أبو وائل الريفي: عيد العرش مناسبة لعسكر الجزائر لفهم تاريخ الملكية بالمغرب وعمق الارتباط الشعبي بها..

أبو وائل الريفي: عيد العرش مناسبة لعسكر الجزائر لفهم تاريخ الملكية بالمغرب وعمق الارتباط الشعبي بها.. الملك محمد السادس والجنرال الجزائري شنقريحة

خصص أبو وائل الريفي بوحه الأسبوعي بموقع "شوف تيفي" للحديث عن الحمق الذي نهش عقول جنرالات الجزائر قبل وبعد الحرائق التي عرفتها الجزائر، والتي لم يجدوا شماعة يعلقون عليها أسباب هذه الحرائق إلا شماعة "المؤامرة الخارجية" ليحملوها للمغرب لتصفية حسابهم معه ولضرب أكثر من عصفور بحجر واحد ولسد الباب على يد المغرب الممدودة للشعب الجزائري، والتي أحرجت النظام وزبانيته أمام المنتظم الدولي..

لقد كان عيد العرش مناسبة لهؤلاء الجنرالات المفتقدين للهوية والتاريخ لفهم تاريخ الملكية في المغرب وعمق الارتباط الشعبي بها...

 

"بلغ الحمق بنظام العسكر في الجزائر مداه وفاق كل ما يمكن أن يتخيله عقل أو يقبله منطق. لم تخمد الحرائق بعد بسبب ضعف الإمكانيات التي تتوفر عليها السلطات نتيجة سوء التدبير وفشل السياسة الاحتياطية للنظام لمواجهة الكوارث ورفض المساعدة من دولة صديقة حتى اجتمع مجلس أمن تبون وشنقريحة ليعلن نتائج التحقيق حول المتسبب في هذه الحرائق ويحدد المتورط فيها ويشرع على وجه السرعة في تنفيذ الحكم. وحتى يصدق الشعب المسرحية كان لا بد من تضخيم الموضوع لإقناع الجزائريين بضخامة المؤامرة لأنهم لن يصدقوا أن وراءها تنظيمات صغيرة مثل “الماك” و”رشاد”. ولذلك فالأسهل هو “المؤامرة الأجنبية” التي تقف وراءها دولة أخرى ولن يجد عسكر الجزائر سوى المغرب لتصفية حسابهم معه ولضرب أكثر من عصفور بحجر واحد ولسد الباب على اليد الممدودة للشعب والتي تحرج النظام أمام شعبه وأمام المنتظم الدولي.

 

أعلن مجلس أمن شنقريحة بأن “الماك” المسؤولة عن الحرائق “تتلقى الدعم والمساعدة من أطراف أجنبية وخاصة المغرب والكيان الصهيوني” وبذلك “تطلبت الأفعال العدائية المتكررة من طرف المغرب ضد الجزائر إعادة النظر في العلاقات بين البلدين وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية”. هل من دليل مادي على هذه الادعاءات؟ هل لا يستحق الشعب الجزائري والرأي العام المغاربي والدولي الاطلاع على هذه الأدلة؟ كل هذا لا يهم لأن قرارا سريا سابقا اتخذ على أعلى مستوى قبل الحرائق وكان فقط الانتظار لتحين فرصة الإعلان وقد جاءت الحرائق هدية من السماء لتبون وجنرالاته لإعلان شبه قطيعة من جانب واحد.

 

الآن، يمكن فهم خلفيات التصريحات العدائية لوزارة لعمامرة باتهام المغرب بتنفيذ “أجندة حليفه الجديد الذي يقوم بمؤامرة خطيرة ضد الجزائر ومواقفها الثابتة” وبأن “المغرب يحاول تشويه قضية الصحراء بالاستعانة بحليفه الشرق أوسطي الجديد”، وطبعا هي تصريحات وزير فاشل قاد معركة خاسرة في الاتحاد الإفريقي ضد إسرائيل بعد قبولها عضوا مراقبا داخل الاتحاد، وتهديده بأن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تقسيم الاتحاد الإفريقي، ولم تلق صيحاته صدى فكان المغرب هو المشجب الذي يعلق عليه فشله والمناسبة هي زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي للمغرب للتشويش على الزيارة والزائر والمزور.

