ما هو اصطفاف جماعة العدل والإحسان بشأن تحرش الجزائر بالوحدة الترابية؟

ما هو اصطفاف جماعة العدل والإحسان بشأن تحرش الجزائر بالوحدة الترابية؟ العبادي الأمين العام لجماعة العدل والإحسان (يسارا) وحسن بناجح

يعري أبو وائل الريفي، في بوحه الأسبوعي بموقع "شوف تيفي" جماعة العدل والإحسان بفضح خطابهم وممارستهم تجاه كل نجاح للمغرب، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي؛ مشيرا إلى أن الشعب المغربي لم ولن يلتفت لكل الحجج التي ساقتها الجماعة قبل وخلال الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، إذ أن المغاربة شاركوا بكثافة في الانتخابات رغم الظرفية الاستثنائية التي جرت فيها؛ معتبرا أن هذه المشاركة الكثيفة كانت أكبر ضربة تلقتها الجماعة، والتي لم تتعرض لمثلها منذ 2006 سنة، والتي هي سقوط أوهام “القومة الموعودة"...

 

الملاحظ هذا الأسبوع أن الضرر من نجاح المغرب لم يعد يقتصر على الطوابرية الأفراد الذين يرون في كل نجاح للمغرب ضررا لهم وإضرارا بولاءاتهم ومصالحهم، ولكنه تعدى ذلك هذه المرة إلى تنظيم ما يزال يحن إلى زمن غابر وأيام خوالي. إنه جماعة العدل والإحسان. لقد وضعت الجماعة كل بيضها في سلة مقاطعة هذه الانتخابات، واستعانت بكل وسائلها وعلاقاتها في التعبئة للمقاطعة، ووظفت اليسار في ذلك، وصار عندها إنجاح المقاطعة مسألة مصيرية، وعولت على هذه المناسبة لتحريك صفها المتآكل قبل جائحة كورونا ولو أن قيادة الجماعة تحاول التنصل من فشلها وإلصاق تهمة الجمود في الظرفية الوبائية. فماذا حدث؟

 

لم يلتفت الشعب لكل تلك الحجج التي ساقتها الجماعة وشارك المغاربة بكثافة في الانتخابات رغم الظرفية الاستثنائية التي جرت فيها. وكانت هذه أكبر ضربة تلقتها الجماعة والتي لم تتعرض لمثلها منذ 2006 سنة سقوط أوهام “القومة الموعودة” لأنها اكتشفت وزنها عند الشعب ومكانتها عند المغاربة. ويمكن للجماعة أن تصارح المغاربة وتقدم كشف حساب بعدد المتفاعلين مع نداءاتها ومطالبها بمقاطعة الانتخابات في منصاتها الإعلامية والتواصلية. هذا تحدي سيفضح الجماعة ويبين أن حتى أعضاءها لا يتفاعلون مع دعواتها ومنشوراتها. لقد حاولت الجماعة الركوب على حالة العزوف وتحويلها بتحليلات متعسفة إلى مقاطعة وبدا التعسف واضحا لأنه لم ينطل على الرأي العام والمنتظم الدولي، ثم لعبت على التشكيك في نزاهة الانتخابات ولم تنجح في ذلك لأن الانتخابات جرت في ظل وجود أكثر من خمسة آلاف مراقب من الداخل والخارج وأمام أنظار الإعلام الدولي، وكل التقارير تشيد بنجاح التنظيم وحياد الإدارة ونزاهة الاقتراع وحجم الإقبال الكبير بالنظر إلى الظرفية الخاصة التي أجريت فيها. وخوفا من الارتدادات السلبية لهذا النجاح الانتخابي للمغرب على سيكولوجية وقناعات أعضاء الجماعة اتخذت الجماعة قرار خلط الأوراق وتكليف ناطقها الرسمي بإجراء مونولوغ يتحدث فيه عن كل شيء ويطلق نيرانه في كل اتجاه لعل هذه الطلقات تبقي على بعض مما تبقى من رصيد لدى قيادة الجماعة عند قواعدها التي تتآكل يوما بعد آخر لأن الكثير ممن نشأ في الجماعة وهو صغير صار اليوم أنضج وأقدر على اكتشاف الوهم والسراب الذي تبشر به الجماعة التي لم يتغير خطابها وهي تردد منذ ما يقارب نصف القرن أن النظام على وشك السقوط وأن الخلافة على منهاج النبوة على مرمى حجر وأن القرن هو قرن الخلافة. كان يرددها المرشد منذ القرن الثالث عشر الهجري فانتهى القرن ولم يتحقق شيء مما وعد به، وقالها في القرن العشرين الميلادي وها نحن في القرن الواحد و العشرين ولم يتحقق شيء مما تنبأ به، وقال بأن 2006 هي سنة القومة وقد مر عليها أكثر من خمسة عشر سنة ولم يتحقق شيء من نبوءاته، ولم يعد أمام الأعضاء إلا انتظار 2006 هجرية، وهي كذلك غير مضمونة رغم طول الانتظار لأننا ما نزال في 1443 هجرية. على هؤلاء الأعضاء انتظار أكثر من نصف قرن آخر!! هذا ما يتنذر و”يقشب” به الكثير من أعضاء الجماعة في مجالسهم غير الرسمية. الجماعة ليست إلا تجمع مصالح وكنز لا تنفذ خزائنه يغتني منه سدنة المعبد ويعززون به تسلطهم على رقاب مستضعفين تمتص دماؤهم ويقتطع من أجورهم إتاوات شهرية تحت مسمى المساهمة الشهرية لينفقوها على كماليات حياتهم وليستفيد منها موظفو الجماعة مثل حسن ولد الجيلالي الذي “يتبندر” أمام الكاميرات بملابس وحواسيب وهواتف من هذه الأموال التي تجمع بالدراهم ممن هم أولى بها وأحوج إليها.

