جمال العسري: منع نبيلة منيب من دخول البرلمان اعتداء على سيادة الأمة

جمال العسري: منع نبيلة منيب من دخول البرلمان اعتداء على سيادة الأمة نبيلة منيب، وجمال العسري
على هامش منع نبيلة منيب البرلمانية، والأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، من ولوج البرلمان، على خلفية عدم حملها لجواز التلقيح، بسط جمال العسري، عضو المكتب السياسي للاشتراكي الموحد، قراءته لهذه النازلة من الزاوية الدستورية:
 
عندما يقبل رئيس البرلمان بلعب دور ... عون السلطة ... مراقبة جواز التلقيح ...
في سابقة خطيرة ... لم يشهد لها المغرب الحديث مثيل ... في سابقة لم تقع حتى في سنوات الرصاص ... ولا في سنوات أفقير والدليمي ... أو حتى في عهد البصري ... سابقة قد تدرس مستقبلا في تاريخ البرلمان المغربي كما تدرس حالة الاستثناء وكيف واجهها الرئيس الأسبق للبرلمان عبد الكريم الخطيب ...
اليوم 25 أكتوبر 2021 ... تمنع السلطة التنفيذية أحد ممثلي السلطة التشريعية من ممارسة مهامه ... وزارة الداخلية تمنع برلمانيا من ممارسة الرقابة الدستورية عليه ...
اليوم الإثنين 25 أكتوبر 2021 يتم منع البرلمانية " نبيلة منيب " من ممارسة عملها النيابي ... الرقابي والتشريعي ... بدون أدنى قانون .... بتعليمات من الحكومة ...
اليوم الإثنين 25 أكتوبر 2021 وتحت سمع وأنظار البرلمانيين ... وبتواطؤ من رئاسة البرلمان ... يتم خرق مجموعة من مواد الدستور ... وأهمهما المواد (2 و6 و60 و64 و70 و71)..
- خرق المادة 64 والتي تقول بالحرف " لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان ولا البحث عنه ولا إلقاء القبض عليه ولا اعتقاله ولا محاكمته بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه. ماعدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك " وها هي النائبة البرلمانية تمنع بقرار جائر من دخول قبة البرلمان .. مجلس الشعب ... فإذا البرلمانية سئلت بأي قانون منعت ؟؟؟
- خرق للفصل الثاني من الدستور والذي يقول: " السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها" و" نبيلة منيب " واحدة من ممثلي الأمة ... ومنعها اليوم من دخول البرلمان هو اعتداء على سيادة الأمة ... منعها اليوم من الدخول للبرلمان هو اعتداء على صاحب السلطة الأصلية: الشعب المغربي ... سلطة الداخلية تعتدي على صاحب السلطة الأصلية ... وصاحب السلطة الأصلية في كل الدساتير هي الأمة ... التي تفوض سلطتها إلى من يمثلها ... وهذا ما أقره الدستور المغربي في الفصل2.
- خرق المادة 60 من الدستور والتي تؤكد أن النائب البرلماني لا يمثل من انتخبه فقط ... بل يمثل الشعب بكليته وهذا ما تؤكده هذه الفقرة الواردة في الفصل 60 " ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة " ... وهذا يؤكد أن ما تعرضت له البرلمانية " نبيلة منيب " اليوم بمنعها من ولوج قبة البرلمان هو اعتداء على حق من حقوق البرلماني ... حق في تمثيل فئات واختيارات مجتمعية... وهو إذن اعتداء على الأمة
-خرق للمادة 6 من الدستور والتي تقول " القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين بمافيهم السلطات العمومية متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له " ونحن نسأل بأي قانون منعت " نبيلة منيب " البرلمانية من ولوج قاعة البرلمان ؟؟ لق تم منعها بناء على بلاغ لم نره ... ولم يصل لنا ... لم يصل نصه إلا إلى وكالة الأنباء المغربية؟ وفيه صرحت أن كل مواطن لا يحمل جواز التلقيح سيحرم من حقوقه المشروطة بوثائق أو غيره من المرافق العموميةً...