 

الآن، اتضح أن تدوينات صبي الجنرال توفيق المعلق دراجي كانت خدمة تحت الطلب كالعادة ضد المغرب للنيل منه، ولكن رد زملائه في بين سبور كان كافيا، وكم نتمنى أن يتعلم من أسلوب ردهم الراقي الأدب والصواب وإن كنت أشك أن من تعلم الصحافة من قاموس الجنرال توفيق يمكنه أن يكون مؤدبا. ولو كان صادقا في حبه للجزائر لأصر على تدويناته ولو هدد بالفصل من وظيفته في بين سبور التي يجني منها ما يعيش به وهو أدرى بأن الجنرالات لا يؤمن جانبهم.

 

قرار نظام العسكر كان جاهزا منذ مدة وكانت تعوزه أدلة حقيقية عجزت مخابرات العسكر عن إيجادها فكان الحل هو هذا الإخراج الرديء الذي لن ينطلي على الجزائريين وعلى العالم الذي يتابع هذا الارتباك الجزائري في التجاوب مع مبادرة اليد الممدودة من المغرب.

 

أختم بسؤال واحد و”الفاهم يفهم”. لماذا لم تحدد السلطات والتحقيقات بعد هوية قاتل الشاب جمال اسماعيل؟ ألا تستحق تلك الجريمة البشعة تطمينا للجزائريين على وجه السرعة؟ هل الأمر مستعص إلى هذه الدرجة؟ لماذا لم يقدم للمحكمة بعد المشتبه فيهم؟ وهل تحديد الجهات الداخلية والخارجية التي تقف وراء الحرائق أسهل من تحديد هوية قاتل بتلك الطريقة البشعة؟

 

نحن الآن بصدد حالة ردة حقيقية في الجزائر بعد “سبع أيام ديال الباكور” التي هادن فيها الجنرالات شباب الحراك، وها هي نتائج الاستعانة بالحرس القديم وعودته للواجهة تتمر علقمها، وليس تمارها، الذي لن يكون إلا سما ستتجرعه المنطقة كلها إن لم تجد من يصد نظام الجنرالات عن حربهم المعلنة من طرف واحد ضد المغرب الحريص، حتى الآن، على التعامل بحكمة مع هذه الانفعالات والتصرفات غير الموزونة والمفتقدة لأي دليل.

 

على جنرالات الجزائر الاعتراف بفشلهم أمام الشعب بعد كارثة الحرائق، وعليهم تقديم الحساب أمام شعبهم الذي كانت له انتظارات كبيرة من الحراك الذي استغله تبون بشعاراته الانتخابية التي كانت كسراب بقيعة حسبه البعض ماء فاتضح أنه سراب ووهم وخداع. وعليهم الوضوح مع شعبهم بخصوص تمويلهم لجبهة البوليساريو بأموال الجزائريين الذين هم أحق بها لتأمين خدمات أساسية صاروا في حاجة إليها بعد جائحة كوفيد وما كشفته من عجز النظام الصحي في البلاد عن توفير الأوكسجين والأدوية. أما إلصاق العجز والفشل بالمغرب ولوك مصطلح المخزن بما لا يتناسب مع دلالاته فهو مجرد هروب فقط. لقد كان عيد العرش مناسبة لهؤلاء الجنرالات المفتقدين لهوية وتاريخ لفهم تاريخ الملكية في المغرب وعمق الارتباط الشعبي بها. وكانت مناسبة “ثورة الملك والشعب” مناسبة أخرى لفهم طبيعة “الملكية المواطنة” التي ظلت وفية لطابعها الوطني الذي يجعلها في مقدمة كل حدث وطارئ. هذا العمق المواطن هو الذي يفتقده جنرالات الجزائر للأسف ويجعلهم في واد والشعب في واد آخر"...

 

(المصدر: موقع "شوف تيفي")