 

لقد صارت الجماعة المحظورة في ضائقة فكرية وسياسية وهي ترى انكشاف حقيقة وعودها وسقوط أساطيرها وتوهماتها أمام حقائق الميدان التي يحققها المغرب داخليا وخارجيا، فلم يكن الحل إذن إلا تكليف دهاقنتها بإعداد هذا الذي سموه حوارا، وهو لا ينتمي إلى هذا الجنس لأنه أقرب إلى المونولوغ. فالموقع الذي أجرى الحوار هو موقع الجماعة ومن وضع أسئلة الحوار هم قيادة الجماعة وهم من تحكم في توقيت خروجه وهم من حدد كيفية نشره لتحقيق البروباغندا وسط قواعد الجماعة.

 

 

وجه ناطق الجماعة، الذي يفضل الصمت أكثر من الكلام لاعتبارات لا يعلمها الكثير من قواعد الجماعة، سهام النقد للجميع ولم يبق طاهرا حسب عرفه إلا الجماعة. للأسف، ما تزال النرجسية والطهرانية السياسية المفترى عليها سمة غالبة على الجماعة ولا تتواصل مع الكل إلا من موقع الأستاذية تمسك القلم الأحمر لتقويم الجميع وهو ما يؤكد أن مرور الزمن لم يزدها نضجا وواقعية.

 

تحدث ناطق الجماعة في كل القضايا بمنطق تقطار السم على الدولة ظنا منه أن ذلك يحرك شعرة منها أو اقتناعا منه أنها في حالة ضعف تستجدي موقفا منه أو من جماعته ومتناسيا أن الاصطفاف الوطني التزام تجاه الشعب وليس خدمة للدولة ينتظر بعده مكاسب أو عائدا. لم يميز بصراحة بين الدولة المغربية التي تدافع عن وحدتها الترابية وتتفادى بكل ما أوتيت من حكمة حماقات حكام الجزائر فـ ”ساواها” مع خطايا العسكر في الجزائر. وهذا أكبر خطأ. من يطلع على الخرجات الأخيرة للعدل والإحسان يكتشف حجم الجمود الذي تعيشه وحالة الاضطراب التي تعاني منها ودرجة التشتت والتراجع الذي تعرفه، ولذلك كانت خاتمة الحوار رسالة عاطفية إلى أعضاء الجماعة كلها استجداء وتحفيز واستغلال لهزيمة العدالة والتنمية.

 

للأسف، لا تحسن قيادة الجماعة قراءة التحولات الاجتماعية التي تعرفها تركيبتها البشرية سواء اجتماعيا أو دراسيا أو من حيث الوعي، وهو ما يجعلها اليوم أقل الفئات في المجتمع تجاوبا مع خطاب الجماعة المتكلس. ونصيحة من أبي وائل أن على الجماعة التزام الصمت ومراجعة قناعاتها ووضعيتها قبل الحديث في أي موضوع، فمن كان بيته من زجاج لا يغامر برمي الناس بالحجارة. هذا يكفي الآن. 

(المصدر: موقع "شوف تيفي")