محمد العربي هروشي: الاتحاد الاشتراكي..الفينيق الذي لابد أن ينهض من الرماد

محمد العربي هروشي: الاتحاد الاشتراكي..الفينيق الذي لابد أن ينهض من الرماد محمد العربي هروشي
ما حدث بعد 8 شتنبر 2021 هل يحكم ما قبله أو ما بعده؟
ذاك في حكم الغيب، لقد استفاق المغاربة على مشهدين اثنين :
أولهما، سقوط مدو لحزب أغلبي تغول لعهدتين حكوميتين متذرعا بشعرات تنتمي إلى السماء منفوخ فيها بمزمار الشعبوية، وأخرى برغماتية تنتمي إلى تفاصيل التراب، حيث الريع وموائد المن والسلوى، وبريق الحياة المادية ومغنطيس الأرائك الوزارية الوثيرة يخرس أي لسان.
وثانيهما ،القول بمعاقبة المواطنين لحزب كذب عليهم وأضلهم إضلال السامري ،ومهما يكن الأمر من رقم المشاركة التي بلغت مبلغا تاريخيا حسبما صرحت به وزارة الداخلية والتي حددتها في أكثر من 50 في المئة، ومهما يكن من تضافر شروط أخرى ذاتية وسياقية من قبيل الإحباط الذي وصل بالطبقة المتوسطة شأوا بعيدا، وما مس من خيبة أمل للطابور السادس المتواري عن الأنظار والذي انفض من حول العدالة والتنمية بعد التوقيع الشهير ،ساعدت على سقوط حر لحزب كان لحدود ليلة الاقتراع ينفخ أوداجه أمام المكروفونات والشاشات واعدا بهيمنة من قبيل الهبة أو القومة، ماحقة لكل ألوان الطيف السياسي(لست أدري من أين هذا الاطمئنان ؟) حدث ما حدث وانكمش حجم الحزب الأغلبي في حدود 12 مقعدا وهو رقم غير وتري، يبقى محمودا لكن القضاء والقدر، من عليهم بزيادة مقعد ليتحول رقم الانكماش إلى 13 وهورقم ...على كل حال" ليس منا من تطير".وإذن كشفت الأرقام على تحليق الحمام بعيدا متبوعا بجرار يجرف ويحفر، وقد استرجع أصواته بعد خفوت.
متبوعا بميزان يقاوم الاختلال منذ أكثر من 60 عاما، ثم يقفى عليهم بحزب الوردة التي اختبرت واختبرها التاريخ في رجالاتها والتي كانت ترفع دائما شعار القوات الشعبية لخدمة الوطن أولا.
لقد علقت القيادة السياسية لحزب الوردة أمالا وإصرارا على المشاركة في حكومة الثلاثي اليميني الأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، تحت الشعار ذاته " الوطن أولا" ورأت أن من حقها المساهمة في حكومة أخنوش المعين من طرف الملك وفق الدستور المعدل 2011 .
ماهو البرنامج الذي سينفذه الحزب لو حظي بقبول الثلاثي الحكومي ؟
الملاحظ أن كل البرامج منذ الاستحقاقات الفائتة وهي كالبقر المتشابه، الكل يستنسخ من البعض، لغة واحدة ووعود حالمة واحدة، وصوت واحد، رغم تعدد الرموز والشعارات والألوان.
قبل أن يفصح أخنوش عن اتلافه الحزبي الحكومي المثلث الأضلاع، صرح الكاتب الأول لحزب الوردة بمنتهى البيان، أنه لنا مقعد في الحكومة لتنفيذ برنامج النموذج التنموي، ولما كان هذا هو الهدف الذي صرح جل الأحزاب السياسية ، كان المنطق يقتضي اللجوء إلى حكومة اتلاف وطني من جميع الأحزاب، وكنا وفرنا على بلادنا الملايير من أموال دافعي الضرائب التي ذهبت في حملات باهتة .
الاتحاد الآشتراكي في نظري المتواضع ،وأنا ابن الدار ،أخطأ ليس فقط حينما أعلن عن رغبته ليصطف إلى جانب اليمين في حكومة أخنوش وإنما لما شارك بمقعد حكومي واحد منزوع السيادة ،بعد أن تحولت وزارة العدل إلى مجرد وزارة للتدبير الإداري للموظفي القطاع، ومنصب على رأس البرلمان في معادلة ديموقراطية سوريالية، بدد ما تبقى من رصيده النضالي التاريخي الذي يشهد به الخصم قبل المناصر،عبر مواقف تاريخية صارمة من نيروبي وموقف الاستفتاء إلى إلى محاربة الفساد مع حكومات المانغنطيس، وما تلا ذلك ،إلى الاستجابة لنداء المرحوم الملك الحسن الثاني لإنقاذ" الوطن أولا "من السكتة القلبية.
فهل الآن يستطيع الفينق أن ينهض من رماده ؟
سؤال محير، شائك، صعب لكنه، في نظري المتواضع، غير مستحيل:
إذا ما تجاوز المناضلون الخلص صدمة الطرد من جنة المشاركة في الحكومة بالطريقة غير المستساغة التي عومل بها حزب لقد أدى للدولة جليل الخدمات، وحجب عنها عظيم الأخطار والصدمات، زمن العهد الأول من عهدة المرحوم عبد الرحمن اليوسفي، فيما سمي بالتناوب التوافقي.
إن من شروط اللحظة التاريخية الراهنة لكي يعود الحزب ليس فقط إلى المعارضة وإنما إلى هويته الأصيلة الاشتراكية الاجتماعية أن يتصالح مع ذاته، بدءا بتجديد قيادته ونخبه وفسح المجال لكل اتحادي غاضب أن يعود إلى الحزب لممارسة النقد الذاتي وبناء مستقبل رؤيوي يمتح من ينابيع الورقات والأدبيات الحزبية الاتحادية لا ليستنسخها، وإنما ليبدع في ضوئها إيديولوجية الخاصة به وخطة طرقه ومشروعه المجتمعي وفق قناعة مناضليه ومفكريه ومثقفيه و...إلخ.
أستحضر هنا والآن الحاجة إلى المهدي وإلى الجابري وإلى جسوس وإلى برادة وإلى الساسي وإلى الحبابي وغيرهم منهم من على قيد الحياة ومنهم من في ذمة الله عليهم أوسع الرحمات، أجل يمكن للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن يبرهن للشعب المغربي على نداء" للوطن أولا" ممكن إذا ما تحملنا جميعنا بوصفنا اتحاديين بلا حدود أن نهرع إلى إنقاذ الحزب لأن في إنقاذه حقا إنقاذ للوطن بمعية رفاقنا الذين ينتظرهم الكثير لرص الصفوف لنبني جدارنا الصيني الممانع ضد التوحش الليبرالي المعولم .