الدكتور حمضي: الإجراءات الأخيرة المتخذة ضرورية، لكنها غير كافية للتحكم في الوباء

الدكتور حمضي: الإجراءات الأخيرة المتخذة ضرورية، لكنها غير كافية للتحكم في الوباء الدكتور الطيب حمضي

بعد القرارات الحكومية الأخيرة حول التدابير الاحترازية ضد كورونا، طرحت عدة تساؤلات آنية حول مدى ضرورة هذه الإجراءات؟ ولماذا الآن؟ وهل هي كافية؟ وهل سيتم التشديد أكثر في الأيام المقبلة؟ وهل سيعاد سيناريو الحجر الصحي الشامل والإغلاقات العامة؟ وماهي الحلول لتفادي التشديد؟

أسئلة كثيرة يجيب عنها الدكتور الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، عبر التصريح التالي الذي توصلت به "أنفاس بريس":

 

قال الدكتور حمضي في البداية بأن الإجراءات الأخيرة المتخذة ضرورية، ولكنها غير كافية التحكم في الوباء؛ فهي تدابير تقييدية تتخذ لكي تساعد الإجراءات الفردية والجماعية التي يتخذها المواطنون من كمامة وتباعد جسدي وتعقيم.. بمعنى آخر إن اجراءات الدولة لا تعوض إجراءات المواطنين، بل تعينهم وتساعدهم؛ لكن مع ذلك إذا بقي الوباء ينتشر ولم يحترم البعض هذه الإجراءات فإن التدابير ستزداد تشددا.

وأوضح الطيب حمضي بأنه بخصوص الإجراءات المتخذة، فمن المؤكد أنه في الأيام المقبلة ستتشدد من الناحية الطبية والعلمية، بالنظر إلى سلوك المواطنين وسرعة انتشار الفيروس. لماذا؟ يجيب حمضي، لأن ذلك مرتبط بفهم السيناريوهات المقبلة، وهذا هو الأساسي.. شارحا ذلك في ما يلي:

 

أولا: أن الفيروس عندنا ينتشر بشكل كبير على مستوى المتحور (دلتا)، حيث إن السلالة الأصلية كان معدل تكاثرها هو ثلاثة، أي مصاب واحد ينقل العدوى إلى ثلاثة أشخاص؛ أما اليوم -وحسب الخبراء- فإن المتحور دلتا صار معدل تكاثره هو ثمانية!!

 

ثانيا: كيف يمكن حماية المنظومة الصحية من الانهيار إذن؟ كيف يمكن تجنب الوصول إلى كثرة الحالات الحرجة؟ وكذلك تجنب كثرة الوفيات؟

يرى الدكتور حمضي بأنه إذا كان الهدف هو أن تبقى المنظومة الصحية ثابتة حتى نتمكن من معالجة أكبر عدد ممكن من المصابين، فتبقى الوقاية بالإجراءات الاحترازية من كمامة وتباعد وغسل اليدين والابتعاد عن الأماكن المغلقة والتهوية والامتناع عن السفر والتجمعات غير الضرورية بالإضافة إلى القرارات التي تتخذها الدولة، كلها تشكل أركان الوقاية التي تعد الإجراء الأسلم حتى لا يتم الضغط على المنظومة الصحية وإنهاكها؛ وبالتالي فالهدف من التدابير الاحترازية هو الوقاية من أجل الحد من انتشار الوباء.

 

ثالثا: يعتبر الباحث في السياسات والنظم الصحية بأن التلقيح هو الطريقة المثلى للتصدي للفيروس، لأنه لا نتوفر حاليا على العلاج، ولأنه لو كانت هناك أدوية فعالة ضد كوفيد19 لم يكن هنالك أي إشكال؛ ولهذا فدور التلقيح كبير جدا، لأنه ينقص من الإصابات.. فالملقحون حتى إذا أصيبوا لا تكون هنالك حالات خطرة، ونادرا ما يتعرض الملقح تلقيحا كاملا للوفاة.. ويعني ذلك أنه تقريبا هنالك حماية بنسبة 100%، وحالات الوفاة النادرة تهم فقط الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو مشاكل في المناعة أو كبار السن.

 

وأكد الدكتور حمضي على أنه ينبغي أن يتم التلقيح بشكل متواصل وسريع، فهو صمام الأمان والحماية؛ ويجب تعميم جواز اللقاح وتوسيع استعماله في كثير من المجالات لحماية السكان من الإصابة، والتفكير كذلك في إجبارية اللقاح؛ لأنه لا يمكن في كل مرة تنتشر فيها الحالات في البلاد أو يظهر متحور جديد، اللجوء إلى التشدد والإغلاقات.. فلا مخرج لنا اليوم من الوباء إلا بالتلقيح واحترام التدابير الاحترازية؛ وكلما تم احترام هذه التدابير، كلما قامت الدولة بالتخفيف من التشدد.

وفي هذا الإطار أبرز الدكتور حمضي بأنه يجب تفعيل المسؤولية الفردية؛ فلا يمكن في حالة ضبط مسير لمطعم، مثلا، لا يحترم التدابير الاحترازية، نقوم بإغلاق جميع المطاعم، وكذلك الأمر بالنسبة لسائر الأماكن المغلقة كالمقاهي أو المدارس أو المساجد! وبالتالي فالذين يخرقون الإجراءات هم من يجب عليهم أداء ثمن العبث والتهور واللامسؤولية؛ وليس المجتمع برمته.. ويجب تفعيل المسؤولية الفردية بالنسبة للمؤسسات، وبالنسبة للمواطنين كذلك.

وخلص الدكتور حمضي إلى القول بأن البلاد ستكون محتاجة في الأيام المقبلة، بسبب سلوك تراخي البعض، إلى تشديد الإجراءات بصفة أكثر، وإن كان التشديد ليس هو الحل الذي يعتمد عليه لمحاربة الفيروس.