محمد سالم: الانتهاكات الممنهجة لحقوق الطفل بتندوف تتحمل مسؤوليتها القانونية دولة الجزائر

محمد سالم: الانتهاكات الممنهجة لحقوق الطفل بتندوف تتحمل مسؤوليتها القانونية دولة الجزائر  الناشط الحقوقي محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان بالعيون
لا شك أن الأطفال هم الأكثر تأثرا بالوضع الإنساني المأساوي الذي تعيش على وقعه مخيمات تندوف، إلى جانب بقية الفئات الهشة كالشيوخ والنساء وذوي الإعاقة. فمعاناة الأطفال في المخيمات لا تقتصر على ندرة المواد الغذائية المخصصة لهم، بسبب التسيب الذي تعرفه عملية توزيع المساعدات الإنسانية الموجهة إليهم، والإشكالات المترتبة عن تملص البلد المضيف (الجزائر) من مسؤولياته المباشرة على المخيمات وتفويض سلطته عليها للبوليساريو، إلى جانب عدم وصاية منظمة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة على المخيمات بشكل مباشر أيضا، بل إن الأمر يتعلق بسياسات ممنهجة تعكف البوليساريو عبرها على انتهاك عديد الحقوق الأساسية المتعلقة بالأطفال في مخيمات تيندوف التي تؤطرها مجموعة من الإتفاقيات العهود الدولية، حيث تشمل هذه الانتهاكات العديد من المظاهر، من قبيل ظاهرة تجنيد الأطفال خارج القانون وتشغيلهم بالسخرة، وهو ما أثارته مجموعة من الهيئات الحقوقية الوازنة، وتم طرحه مؤخرا داخل أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ تتحدث بعض التقارير عن ثبوت حالات تدريب الأطفال داخل مجموعة من المراكز العسكرية التابعة للبوليساريو، فضلا عن تحريضهم على ممارسة العنف والمشاركة في الحرب المعلنة من طرف الجبهة.
تعكف أيضا على تسفير الأطفال لأروبا في إطار ما يعرف بـ «برنامج عطل السلام» الذي أطلقه الحزب الشيوعي الإسباني منذ سبعينيات القرن الماضي، وهو ما نجم عنه العديد من الانتهاكات التي تطال الأطفال المسفَّرين، حيث يتم تبنيهم قهرا من طرف بعض الأسر الاسبانية رغما عن أسرهم البيولوجية في المخيمات، كما يقعون عرضة لعدة إكراهات، كإجبارهم على الممارسات الدينية المناقضة لمعتقداتهم، والتعرض للتنصير والتأثير على هويتهم الثقافية والفصل عن محيطهم الاجتماعي، فضلا عن بعض حالات الاعتداءات الجنسية، في حين تسجل عمليات اختطاف لبعضهم أثناء زيارته للمخيمات أيضا لإجبارهم على المكوث فيها.
العديد من الهيئات الحقوقية سبق أن تناولت أيضا عمليات تهجير الأطفال إلى كوبا ويوغسلافيا وليبيا ودول أخرى داعمة للبوليساريو، وهي عمليات استمرت طوال عقود من الزمن، رافقها غسيل ممنهج لأدمغة الأطفال وتلقينهم الإيديولوجيات المتطرفة التي كانت تتبناها بعض دول المعسكر الشرقي إبان الحرب الباردة. وبالتالي وقوعهم فريسة للتعبئة السياسوية والبروباغاندا الدعائية، على حساب حقوقهم في الرعاية والتمدرس والحياة الطبيعية في كنف أسرهم.
انتهاكات ممنهجة تعد تجاوزا صريحا لكل الاتفاقيات والعهود المرتبطة بحقوق الطفل، تتحمل مسؤوليتها القانونية دولة الجزائر طبعا، بحكم وقوعها داخل ترابها الإقليمي وضمن ولايتها القضائية في مخيمات تيندوف، لكن ذلك لا يسقط المسؤولية الجنائية التي تقع على قيادة البوليساريو هي الأخرى إزاء مختلف حالات التجنيد القسري وأعمال السخرة والإكراه والتهجير وفصل الأطفال عن عائلاتهم، فضلا عن الحرمان المتعمد من الحقوق المكفولة في القانون الدولي لفئة الأطفال..