مصطفى المنوزي: تمويل العمل المدني من شبهة التحريم إلى إرادة التجريم

مصطفى المنوزي: تمويل العمل المدني من شبهة التحريم إلى إرادة التجريم

يوم 15 نونبر سيعلن عن الفائزين بجائزة المجتمع المدني، دون أن يتم نقد فشل استيعاب الحوار الوطني لكافة المكونات المتعددة والمتنوعة، ودون تبرير التنافر الحاصل بين الفلسفات والمقاربات.. والحال أن إحداث وزارة للمجتمع المدني تقتضي حياد هذه الأخيرة عن الخوض في الصراعات الجارية هنا وهناك، أو على الأقل استحضار الإشكالية الكبرى المرتبطة بالاقتدار والتمكين، أي البحث في سبل دمقرطة توزيع الدعم وفق لكل حسب حاجته الأدبية واللوجيستيكية من خبرة وموارد بشرية، وأساسا توفير المال؛ واستنفاذ  كل الإمكانيات الوطنية/ المحلية .

لكن المفارقة العجيبة أن العقل الأمني يتواطأ مع كل منافسي الدمقراطية التشاركية ومناهضي المعايير الدولية، وذلك في معارك التضييق على الحقوقيين إلى حد تحريم التمويل الأجنبي وتجريم النوايا في العلاقة مع السيادة الوطنية.. فلست أدري لماذا يصر بعض أعضاء الحكومة على اجترار واقعة توصل الجمعيات بالدعم من المنظمات الدولية، وكأن في الأمر محظور ومحرمات.. والحال أن القانون المغربي لا يمنع، وإنما يوجب التصريح به لدى الأمانة العامة للحكومة.. ولأن في الأمر انحياز وعدم الحياد تجاه الجمعيات، فإن من شأن اتهام البعض دون الآخر تعسفا، والتلويح بالعمالة للخارج، سيدفع إلى إعدام دينامية المجتمع المدني، ليتكرس الفراغ في الساحة، ليرتفع منسوب العزوف وعدم المشاركة في التفكير وتدبير الشأن العام، ومعه يتصاعد المد السلفي الوهابي الذي يوفر لعملائه كل الإمكانيات، إلى درجة أن الإرهاب الفكري صار يتطاوس عبر جميع القنوات والمنظومات، من المسجد إلى الأسرة والمدرسة عبر التواصل الاجتماعي الذي بفضله سيتحقق قانون «من يهيمن يسيطر ويحكم»، ولأن المناسبة شرط، فلابد من تجديد الدعوة إلى ضرورة فتح نقاش مؤسساتي وتشاركي حول التمويل، تفاديا لأي تعسف أو انتهاك...