زيارة لأقدس بقعة استشهد فيها 125 جنديا مغربيا لصد عصابة الجزائر والبوليساريو

زيارة لأقدس بقعة استشهد فيها 125 جنديا مغربيا لصد عصابة الجزائر والبوليساريو عبد الرحيم أريري في موقع بئر انزاران
رغم شساعة مساحة جهة الداخلة واد الذهب التي تصل إلى 142.865 كلم مربع (أي ما يمثل 20 في المائة تقريبا  من مساحة المغرب)، فإن البقعة المحببة إلى قلبي تبقى هي مركز بئر إنزاران (170كلم شرق الداخلة نحو الجدار الأمني في اتجاه موقع كليبات لفولة) ،ليس لأن هذه المنطقة تتميز بوحيش صحراوي متنوع أو لكونها منبع الصمت والهدوء المطلقين، بل لأن بئر إنزاران كانت  يوم 11 غشت 1979، مسرحا  لأروع معركة عسكرية أبهرت المراقبين عالميا، وعرفت استشهاد 125 جنديا من القوات المسلحة الملكية في يوم واحد، في واحدة من أشرس المعارك التي خاضها المغرب ضد العدو الجزائري والبوليساريو دفاعا عن صحرائنا.
ورغم حرارة الطقس (47 درجة)، فحين زرت من جديد موقع معركة بئر إنزاران، كنت أستظل بأجنحة أرواح شهدائنا بشكل لم أبالي بشدة حرارة الجو أو بالزوابع الرملية.
إن يوم 11 غشت 1979 سيبقى محفورا في التاريخ العسكري المغربي، لكون قلة قليلة من الجنود المغاربة تمكنوا في معركة عنيفة جدا، من صد جحافل من العسكر الجزائري وميليشيات البوليساريو (مدججين بكل الأسلحة الثقيلة)، الذين هجموا من التراب الجزائري قاصدين الداخلة لوضع اليد عليها، بعد تناسل الأخبار يوم 5 غشت 1979عن كون موريتانيا ستنسحب وتسلم إقليم وادي الذهب لمالكه المغرب. 
وبحكم أن معظم قواتنا العسكرية كانت متمركزة شمال جهة الداخلة، فقد كانت ثكنة بئر إنزاران تضم بضع مئات من الجنود المغاربة بشكل توهم معه العدو الجزائري أن هذا العدد القليل سيكون لقمة سائغة من السهل الانقضاض عليهم، فأرسلت الجزائر آلاف الجنود ومرتزقة البوليساريو لدك قرية بئر انزاران، وبالتالي فتح المسلك لدبابات الجزائر للتوغل نحو الداخلة لمنع المغرب من استرجاع ترابه. لكن صدمة الجزائر كانت قوية حين هب كل من كان في الثكنة المغربية بئر إنزاران من جنود وضباط وضباط صف، إلى نسف كل مخططات الجزائر والبوليساريو وخاضوا معركة ضارية اعتمد فيها الجانب المغربي على التكتيك العسكري والحيل الحربية للتغلب على عامل ضخامة أعداد المهاجمين من الجزائر. وبفضل نباهة ضباط جيش المغرب تم دحر العدو الذي تكبد خسائر فادحة، تجاوزت 500 قتيل دون احتساب أعداد الجثث التي هربها العدو معه في سيارات جيب، فضلا عن تدمير العديد من المعدات والآليات بفضل تدخل ناجح وفعال لسلاح الطيران الحربي المغربي.
ورغم أن المغرب كان يبكي شهدائه 125 في معركة بئر إنزاران، فإن العزاء الذي واسى المغاربة أنه بعيد هذه المعركة الشهيرة بثلاثة أيام، حل وفد يضم كل وجهاء وشيوخ وأعيان قبائل إقليم وادي الذهب بالقصر الملكي وطوقوا الملك المرحوم الحسن الثاني ببيعة وثقت بالصوت والصورة يوم 14 غشت 1979، وهو اليوم الذي صار عيدا رسميا بالمغرب تكريما لشهداء بئر إنزاران  من جهة، ووفاء لبيعة أهل وادي الذهب بالتحاق الإقليم بالتراب الوطني من جهة ثانية.
ورغم أن كل المعارك التي خاضها المغرب ضد العدو الجزائري والبوليساريو تعد مقدسة، فإن معركة بئر إنزاران تبقى من الإشراقات العسكرية المغربية التي كلما كانت تثار، إلا وكان المرحوم الحسن الثاني يحس برعشة قومية، بدليل أنه خصص الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب (لعام 1979)، كله لمعركة بئر إنزاران وتم إطلاق اسم بئر إنزاران على العديد من المرافق العمومية والشوارع وفاء لشهدائنا في هذه المعركة الشهيرة.
ومما قاله المرحوم الحسن الثاني في خطاب 20 غشت 1979: "إن واقعة بئر إنزاران ستظل في جبين الجيش الملكي والقوات المساعدة كتاج يدل على أن الجندي المغربي مازال ذلك الجندي المهاب، ذلك الجندي الذي له قيمته النضالية المعروفة شرقا وغربا."
رحم الله الحسن الثاني ورحم الله شهدائنا في معركة بئر إنزاران وكافة شهدائنا في كل المعارك الطاهرة التي خاضوها ضد عصابة الجزائر والبوليساريو دفاعا عن صحرائنا.