مصطفى الويزي: وهم الانتصار في صورة...

مصطفى الويزي: وهم الانتصار في صورة... مصطفى الويزي

الصورة صادمة... لا يمكن أن ندع صورة فرح هنا وهناك في مقرات بعض الأحزاب اليسارية التي فشلت في انتخابات 8 شتنبر تمر مرور الكرام... فقد أحسسنا، نحن من نتعاطف مع الموجة اليسارية بشكل عام، بمرارة وخيبة اللحظة... بينما نجد من يبيعنا بفظاعة مقيتة وهم الانتصار... هي إذن الكارثة التي تهددنا، أن نعيش وهم انتصار لحظي بصورة خادعة في غمرة انتصار آخر نعرف أنه هو الآخر مجرد وهم...

 

الصورة صادمة...  بل هي صورة قاسية. ضحك وفرح و شكر للناس على الثقة. عن أي ناس تتحدثون يا ناس؟ عن أي ثقة تتحدثون يا ناس؟ فرعي اليسار المشارك حصلا بالكاد على مقعدين اثنين عبر الكوطا، أي هذا الذي سميناه جميعا يوما ما بالريع... أتذكرون أم أنه ضروري العودة للتذكير، عل الذكرى تنفع وتعظ المومنات والمومنين؟ نحن يا سادة يا كرام فشلنا لم ننجح حتى في دوائر القرب من المواطن البسيط !!!

 

الصورة صادمة... في وقت قصير جدا و بعد مرحلة أزمة مفاجئة رأينا شبابا من هنا وهناك تركوا "الفتنة" ورائهم وراحوا يصارعوا الحيتان الانتخابية الكبرى... مدججين فقط بإرادتهم وحماسهم وقوة ارتباطهم بأملهم في المستقبل وأفكارهم الصافية بل المثالية أحيانا... وتمت تغطية عدد من الدوائر بسرعة بالغة... قوة بشرية وفكرية لا توجد إلا عند القليل... لكنهم سيصدمون في الميدان...

 

الصورة صادمة... دعوا عنكم الآن الفساد فهو معطى موضوعي نعرفه سلفا... لكن الشباب سيصطدم بضعف التنظيم وضعف التدبير وضعف التوجيه وبالتالي ضعف القيادة... يبدو أن فكرة المشاركة لازالت مضببة و تكسوها غيوم المقاطعة... فهي إذن سفينة ببحارة ماهرين وأقوياء تركت لتبحر لوحدها أمام شراسة اليم... هل كانت هناك هيكلة انتخابية على المستوى الوطني وعلى مستوى الجهات والأقاليم؟ حتى إن وجدت فهي جد ضعيفة وفعاليتها أكيد كانت غائبة...

 

الصورة صادمة... كنا نعرف أن اليساري سيصطدم بقوة المال وسماسرة الانتخابات ومساعدة بعض رجال السلطة لمرشحين معينين وكنا نعرف أن  طوابير السيارات الرباعية الدفع عند الخصوم والتخمة في الأوراق الموزعة تعمل الفرق... لكن لماذا تأخرت التنظيمات اليسارية في تدبير الانتخابات؟ لماذا لم تفكر في حلول على بعد سنتين على الأقل لكل المشاكل العالقة والمعروفة... قالها جون دو لافونتين يوما: لا شيء يدعو إلى السرعة، لكن يجب الانطلاق في الوقت المناسب...

 

الصورة صادمة... مستحيل يقول بعضكم...! لا مستحيل مع الأمل... سأقود لكم تجربة يسارية من زاكورة تم التخلي عنها يوما ذات لحظة انتخابية، فطارت بأجنحة حزب قريب لكن بنفس الجوهر والروح... اليوم وبعد الثامن من شتنبر هذه التجربة تحصد انتصارا كبيرا بفوز في البلدية والبرلمان ومقعد ثاني في البرلمان عبر اللائحة الجهوية... ولولا القاسم اللعين لكانت النتيجة أكبر... لا مناص من ربط نضالات الفروع بآليات جديدة تهم المراكمة والرسملة والاستثمار البعيد...

 

الصورة صادمة... مرشحات ومرشحون بحظوظ معقولة تركن وتركوا بدون إمكانيات في الحد الأدنى، بدون تمكين على المستوى التواصلي والتدبيري للزمن الانتخابي... الكل كان يشتغل بوسائله الخاصة وبما أوتي من معرفة وقدرة فردية، بدون أوراق، بدون مال في الحدود الدنيا... هناك من كان يقطع المئات من الكيلوميترات عبر وسائل النقل العمومي ...!!!

 

الصورة صادمة... لما الفرح بينما نحتل آخر اللوائح؟ لما الفرح وكل ما حققناه أتى عبر الكوطا؟ لما الفرح ومرشحونا ومرشحاتنا فشلوا وفشلن في إقناع المواطنات والمواطنين... المال الوسخ تقولون؟ أوكي، ممتاز، لن أسوق أمثلة وطنية بل أجنبية... كيف تغلب فلاحو البيرو على ملايير كايكو فوجيموري؟ كيف نجح بوديموس في اختراق المشهد السياسي لإسبانيا في ظرف لا يتجاوز الأربع سنوات؟ والأمثلة كثيرة...

 

الصورة صادمة... حان وقت التأمل في أسباب الأعطاب التي تلحق اليسار على المستويين التنظيمي والسياسي والفكري... جلسات النقاش الهادئ يجب أن تتجاوز الحروب الصغيرة والأنانيات الصغيرة والانتصارات الصغيرة، لينطلق التفكير في الحلول الكبيرة... أنا من الذين يؤمنون بأن فكرة اليسار في المغرب لها وجاهتها ومكانتها وأحقيتها لكن ليس بالممارسة الحالية ولا بالجهاز المفاهيمي الحالي... التغيير يبدأ من القدرة على التحول الذاتي...

 

الصورة صادمة... الحديث عن الفشل هو أول غيث الإصلاح والتقويم... الأعطاب كثيرة ومتنوعة وتعدادها من قبل أهل الدار كفيل بتحديد أهميتها وكيفية تجاوزها... لعبة النظر للمرآة يجب أن تكون صادقة ومستشرفة... لا أظنكم نسيتم أسطورة نرسيس الذي غضبت عليه الآلهة وراح ليشرب فسقط في حب صورته هو عندما رآها في الماء... فلا رؤية للمستقبل بدون تجنب مرض النرجسية اليسارية الطفولي...

 

الصورة صادمة... تعلمون كما أعلم أن قيادات اليسار لن ترحل ولن تتزحزح عن مواقعها... لذا اطلبوا منها فقط أن تكف عن الظهور بصورة المنتصر، لأن في ذلك استفزاز لنا... فقط !