محمد بوبكري: سياسة جنرالات الجزائر تقودهم إلى الانتحار وتفتيت بلادهم

محمد بوبكري: سياسة جنرالات الجزائر تقودهم إلى الانتحار وتفتيت بلادهم محمد بوبكري
يستغرب بعض الناس للكراهية الشديدة لجنرالات الجزائر للمغرب وحقدهم الدفين عليه؛ دون أن يعلموا أن سبب ذلك كامن في ما أحرزه المغرب من تفوق اقتصادي وعسكري على دولة جنرالات الجزائر، فتبخرت أحلام هؤلاء في طموحهم إلى احتلال موقع الريادة في المغرب الكبير، وبسط هيمنتهم على أفريقيا خدمة لأسيادهم حكام إيران وحكام ألمانيا، الذين حولوا جنرالات الجزائر إلى أداة للتوسع في المغرب الكبير ودول جنوب الصحراء… ومن ثمة السيطرة على أفريقيا ونهب خيراتها، ما يفيد أن جنرالات الجزائر قد صاروا أداة في خدمة إستراتيجية قوى امبريالية، وأخرى توسعية… هكذا، فقد سقط القناع عن قناع حكام الجزائر، فانفض العالم من حولهم، حيث اقتنع العالم بأنهم يحتضنون الجماعات الإرهابية ويمولونها، ما قد يؤدي إلى تصنيف جنرالات الجزائر ضمن حماة الإرهاب...
وكرد فعل على هذه الهزيمة، قام الجنرالات باستقدام "رمضان لعمامرة"، وعينوه " وزير خارجيتهم"، رغبة في أن يلمع صورتهم في الخارج، والحال أن أساليب عمل هذا الشخص قد صارت بالية ومتجاوزة، فلم يستطع إنجاز أي شيء لصالحهم، لأن أساليب اشتغاله قد تقادمت، ولم تعد تساير روح العصر. وهذا ما كرس الفشل الديبلوماسي للجنرالات، فأصبحوا منبوذين دوليا.
وتعبيرا عن حسن نيته، فقد مد ملك المغرب يده إلى حكام الجزائر من أجل المصالحة والتعاون في أفق بناء مغرب كبير قوي، لكن الجنرالات لم يقدروا، الأمر الذي ينم عن غبائهم، لأنهم يؤمنون في قرارة نفوسهم أن المغرب أقوى منهم اقتصاديا وعسكريا ودبلوماسيا، فراحوا يرددون في مختلف المحافل الجهوية والدولية أن المغرب يريد الصلح معهم، وأصبحوا يتوهمون أن هناك جهات خليجية ودولية تسعى إلى القيام بوساطات لإيجاد حل لصراعهم مع المغرب، علما أنه لم يقدم إليهم أحد أي عرض للصلح مع المغرب. لكنهم تمادوا في افترائهم، وراحوا إلى الجامعة العربية وقالوا إنهم يرفضون أي وساطة من هذا النوع… وقد ذهب "لعمامرة" إلى نيويورك بهدف الاستمرار في الهجوم على المغرب، لكن ردة فعل المجتمع الدولي كانت صادمة له، حيث رفضوا الاستماع إليه، بحجة أن لهم أولويات أكثر اهمية مما يريد التحدث لهم عنه، فانكشف عريه أمام العالم، فأحس هذا الشخص بنفور منه من قبل المسؤولين الدبلوماسيين، الذين ملوا من صراخه وعويله، فاكتشفوا أكاذيبه وافتراءاته، فبدا أمامهم، وكأنه نهض من قبر منسي، لا علاقة له بهذا العصر، فتعرض لصدمة قوية، كادت أن تصيبه بسكتة دماغية. ولما أخبر أسياده الجنرالات بما وقع له في الولايات المتحدة الأمريكية، أصيبوا بصدمة، جعلتهم يصعدون لهجماتهم ضد المغرب، فكان ذلك سببا من الأسباب الرئيسية التي