محمد بوبكري : الرئيس الجزائري ووزراؤه يتنفسون الكذب

محمد بوبكري : الرئيس الجزائري ووزراؤه يتنفسون الكذب محمد بوبكري
يكاد يجمع المتتبعون الجزائريون على أن "الرئيس عبد المجيد تبون" و"وزيريه في الصحة والصناعة الصيدلانية" يمارسون الكذب بدون خجل، ولا وجل؛ إذ يقدم "تبون" أرقاما، ويقدم هذان "الوزيران" أرقاما مخالفة لها. كما أن الواقع ينطق بأرقام مختلفة عن أرقامهم جميعهم. ويتفق "تبون"مع هذين الوزيرين على شيء واحد هو "أن الأمور تسير في الجزائر على أحسن ما يرام". ويعود ذلك إلى أنهم تشبعوا بالطبيعة الاستبدادية لحكام الجزائر، حيث إن المستبد لا يقبل بالواقع، بل إنه يتنكر له، ويريد أن يعكس رغباته. لذلك، فإن هؤلاء يكذبون، لأنهم يرغبون في محو كل ما يتناقض مع رغباتهم. وهذه هي الدكتاتورية عينها، لأن هؤلاء يعتقدون أن كلماتهم يجب أن يقبل الجميع أنها هي الواقع نفسه، حيث يكفي أن ينطقوا بها لتتحول إلى واقع قائم الذات. لذلك، فإن هؤلاء لا يعرفون طبيعة الأشياء؛ إذ إنهم لا يستطيعون التمييز بين الكلمات والأشياء، فتحولوا إلى أشخاص يحملون فكرا أسطوريا سحريا ينم عن ضعفهم الفكري. وهذا ما يفسر كل المشاكل التي تعترض المستبدين، ويجعل نهايتهم مأساوية...
ويستطيع هؤلاء ترويج أكاذيبهم وادعاءاتهم، لأن حكام الجزائر قد حرموا الشعب الجزائري من بناء مؤسساته فعليا مما سيمكن الشعب الجزائري من مناقشة كل شيء من أجل سبر أغواره للكشف عن طبيعته ومعرفة حقيقته، وأسباب نزوله، وإبراز جوانب ضعفه وقوته... لذلك، فقد كان من الواجب أن تقوم مختلف وسائل الإعلام الجزائرية بعقد موائد مستديرة لتحليل خطاب "تبون" في ندوته الصحفية الأخيرة...
وإذا كان "تبون"و"وزيراه" ينفون مآسي الوضعية الصحية بالجزائر ، ويقولون: "إن الأمور على أحسن ما يرام"، فإن الأطباء في الميدان يؤكدون عكس ذلك تماما؛ فلا حقن، ولا أوكسجين، ولا أسرة، ولا معدات تقنية، ولا أدوية... إن الأمر لا يتعلق في نظر هؤلاء المسؤولين بأزمة؛ في الوقت الذي يموت فيه أبناء الشعب الجزائري اختناقا من جراء الوضعية الكارثية للمنظومة الصحية الجزائرية الكارثية "الأحسن والأقوى في إفريقيا"...
وأمام هذه الوضعية، اضطر "تبون" للإمعان في الكذب، وقال إنه بعد 10 أيام أو أسبوعين ستستقبل الجزائر باخرة محملة بقنينات الأوكسيجين. وهذا ما يؤكد أن هذا الشخص يمارس الكذب والمراوغة، لأنه لم يقدم تاريخا مضبوطا لذلك، حيث طبع الغموض كلامه كعادته في كل خرجاته الإعلامية. وبذلك ستكون الجزائر هي البلد الوحيد في العالم الذي سيستقبل باخرة محملة بقنينات الأوكسيجين...
علاوة على ذلك، لقد سبق لـ "وزيريه" أن أعلنا أن الجزائر تنتج يوميا خمسمائة ألف ليتر من الأوكسيجين، وبعد مرور أسبوع واحد على ذلك صرحا أن الجزائر ستبدأ في إنتاج ثلاثمائة وأربعين لترا من الأوكسجين يوميا، ما يعني أنهم يطلقون الأرقام على عواهنها متلاعبين بمشاعر الشعب الجزائري الذي يموت اختناقا من جراء انقطاع الأوكسجين على المستشفيات الجزائرية...
