"معادلة أخنوش": تحت السلطة في أكادير وكل السلطة في الرباط

"معادلة أخنوش": تحت السلطة في أكادير وكل السلطة في الرباط عبد الوافي لفتيت (يمينا) وعزيز أخنوش (يسارا)
قبل أن يقع تعيين عزيز أخنوش رئيسا للحكومة ظفر الرجل بمنصب عمدة أكادير، وبتعيينه رئيسا للحكومة دون تنحيه عن العمودية يكون أخنوش أول رئيس حكومة وعمدة في ذات الوقت، وفي انتظار خطوة جريئة من الرجل يعلن فيها تخليه عن العمودية وتفرغه لرئاسة الحكومة وجبت الإشارة فقط إلى ما قد يعيشه العمدة ورئيس الحكومة في الآن نفسه من حرج وهو يجمع بين المنصبين. 
في مجلس مدينة أكادير فأخنوش مجرد رئيس مجلسها الجماعي، وبالتالي فإن مقررات مجلسه لا تكون قابلة للتنفيذ إلا إذا صادقت عليها سلطة الوصاية، ونقصد بسلطة الوصاية وزارة الداخلية في شخص الوالي أو العامل، ثم إن القرارات التنظيمية التي يتخذها أخنوش كعمدة في أكادير هي مرهونة بتأشيرة وزارة الداخلية، وقد ترفض الداخلية لأخنوش كل أو بعض تلك القرارات، بل إنه يمكن للداخلية أن تحل محله حسب مقتضيات الفصل 77 من قانون الميثاق الجماعي، وقس على ذلك من خضوع العمدة للداخلية.
لكن حين يصل اخنوش الى الرباط ويرتدي رداء رئيس الحكومة، ويتحلل من ثوب العمودية، فإنه يصبح "باطرون وزارة الداخلية" ورئيسها، ويخرج من رقابتها عليه في أكادير، وهذه خلطة سياسية عصية على الهضم والفهم والتحليل، يكون فيها بين أخنوش والداخلية كر وفر في رحلة بين أكادير والرباط، وقد تكون القطرة السوداء التي تلوث الماء الزلال، لذلك أسميتها ب"معادلة أخنوش". 
لو فعلها غير أخنوش لهان الأمر ، ولو جمع غير أخنوش بمنصبي عمدة المدينة ورئاسة الحكومة لقال الناس فيه ما يمكنهم قوله، لكن أخنوش هو من ألهب حماس عدد كبير من الناس وباتوا يراهنون عليه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأنهم رأوا أن أخنوش رجلا بحجم حزب كامل، ولأن إقبال الناخبين على حزب الحمامة بكثافة غير مسبوقة كان يحمل في ثناياه إقبالهم على شخص أخنوش، لاسيما وأن صناديق الاقتراع كانت تعرف حزب التجمع الوطني للأحرار منذ إنشائه سنة 1978 ، ولم يسبق لها أن بوأته الصدارة، حتى جاء أخنوش.
بات لزاما ومن باب الحكامة والحكمة ولو أن السياسة لا تعترف بالحكمة، أن يتفرغ أخنوش لرئاسة الحكومة وأن يعكف على المشاريع الكبرى سواء تلك التي قطعها على نفسه أمام الناخبين، والتي ستكون امتحانه الكبير في الخمس سنوات المقلبة، أو تلك التي يتطلبها تنزل المشروع التنموي ، أو تلك التي تضمنها برنامجه الحكومي، فإذا كان فعلا قد حان وقت العمل والجد كما أكد على ذلك رئيس الحكومة، فإن هذا الجد والعمل لن يتأتيا إلا بالقطع مع الاستئثار بالمناصب وتجميعها في اليد المسؤول الواحد، فيختلط الأمر على المسؤول ويقع له ما وقع للغراب يوم أراد الاقتداء بمشية الحمامة فأضاع مشيته وبات ينط وينط ولا زال ينط.
ننتظر أن يفوض أخنوش سلطات عمودية أكادير لغيره، وفي انتظار ذلك تبقى معادلة "تحت السلطة في اكادير وكل السلطة في الرباط" فوق قانون الفيزياء والرياضيات والعقل والمنطق، وتشي بخروج مائل من"الخيمة"، وتساءل قانون التنافي.