ولماذا غيرت تونس موقفها تجاه القضية المغربية منذ مجيء الرئيس قيس السعيد والذي بات يبدو كالناطق الرسمي بإسم جنرالات الجزائر ؛ فأعد الأستاذ خمريش الورقة التالية:
أولا، لا بد من الإشارة إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير حول تمديد بعثة المينورسو لسنة كاملة من خلال تصويت وتأييد 13 دولة للقرار وامتناع دولتين عن التصويت (أقول امتناع وليس ضد)، لأن قراءة سلوك الامتناع عن التصويت يختلف جذريا عن سلوك التصويت ضد القرار؛ وهذا فيه نوع من التحفظ على بعض بنود القرار وليس الاعتراض على القرار في شموليته؛ وهو الأمر الذي عبرت عنه كل من روسيا وتونس. فالأولى موقفها واضح ويمكن قبوله بالنظر إلى الصراع الدولي بين القوى العظمى داخل مجلس الأمن؛ فروسيا بهذا الامتناع عن التصويت على القرار تريد فقط أن تبعث مجموعة من الرسائل المشفرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها المكلفة بصياغة مشروع القرار، وبالتالي فهذا الامتناع لا يعدو أن يكون مجرد رد فعل سياسي يدخل في إطار الصراع الإيديولوجي التاريخي بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي؛ على عكس التأويلات والتفسيرات التي تروج لها الآلة الإعلامية الجزائرية من قبيل أن روسيا حليف استراتيجي للجزائر وتدعم الجزائر في صراعها ضد المغرب. فهذا كلام مردود عليه ولا يمكن قبوله، لأن الحقائق السياسية والمواقف المعبر عنها من قبل روسيا تدحض كل هاته المزاعم والأكاذيب التي تروج لها الجزائر. إذ لو كان الأمر كذلك، ما الذي يمنع روسيا كعضو دائم داخل مجلس الأمن الدولي، بالاعتراض على القرار وهي تملك حق الفيتو؛ ولكنها اكتفت فقط بالامتناع وهو موقف يخدم مصالح المغرب ولا يتعارض معها، وبالتالي فهذا الامتناع لا يعدو أن يكون سوى رد فعل وإثبات الذات داخل المجلس.