لقد صرح "وزير الصحة" الجزائري أن انقطاع الأوكسيجين ليس هو سبب وفاة الأعداد الكبيرة من الجزائريين الذين يموتون يوميا في المستشفيات الجزائرية؛ بل أرجع ذلك إلى قوة فيروس "كورونا"، واستنتج بعد ذلك أنه يلزم اللقاح المضاد لهذا الفيروس، ما يستوجب طرح الأسئلة الآتية: أين هو اللقاح؟ ولماذا لم يتم اقتناؤه؟ وما هي العوائق في وجه ذلك؟...
لقد تحدثوا سابقا عن قدرتهم على إنتاج هذا اللقاح محليا، لكن ماداموا لا يمتلكون القدرة على ذلك، فإن عليهم أن يستوردوه من الدول التي تقوم بتصنيعه. هكذا، فإنهم يرفضون الاعتراف بعجزهم عن اقتنائه، لأنهم قد أفرغوا الخزينة من العملة الصعبة، فأصبحوا عاجزين عن استيراد أي شيء من الخارج.
ورغبة في إخفاء عجزهم عن اقتناء هذا اللقاح المضاد لـ"فيروس كورونا"، لجأ حكام الجزائر إلى ترويج إشاعات كثيرة حول عدم قدرة هذا اللقاح على القضاء على هذا الفيروس، حيث روجوا أنه لا يضمن الوقاية من الإصابة بهذا الفيروس، ما يعني أنهم لا يعرفون طبيعة العلم، لأنهم أصبحوا يشككون فيه، وفي مؤسساته. كما أنهم أصبحوا يستغلون الدين لترويج الإشاعات ضد هذا اللقاح، لأنهم يقولون إن الإصابة بهذا الفيروس مقدرة على المصاب به، حيث إنهم لا يعلمون أن الخالق سبحانه لم يأمر الإنسان بتعريض ذاته للخطر؛ بل إنه أمره باتخاذ جميع الاحتياطات لتفادي الإصابة به، وبالعمل قدر المستطاع على التخلص منه...
لذلك، فإن حكام الجزائر قد لجؤوا لممارسة الكذب حتى لا يكتشف الشعب الجزائري أنهم نهبوا أمواله كلها وهربوها إلى الخارج، فصارت الخزينة فارغة من العملة الصعبة، ما تسبب في حرمان الشعب الجزائري من اللقاح، فبات فريسة سهلة لوباء "كورونا".
وبعد فشل "تبون" وحكام الجزائر في توفير اللقاح للشعب الجزائري، أعلن أن هناك دولا منتجة لهذا اللقاح تتعاطف مع الجزائر، قد تجود عليها ببعض الجرعات، ما يعني أن حكام الجزائر التي تصدر البترول والغاز قد حولوا بلادهم إلى بلد متسول، ما يعني أنهم ضربوا كرامة الجزائر وشعبها، وحطوا من شأنهما. ويدل هذا على أن حكام الجزائر لا يدركون أن السوق العالمية لا تجود على من لا يستطيع دفع المال للحصول على المنتوجات المعروضة للبيع، الأمر الذي يدل على أنهم ينتظرون حدوث ما لا يمكن حدوثه، لأن منطق السوق لا يقبل بذلك، خصوصا وأن العالم يدرك أنهم يدفعون الغاز مقابل الحصول على مواقف داعمة لميليشيات "البوليساريو"، التي حولوها إلى أداة لممارسة الإرهاب وتهريب المخدرات والتجارة في البشر، الآمر الذي يتنافى مع القيم الكونية ومبادئ حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا...
هكذا، فإن حكام الجزائر يستغلون استفحال وباء "كورونا" ضد الحراك الشعبي السلمي، وهم لا يرغبون في اقتناء اللقاح لأنهم يستغلون فراغ الخزينة من العملة الصعبة للانتقام من الشعب الجزائري، الذي أبدع الحراك الشعبي الذي يطالب بإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة. فمتى يخجلون؟!