جعلتهم يتخذون قرار إغلاق الأجواء الجزائرية في وجه الطائرات المغربية، لكن المغرب لم يعاملهم بالمثل، ولجأ إلى الصمت، لأن الصمت حكمة؛ فالمغرب يربأ بنفسه عن السقوط في الصراخ والعويل، لأنه رصين وحكيم، ما أصاب حكام الجزائر بحيرة كبيرة جعلتهم عاجزين عن فعل أي شيء؛ فالإنسان الصموت حكيم، لأنه متحكم في أعصابه؛ وهو يثق بنفسه، ما يساعده على إخفاء قوته وإمكاناته، ولا يمكن لاحد أن يصل إلى ما يجري في خلده. ومادام جنرالات الجزائر لا يتوقفون عن ترديد المغرب متشبث بالصلح معهم، فإن هذا يؤكد أنهم لا يعرفون المغرب، والحال أن المغرب يعرفهم جيدا، ما جعله لا يعير أي اهتمام لما يتفوهون به من هراء وترهات.. وانطلاقا من تكرارهم للازمة آن المغرب يرغب في الصلح معهم، فإن هذا يؤكد عكس ذلك، حيث إنه يفيد أنهم يشعرون بضعفهم أمام المغرب، ويطلبون من العالم أن يتوسط لهم مع المغرب. لكن المغرب قد كان صادقا لما مد يده إليهم، رغم أنهم اعتدوا عليه مرارا منذ ستينيات القرن الماضي. لذلك، لقد منحهم فرصة، ولن يمد يده إليهم مرة أخرى، ما يفرض فعليهم أن يجدوا حلا للمشاكل التي خلقوها للمغرب. وبدون ذلك، فليفعلوا ما شاؤوا إن وجدوا إلى ذلك سبيلا…
وكعادته، لقد استمر "عبد المجيد تبون" في كذبه على الشعب الجزائري، حيث قام مؤخرا بنشر فيديو يتحدث فيه عن أن عائدات البترول والغاز قد ارتفعت، الأمر الذي رفضه خبراء جزائريون، لأن كلام هذا الشخص قد كشف أن اقتصاد دولة الجنرالات هو اقتصاد قائم على الريع، لأن الاقتصاد الجزائري لا يصنع أي منتوج صناعي. كما أن الشعب الجزائري لا يستفيد أي شيء من هذه العائدات التي يتم نهبها من قبل الجنرالات، الذين يهربونها إلى الخارج. لقد كان في إمكان الجزائري أن يعيش في رفاهية، كما هو الحال في بلدان الخليج، لكن الجنرالات يرفضون توظيف هذه العائدات من أجل تحسين أحوال الشعب الجزائري، فأصبح هذا الشعب فقيرا يعاني من الجوع، رغم أن بلاده غنية بمواردها الطبيعية. كما أن حكام الجزائر لم يستثمروا هذه العائدات في تنمية الاقتصاد الجزائري، الذي أصبح عاجزا عن إنتاج أي شيء، ما جعل البلاد لا تصدر شيئا، الأمر الذي يفند ادعاءات" تبون"، الذي تحدث مؤخرا عن أن للجزائر عائدات أخرى غير عائدات البترول والغاز، الأمر الذي اعتبره خبراء جزائريون أنه كذب في كذب، حيث إن الجنرالات يأخذون العملة الصعبة من الخزينة الجزائرية بدعوى أنهم يريدون استيراد مواد يحتاجها الشعب الجزائري. وبعد استيراد هذه المواد يقومون بتغيير تعليبها في الجزائر، حيث يكتبون عليها أنها مصنوعة في الجزائر، وبعد ذلك يقومون بتصديرها إلى بعض البلدان الأفريقية. وبعد بيعها في هذه البلدان يهربون العملة الصعبة إلى حساباتهم الشخصية في الخارج، ما يكشف أن هذه العملية هي مجر تحايل لتهريب العملة الصعبة إلى الخارج...