هذا مع العلم أن هذا " البلاغ الشبح " قد هرق و تحاوز بدوره الدستور ... الذي نص صراحة أن الحقوق والحريات منوط التشريع فيها إلى البرلمان دون غيره ... حتى لو كانت الحكومة نفسها ... ودليلنا على ذلك ما جاء في الفصل 71 الذي يقول: " يختص القانون، بالإضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور، بالتشريع في الميادين التالية: -الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في التصدير، وفي فصول أخرى من هذا الدستور..."، وهو ما يؤكد أن السلطة الحكومية تعتدي على اختصاصات البرلمان بشكل فاضح، رغم أن الدستور سيج وظيفة السلطة التنفيذية بعدم اعتدائها على صلاحيات واختصاصات البرلمان، وهو ما أبانه الفصل 72: "يختص المجال التنظيمي بالمواد التي لا يشملها اختصاص القانون"، بمعنى أن كل ما يدخل في مجال القانون فلا ينبغي أن يطاله اعتداء من طرف السلطة الحكومية.
حدث اليوم ... منع البرلمانية " نبيلة منيب " من الدخول للبرلمان ... منع يثير الكثير من الإشكالات الدستورية .. بل يجعلنا أمام سؤال محرج: هل يعبر الدستور عن الإرادة العامة ؟؟؟ هل قوة الدستور في وضعنا اليوم في قوة السلطة التنفيذية ؟؟؟
فد يجيبنا البعض بأننا نعيش في ظل " قانون الطوارئ " وهذا القانون قد منح السلطة للحكومة لتتخذ كل قرار يناسب الوضعية ولو ببلاغ ... لو صح هذا الرأي فإننا نكون قد دخلنا وضعية خطيرة، وضعية لا يمكن وصفها إلا بالانقلابية، الانقلاب على التراتبية المطلوبة ... التراتبية التي رسمها الدستور ...
وهكذا سيصبح ما هو اسمى في مرتبة أدنى، ومن هو في مرتبة أدنى في مرتبة أسمى.... ذلك أن ما اختص به البرلمان بنص الدستور يصبح في مرتبة أدنى حتى من مجرد بلاغ حكومي لا يبرز له أثر ...ومن المؤكد أن التركيبة الحكومية بأغلبيتها في الولاية التشريعية السابقة قد تواطأت على إقرار هذه الوضعية غير الدستورية والقانونية، وكان اللجوء إلى المحكمة الدستورية كفيل بتبيان عوار قانون الطوارئ، لا سيما مع تغول السلطة حكومية.... وهو التغول الذي نبهنا له أكثر من مرة ولكن لا مجيب ..
اليوم ... الإثنين 25 أكتوبر 2021 ... نجد أنفسنا نعيش حالة استثناء .. منع البرلمانية " نبيلة منيب " من الدخول للبرلمان ... واقعة ووضعية تتطلب التصحيح ... الكارثة والمصيبة الكبرى هي انحياز رئيس المؤسسة النيابية إلى بلاغ السلطة الحكومية في انحياز ضد ممثلي الأمة ... وهو الذي كان يفترض فيه أن يحقق التوازن مع السلطة الحكومية، لا سيما من خلال التقنين والرقابة على فعل السلطة في ظل ظروف الجائحة، ومدى حرصها على عدم الاعتداء على حقوق وحريات المواطنين... والمصيبة الأعظم هو صمت جل البرلمانيين على السطو عن حقهم الدستوري ...
ما وقع اليوم هو ترسيخ لفكرة أن البرلمان لا يراد له أن يكون غرفة تسجيل وتصديق على القوانين...، بل أن يصبح مجرد ملحقة للسلطة الحكومية... حيث يكتفي رئيس المجلس النيابي بلعب دور عون سلطة وهو يراقب جوازات التلقيح ....هزلت! هزلت !! هزلت !!!
ويظل السؤال: ما الذي ينتظر من النواب، وبالأخص من يعدون أنفسهم في المعارضة، من هذه الوضعية الشاذة والمستغربة والمرسخة لشمولية السلطة ولتغولها.