عودة بنكيران بسوابقه توضح أن الأحزاب المغربية قاطبة تنخرها أزمة النخب المتجددة والشابة، حتى بات المواطن يتساءل هل تلك الأحزاب أصلا مدارس كي تنتج نخبا؟ بل هل ما تمارسه الأحزاب هو فعلا سياسة؟ فالنخب إن وجدت فهي تقاسي من الإقصاء، وكتب عليها أن تدور في فلك " الأخ أو الرفيق أو الرئيس أو القائد المفدى"، ويصبح التقرب منه مجدا، والتمسح به بطولة، أما منافسته فخطيئة لا تمحوها توبة ولا عبادة... حتى حين الإطلاع على سير منافسي بنكيران فكلهم كهول من "النطيحة والمتردية" يستمدون الحياة السياسية من الزعيم كما تستمد الأرض الحرارة من الشمس، كلهم صور من النسخة البنكيرانية الأصلية، كلهم سلعة سياسية من تأليف وإخراج وصناعة وتعليب بنكيران، وقد كانوا في الأمس القريب نسيا منسيا.
ما عسى بنكيران أن يقدم للحزب مرة أخرى؟ هل سيعارض عشر سنين من تسيير حزبه قاد منها بنكيران النصف؟، هل سيطعن في برامج وسياسات هو وخلفه العثماني من سنها؟ هل سيقول للمغاربة "عا هادي والتوبة"؟ هل سيقول لهم أن للسلطة والنفوذ والجاه بريقا وإغراءا لا يقاومه الناسك المتعبد؟ هل سيقول لهم كما قال "الأخ الداودي" أنهم اختاروا العمل مع الدولة ففقدوا ثقة الناس؟ بمعنى أنهم لا يستحقون ثقة الناس إلا إذا تمردوا على الدولة...هل سيقول لهم " واش فهمتيني ولا لا"...
ذهب سعد وعاد عبد، ولا جديد يلوح في أفق حزب بات في شكل معبد يجثوا فيه "الإخوان" على الركب ويهتفون بصوت واحد..."لبيك بنكيران لبيك، لبيك لا بديل لك لبيك، إن السلطة والمنصب والتقاعد معك مضمونين لبيك"..
إذا كان البيجيدي قد مات إكلينيكيا يوم 8 شتنبر للأسف، فإنه اليوم يشرع في الموت البيولوجي بعد أن أسعف نفسه بالحقنة الخطأ.