هكذا، فإذا كانت السياسة فوق القانون في أغلب الدول، فإن الجنرالات في الجزائر هم فوق السياسة، كما أنهم فوق الرئاسة، أضف إلى ذلك أنهم يعلون على القانون والمجتمع، حيث أصبحوا متحكمين في كل شيء في الجزائر والمجتمع...
وتعبيرا عن قيمه الرفيعة، فقد قام ملك المغرب بتقديم تعزية إلى حكام الجزائر بعد رحيل كل من "عبد الغزيز بوتفليقة" و"عبد القادر بن صالح"، لكن جنرالات أبانوا عن كونهم عديمي الأخلاق تجاه "بن صالح"، حيث نظموا جنازة مهيبة لـ "بوتفليقة"، ولم يفعلوا مثل ذلك لـ "عبد القادر بن صالح"، رغم أنهما كان "رئيسين" للبلاد. وهذا ما كشف انحياز الجنرالات إلى "بوتفليقة"، الأمر الذي جعل الرأي العام يكتشف تنكر هؤلاء الجنرالات لـ "بن صالح"، رغم أنه كان تابعا لهم، كما كان حال بالنسبة لـ "بوتفليقة".
إضافة إلى ذلك، فقد أصبح الجنرالات يراقبون الجزائريين الذين يسافرون إلى الخارج، حيث أصبحوا يطلبون من شركات الطيران التي تنقلهم مدها بمعطياتها الشخصية، التي تجيب عن الأسئلة الآتية: من هم هؤلاء المسافرين؟ وإلى أين اتجهوا؟ وكيف أدوا ثمن التذكرة؟... تؤكد هذه الأسئلة أن الشعب الجزائري قد أصبح يرعب الجنرالات، وأن دولة الجنرالات هي دولة بوليسية تعتدي على حرية الجزائريين. وهذا ما يؤكد أن الجنرالات لم يعودوا يخونون حركة "الماك"وجماعة "رشاد"واهالي "القبايل"، بل إنهم مقبلون على تخوين الشعب الجزائري برمته.
وتجدر الإشارة إلى أنه سيصدر قريبا كتاب جديد من تأليف جنرالات جزائريين تحت عنوان "ربيع الإرهاب في الجزائر"، حيث يتضمن هذا الكتاب وثائق تؤكد تورط الجنرالات في ممارسة الإرهاب ضد الشعب الجزائري خلال العشرية السوداء" في تسعينيات القرن الماضي، كما أن هذا الكتاب يفضح جرائم "خالد نزار" و"توفيق محمد مدين" و"شنقريحة" و"عبد العزيز مجاهد" وأفراد عصابتهم. أضف إلى ذلك أن هذا الكتاب يتضمن وثائق تؤكد أن "شنقريحة" كان وراء إضرام الحرائق في منطقة "القبايل آنذاك". وقد قتل هؤلاء الجنرالات حوالي نصف مليون جزائري في تلك الفترة، بحجة أنهم كانوا يحاربون الإرهاب، الذي كانوا هم أصله وفصله... لذلك، فإن جنرالات الجزائر متخوفون من صدور هذا الكتاب الذي يكشف حقيقتهم ومؤامراتهم ضد الشعب الجزائري...
لقد قرر جنرالات الجزائر قطع علاقاتهم مع المغرب في الرابع والعشرين من شهر غشت ألف وتسعمائة وأربعة وتسعين، وهو اليوم الذي نظموا فيه هجومهم الإرهابي على فندق أطلس أسني بمراكش. وقد تأكد بعد ذلك أن هذه العملية الإرهابية قد دبرتها المخابرات الجزائرية، ما يعني أن حكام الجزائر قد اختاروا هذا اليوم ليقولوا للمغرب: لقد ضربناكم في الداخل في هذا اليوم، ونريد ان نؤكد لكم اليوم بقطع علاقتنا الدبلوماسية معكم أننا سنضربكم أيضا في الخارج. هكذا، فإن الأمور لا تحدث فجأة، بل إنها مقصودة ومدروسة من قبل حكام الجزائر...
