستقبل زراعة الكيف وانخراط  الجامعة المغربية من خلال البحث الذي أنجزته مجموعة البحث في الجغرافيا والمجتمع والتهيئة بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس، والذي سيمكن من ايجاد الحلول المناسبة لهذه الإشكالية.

من جانب آخر أكد عبد السلام الخنشوفي في تصريح لـ"أنفاس بريس" أن القانون 13.21 سيعطي دفعة قوية للبحث العلمي، علما بأن المغرب لا يتوفر سوى على مختبرين وفرق صغيرة، لأنه لم يكن مباحا قانونيا الاشتغال في هذا المجال في واضحة النهار، مضيفا بأن النبتة أدخلت عليها عدة تغيرات، ومساحة الكيف أي النبتة الأصلية أضحت قليلة جدا بعد إدخال نباتات هجينة صنعت في مختبرات أوروبية وفي أمريكا اللاتينية والتي لها مردودية كبيرة ومحتوى كبير من النباتات المخدرة، داعيا  الباحثين المغاربة الى الاهتمام بهذه النبتة من أجل التوصل إلى نبتة ملائمة للتطبيقات الصناعية والصيدلية والتجميلية.

كما دعا إلى مواكبة الفلاحين في الزراعة لأنها تتطلب تقنية، وثانيا مواكبة الجمعيات والتعاونيات والشركات الصغرى التي سيتم إحداثها وتقسيمها حسب نوع النشاط الممارس (إما التحويل أو الجمع والتجفيف أو التصنيع ) .
وخلال الجلسة الأولى دعا الخنشوفي إلى ضرورة إنتاج وثيقة علمية حول زراعة القنب الهندي بالمغرب، مؤكدا أن الكيف يعد رافدا من روافد التنمية التي يمكن أن تقودها الدولة بمختلف مؤسساتها، مشددا على أهمية الاهتمام بالصناعات التحويلية للمنتجات المجالية خاصة في ظل النتائج المشجعة التي حققها مخطط المغرب الأخضر على مستوى الإنتاج.

وتشكل زراعة القنب الهندي مصدر العيش الرئيسي للعديد من الفلاحين في بعض الأقاليم الشمالية للمملكة المغربية، فهذه الزراعة تجتاح مساحات شاسعة تقدر حاليا بـ 50000 هكتار وتعيل 60000 عائلة، حسب آخر الإحصائيات الرسمية.