رشيد لبكر: هذه رسائل الملك في خطاب ثورة الملك والشعب

رشيد لبكر:  هذه رسائل الملك في خطاب ثورة الملك والشعب رشيد لبكر
كان الملك محمد السادس في خطاب ثورة الملك والشعب، حريصا على استكمال منهجية " توضيح المواقف" التي ابتدأها مع دولة الجزائر في خطاب العرش الأخير، وها هو الآن يكملها مع بعض من دول الاتحاد الأوروبي، وبالتحديد الدولة الألمانية، فقد كان الخطاب -في اعتقادي- مؤسسا لاستراتيجية تعامل المغرب مع هذه التي كانت دائما مرتبطة معه بمصالح حيوية مشتركة، من خلال تضمنه لعدد من الرسائل التي حرص الملك على توجيهها، لتوضيح مواقف المغرب، دحضا لادعاءات الخصوم الذين يسعون دائما، بمناسبة أو بغيرها، الى توريطه في أزمات مع هؤلاء الحلفاء، وباستعمال شتى الوسائل، المشروعة منها وغير المشروعة.
وعليه فمن الرسائل التي يمكن استنتاجها من هذا الخطاب الهام، يمكن ذكر ما يلي:
- إن المغرب ماض في تنفيذ اختياراته التنموية وبناء تجربته الديموقراطية. أحب من أحب وكره ومن كره، ولن يتأثر بالتقارير الحاقدة وغير الموضوعية لبعض المنظمات الدولية غير المحايدة، التي تسعى باستعمال وسائل تأثير متعددة الى التشويش على هذا الخيار وتوريط المغرب في أزمات مع بعض الدول، عبر اختلاق قضايا لا وجود لها إلا في خيال من وضعوها، ربما لثني المغرب عن مواصلة المسار، الذي أكد الملك أن اختيارات المغرب بخصوصه لا رجعة فيها.
وأكد في هذا الإطار، أن مؤسساته تتمتع بسمعة دولية متميزة، أثبتتها الفعالية التي أبانت عنها، في تدبير عدد من القضايا الدولية، ولا سيما منها، ذات الصبغة الأمنية، التي وقف على ذكرها جلالته، مستنكرا الجحود الذي قوبلت به جهودها، إذ بدل التنويه والتقدير اللذين كان من المفروض أن يحظى بهما هذا الصرح المؤسساتي، يتم استهدافه في تقارير هذه المنظمات، بنفس الادعاءات المكررة والمغلوطة اللاعبة دائما على حبل عدم احترام الحقوق والحريات، والهدف هو المس بسمعتها وما تتمع به من هيبة ووقار. وبالتالي التشويش على المسار التنموي المتقدم للمغرب بالمنطقة والنيل من دوره الريادي بها، والذي ما فتئ يترسخ يوما بعد آخر...وهو شيء يزعج الخصوم الذين تجاوزهم الزمن ووقفت بهم عقارب الساعة.
- نبه الملك أيضا، إلى أن حرص بعض الدول الأوروبية على مصالحها الاقتصادية ووجودها بالمنطقة المغاربية، لا يجب أن يبنى على أساس المساس بمصداقية المغرب او النيل من مؤسساته، باعتباره دولة عريقة وذات حضارة متعددة المشارب وضاربة في التاريخ، ومؤسساته تتمتع بسمعة دولية متميزة، ومن غير المقبول، استهداف صرحه المؤسساتي، من قبل بعض من هذه الدول - ألمانيا على وجه الخصوص- التي لا تريد أن تعي بأن قواعد التعامل تغيرت، وان المغرب الذي بنى دولته على مدى تاريخ طويل، قادر اليوم على تدبير أموره واستغلال موارده وطاقاته لما فيه خير شعوب المنطقة برمتها.
- من الرسائل القوية التي جاء بها خطاب ثورة الملك والشعب، تلك التي أوضح فيها الملك عمق العلاقات الأخوية التي تجمع بين المغرب وكل من اسبانيا وفرنسا، والقائم على أساس الالتزام بالتعاون والاحترام المتبادل والشراكة والتصامن، وهنا الرسالة القوية التي فند فيها ادعاءات البعض الذي حاولوا الركوب على موجة الأزمة الأخيرة التي عرفتها العلاقات المغربية الإسبانية بالقول إن سببها يعود الى إقدام المغرب على تغيير توجهه السياسي والاستراتيجي وطريقة تعامله مع بعض القضايا الدبلوماسية، مؤكدا بأن " المغرب تغير فعلا" ولكن ليس كما يريد المغرضون ، ولكن في الاتجاه الذي " لا يقبل فيه ان يتم المس بمصالحه العليا" ؛ في حين سيظل حريصا على إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، مع دول الجوار، ولعل الملك يقصد هنا فرنسا واسبانيا على الخصوص، التي شدد على ان مرحلة الأزمة توشك على الانتهاء بعد نقاش هادى بين الطرفين برعايته شخصيا، وان الخروج من هذه الأزمة سيكون فرصة، لإعادة النظر في الأسس والمحددات التي تحكم البلدين، ومن تم تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة في العلاقات بينهما، التي ما كانت لتمر بهذه الأزمة لولا مؤامرات أعداء الوحدة الترابية .
-من الاشارات الهامة التي تضمنها خطاب جلالته، ذكره بأن المرحلة القادمة، هي مرحلة تنزيل النموذج التنموي وتفعيل الميثاق الوطني من أجل التنمية، وهذه رسالة إلى الأحزاب، تقول بأن الانتخابات القادمة يجب أن تفرز حكومة كفاءات ومجالس مسؤولة ليكون هذا التنزيل في مستوى التطلعات، اذ الانتخابات كما قال الملك "ليست غاية في حد ذاتها، ولكنها وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية، تخدم مصالح المواطنين وتدافع عن قضايا الوطن".
اعتقد أن الرسالة واضحة ومضمونها أوضح، وعلى الجميع تحمل مسؤوليته، " إذ الدولة تكون قوية بمؤسساتها.