اسمهان عمور: خيانة ذاكرتنا الإعلامية!!

اسمهان عمور: خيانة ذاكرتنا الإعلامية!! اسمهان عمور
هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟
هل يستوي الذين ظلوا حافظين لما في رفوف الذاكرة كالذين كنسوها بخرطوم كهربائي فتبعثر الكل؟
اعتمدت كثير من القنوات في احترام تام لجمهورها على ذاكرة مرئية باللونين الأبيض والأسود تطعم بها مساحات البث، بل تجعل منها قنوات متخصصة في الأرشيف الذي كان أصحابه إعلاميون ومثقفون وفنانون هم المادة الماسية لهذه القنوات حتى باتت من أغنى ما يمكن أن يمنح الى جمهور تختلف أجياله.
مصر . تونس الجزائر . السعودية، وغيرها من القنوات الأجنبية الاخرى حرصت على اطلاق قنوات تحفر في ذاكرة إعلامها المرئي فتعد بحق مادة إعلامية ماسية بامتياز من حوارات مع رموز الثقافة كتوفيق الحكيم وطه حسين ومصطفى محمود ومحمود العالم وغيرهم وبث برامج فنية مع مؤسسي الأغنية العصرية وكذا الفن الشعبي في تونس لنعلم في حوار نادر مع الفنانة الراحلة علية التونسية بأن قصيدة رسالة من تحت الماء للشاعر السوري نزار قباني والحان محمد الموجي كانت على اهبة لتسجيلها بعد ان تدربت عليها لتجد عبد الحليم حافظ قد اقتنصها.. وهي أسرار فنية التي لولا بث هذا الحوار في قناة تونسية مهتمة بالارشيف لما علمنا بالواقعة !
قنوات أخرى تمجد الماضي المبهر للفن في أوروبا وتحديدا فرنسا حيث قنوات يتنافس فيها جيل جديد على أداء أغاني الرواد بعد بث سهراتهم باللونين الأبيض والأسود فينصهر الحاضر بالماضي حفاظا على ذاكرة أجيال ذهبية بإمتياز صنعوا مجد الأغنية الفرنسية فتبوأت مكانة متقدمة في مقابل ظهور انواع اخرى آنذاك كالخنافيس الإنجليزية /البيتلز/والبوب مع الفيس بريسلي . أما القنوات العربية التي تمجد ذاكرتها فهي الأخرى حريصة على مد جيل جديد من المشاهدين بذخيرة هي اللبنة الأساس في صيرورة ثقافية وفنية.
فلماذا تمت خيانة ذاكرتنا الإعلامية؟ ولماذا لم نرق الى حفظ خزان من العطاء الفكري والفني والسياسي حتى ننضم إلى قائمة الخلص الذين لا يردون إلى ارذل العمر فلا يعلمون بعد علم شيئا؟
إلا يحق لجمهور /اعطيني صاكي/وانت باغية واحد/ان يطلع على ذاكرة غناؤها مليء بالقيم؟
إلا يحق لجيل جديد ان يكتشف مسرحيات الدغمي والشعيبة العذراوي؟
إلا يحق للذين بلغوا من العمر عتيا أن ينبهوا ذاكرتهم التي بدأ يتسلل اليها الخرف بسهرات الأبيض والأسود ؟
لماذا نتنصل من ذاكرتنا الإعلامية وبالتالي من ماضينا ووأد البدايات؟