1 ــ إطلاق سراح كافة نشطاء الريف المعتقلين بعد أن أثبت تقرير المجلس الأعلى للحسابات تعثر/توقف 555 مشروعا من أصل 600 ، وكذا نشطاء زاكورة . إذ إلى هؤلاء جميعا يعود الفضل في تنزيل الفصل 1 من الدستور الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة بعد مرور 6 سنوات على تعديله. وكذا الفصل 154 الذي يُخضع "المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية". ومادام قرار الإعفاء جاء نتيجة لإخلال المسئولين بمهامهم ، فإن المحتجين ضد الفساد والكاشفين عنه أحق أن يشملهم العفو ، إن لم يكن من باب الإنصاف لهم فعلى الأقل من باب الاستجابة للملتمسات التي تقدمت بها هيئات مدنية وحقوقية وسياسية . 2 ــ محاسبة الهيئات السياسية على أداء أعضائها داخل الحكومة . ذلك أن الوزير ليس موظفا يمكن إخضاعه لقانون الوظيفة العمومية ، بل هو ممثل لهيئته السياسية التي يطبق برنامجها ، ومن ثم فهي مسئولة عن تأطيره وتوجيهه ومرافقته . ومن شأن الربط بين المسئول والهيئة الحزبية أن يفرض على الأخيرة تشكيل لجان وضع البرامج وتتبع تطبيقها في حالة مشاركتها في الحكومة . وأي محاسبة الأحزاب ستفرض عليها اختيار الكفاءات المناسبة للمناصب الوزارية أو الإدارية والقطع مع منطق الزبونية والريع السياسي . 3 ــ تحميل رئيس الحكومة المسئولية الأولى عن تعثر إنجاز المشاريع أو التقصير في أداء المهام باعتباره المنسق بين الوزراء والمسئول المباشر عن اختيارهم ، فضلا عن صلاحيته الدستورية التي تسمح له بتقديم طلب إلى الملك يعفي بموجبه الوزير أو الوزراء المقصرين وفق الفصل 47 من الدستور . وكل فشل في أي قطاع حكومي لم يتداركه رئيس الحكومة أو تغاضى عنه تحت ضغط أي حزب ، فإن المسئولية يتحملها رئيس الحكومة الذي أخلّ بواجبه الوطني والدستوري وجعل الحزب فوق مصلحة الشعب والوطن . 4 ــ إخضاع كل القطاعات العمومية والشبه عمومية إلى التفتيش الدوري ومحاسبة كل المسئولين الذين يثبت في حقهم الإخلال بالواجب . ذلك أن غياب المحاسبة يشجع على التراخي والتقصير في أداء المهام كأضعف الإيمان ، فيما يغري فئات أخرى من المسئولين بالنهب والتبذير . فكلما غاب أو تعطل القانون اتسع مدى الفساد والنهب وضاعت ، بالتالي، مصالح المواطنين . 5 ــ مبدأ المحاسبة لا ينبغي أن يقتصر على إعفاء المسئول من المنصب الحكومي أو الإداري ، بقدر ما يستوجب إخضاعه للمحاكمة العادلة لعدة اعتبارات أهمها : أ ــ إن تقصيره/إخلاله بالواجب تكون له تداعيات على مصالح المواطنين ومعيشهم اليومي وظروف حياتهم العامة . فبقدر الضرر الذي يلحقه بالمواطنين يكون العقاب . إذ ما فائدة إعفاء مسئول عطّل إنجاز طريق أو كهْربة منطقة أو بناء مستشفى أو تشييد مؤسسة تعليمية مادام هذا التقصير تسبب في مزيد من المعانة والتهميش والحرمان لكثير من المواطنين . ب ــ إن المحاكمة فيها إنصاف للمتضررين وتعويض معنوي يعيد لهم الاعتبار كمواطنين متساوين في المواطنة مع بقية أفراد الشعب.وأي إعفاء دون عقاب مهما كان نوعه ، يزيد المتضررين شعورا بالغبن و"الحكرة". وهذا الشعور هو الذي أجج احتجاجات الريف التي كشف تقرير السيد جطو أنها كانت مشروعة . ج ــ إعادة الثقة للمواطنين في المؤسسات الدستورية وجعلهم يشعرون أنها تمثل إرادتهم وتستجيب لانتظاراتهم ، ومن ثم ردم الهوة بين المواطنين والدولة . د ــ تكريس دولة الحق والقانون وفصل السلط والقطع مع المزاجية في تطبيق القانون . فعلى مدى عقود لم يشهد المواطنون محاكمة مسئولين عن الفساد أو التقصير ، وحتى وإن جرت محاكمات فهي إما صورية أو تكون أحكامها بالبراءة . هـ ــ إن الإعفاء دون محاكمة/عقاب هو مساس بقدسية الدستور وخرق لفصوله التي تنص على ربط المسئولية بالمحاسبة . نأمل أن يبدأ المغرب عهدا سياسيا حقيقيا يؤسس فعلا لدولة الحق والقانون ويقطع مع مرحلة الارتشاء والفساد والإفلات من العقاب . يكفي ما ضاع من الفرص ومن الثروات ،وسيظل الفساد مؤذنا بالخراب والعدل أساس الملك .