وللتدليل على فعالية الدبلوماسية المغربية، فإن كلا من قائد القوات الأمريكية في أفريقيا ووزير الدفاع الإسرائيلي سيقومان بزيارة قريبا للمغرب، حيث سيتم توقيع اتفاقيات للدفاع المشترك، كما أنه سيتم التوقيع على اتفاقيات تمكن المغرب من أن يصبح من صناع الأسلحة، ما سيجعل منه قوة جهوية مهمة... كما أن عملية نقل قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا من ألمانيا إلى المغرب قد صارت مؤكدة، لأن الولايات المتحدة الأمريكية نرغب في ذلك، وهي في انتظار موافقة المغرب عليها. ويؤكد خبراء دوليون أن زيارة هذين الوفدين ستتوج بالتوقيع على اتفاقيات مهمة سيكون لها ما بعدها، حيث ستتضمن اتفاقيات دفاعية جديدة، ما يعد أمرًا مهما، كما أنها ستمكن المغرب من الاستفادة عسكريا وماليا... وهذا ما يؤكد أن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بشرعية سيادة المغرب على صحرائه لن تطرح أبدًا للنقاش، على عكس ما يأمله بعض خصوم المغرب، الذين صار مؤكدا أنهم سيخرصون… وتشكل هذه الاتفاقيات ردا أمريكيا على الهراء الصبياني لحكام الجزائر.
فضلا عن ذلك، لقد نظمت مؤخرا حركة "الماك"، المطالبة باستقلال منطقة "القبايل"، مظاهرات للدفاع عن قضيتها في "باريس" و"الدانمارك" و"مدريد". وقد تميزت مظاهرة مدريد بمشاركة مكثفة لبرلمانيين وسياسيين إسبان من مشارب مختلفة، ما دفع بعض الملاحظين إلى استنتاج أن الأمر يتعلق بتحول كبير في الموقف الإسباني، حيث تدل المشاركة المكثفة للسياسيين الإسبان أنهم سيساندون مطلب استقلال منطقة "القبايل"، الامر الذي شكل رسالة صادمة لحكام الجزائر، حيث بات مؤكدا أن إسبانيا ستنقلب عليهم.
هكذا فقد صار مؤكدا أن الجنرالات يسيرون بالجزائر في اتجاه انهيار كيانها وتفتته، لأن هناك مؤشرات كثيرة تدل على أن تقسيمها قد صار وشيكا، كما أن الجنرالات سيتعرضون للمحاكمة، وسيفرض عليهم إرجاع ما نهبوه من الملايير، التي هربوها إلى الخارج.
علاوة على ذلك، فقد بعث حكام الجزائر كلا من الجنرال "قايدي" والجنرال "مجاهد" إلى فرنسا من أجل إقناع المسؤولين الفرنسيين بتوقيف نشر كتاب "ربيع الإرهاب في الجزائر"، الذي يفضحهم ويعري ممارساتهم الإرهابية ضد الشعب الجزائري.. لكنهم لم يفلحوا في ذلك، لأن حكومة فرنسا لا تقبل بذلك. ويرى بعض المحللين أن فرنسا لم تمانع في نشر هذا الكتاب، حيث كان في إمكانها أن تحول دون نشره، لأن لها مصالح إستراتيجية مع الجنرالات. وما دام المسؤولون الفرنسيون لم يتدخلوا للحيلولة دون نشره، فإن هذا يدل على أنهم يريدون التخلص من الجنرالات، الذين لا يزالون مستمرين في خرق حقوق الإنسان، الأمر الذي يدينه الرأي العام العالمي، ولا تقبل فرنسا الديمقراطية أن تحسب عليها الممارسات القمعية لجنرالات الجزائر. لذلك، إن فرنسا لا تمانع في دمقرطة النظام الجزائري، ما يعني زوال العسكر...