أحمد نور الدين يفكك قرار إقالة وزيرة الخارجية الإسبانية من حكومة مدريد

أحمد نور الدين يفكك قرار إقالة وزيرة الخارجية الإسبانية من حكومة مدريد أحمد نور الدين، و الوزيرة الإسبانية المقالة

تمت يوم السبت 10 يوليوز 2021، إقالة وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا لايا وخرجت من الفريق الحكومي لبيدرو سانشيز، بعدما كانت وراء أزمة ديبلوماسية كبيرة مع المغرب.

"أنفاس بريس" اتصلت بالباحث في القضايا الدولية أحمد نور الدين وسألته كيف يقرأ الحدث وهل يمكن اعتبار ابعاد الوزيرة مبادرة إسبانية من أجل راب الصدع مع المغرب؟ فوافانا الباحث بالورقة التالية:

إن تغيير وزيرة الخارجية الإسبانية يعبر عن رغبة الحكومة الإسبانية في إنهاء أزمة الثقة مع المغرب، وهي الأزمة التي تفجرت بسبب تراكم الأخطاء في حق المغرب وقضيته المقدسة، حيث توالت الطعنات الغادرة من طرف إسبانيا، بدءا من تصريح الوزيرة أرانشا لايا في نونبر 2020 ، حيث فتحت قنوات الاتصال مع فريق بايدن في الإدارة الأمريكية الجديدة قصد مراجعة الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء، وهو موقف عدائي لا يقبل التأويل، وصولا إلى قضية زعيم الانفصاليين، إبراهيم غالي، الذي دخل مثل اللص الى التراب الإسباني متخفيا في جنح الليل تحت هوية مزورة باسم بن بطوش، وبجواز دبلوماسي جزائري وطائرة الرئيس الجزائري ايضا، وهي حادثة أثبتت تواطؤ اسبانيا مع اعداء المغرب والتنسيق مع النظام العسكري الجزائري في الكواليس دون اخبار المغرب ولو من باب رفع العتب، بل والتحايل على القضاء الإسباني نفسه الذي أصدر مذكرتين لتوقيف زعيم الانفصاليين في قضايا تتعلق بالاغتصاب والإرهاب.

ولا شك أن إقالة السيدة أرانشا لايا هي إشارة إيجابية تجاه المغرب، وهي خطوة إسبانية ودية لا تخفى دلالتها، ودليل على الاهتمام الذي توليه إسبانيا للعلاقات مع المغرب، وأكيد أن حكمة المغرب تقتضي الرد على التحية بمثلها، ولكن مع وضع كل النقاط الخلافية على مائدة الحوار، حتى لا تتكرر الأخطاء مستقبلا وحتى نتفادى سوء الفهم الذي يتردد بشكل دوري ويعكر صفو العلاقات بين الفينة والأخرى. لذلك على المغرب أن يطرح بحكمة ولكن بقوة كل المشاكل القديمة والجديدة.

النقطة الأولى

 

وتتعلق بمطالبة إسبانيا بتصحيح الخطأ التاريخي الذي تسببت فيه والذي أدى إلى خلق مشكلة الصحراء من أساسه، وهي تعلم أنها أرض مغربية احتلتها في ظروف وملابسات بدأت مع معركة تطوان ومؤتمر برلين وانتهت باتفاقيات سرية بين فرنسا وإسبانيا لتقاسم النفوذ على الأراضي المغربية. ولا أدل على إقرار إسبانيا بمغربية الصحراء من أن حاكم إسبانيا في منطقة الريف والذي كان يتخذ من تطوان مقرا له، كان هو نفسه حاكم الساقية الحمراء ووادي الذهب، وحتى بعد تحرير الريف من الاستعمار الإسباني سنة 1956، أصبح حاكم سيدي أفني إلى غاية 1969 =هو حاكم الصحراء التي كانت تسمى الصحراء الإسبانية.

إذن على أسبانيا أن تصحح الجريمة التي اقترفتها في حق المغرب وتعترف بالسيادة المغربية على الصحراء أسوة بالولايات المتحدة واحتراما للتاريخ ولاتفاقية مدريد التي وقعتها.

النقطة الثانية

وهي سبتة ومليلية والجزر المحتلة وهي حوالي عشرة جزر في شمال المغرب، ولا يتعلق الأمر بالجزر الجعفرية الثلاثة فقط، وعلي إسبانيا إعادتها للمغرب وفقا لأجندة محددة يتم الحوار والتفاهم بشأنها، بما تقتضيه الأصول الدبلوماسية والأعراف المرعية، ولنا في اتفاق الصين مع بريطانيا حول هونغ كونغ مثال يمكن استلهامه

النقطة الثالثة:

هناك ملف الاعتذار لجريمة الحرب التي ارتكبتها في حق ساكنة الريف بسبب القصف الكيماوي للمدنيين، والتعويض المادي والمعنوي للضحايا خاصة وأن تبعات هذا الملف ما زالت مستمرة ومنها انتشار ظاهرة السرطان في منطقة الريف بنسب مهولة، بالإضافة إلى تشوهات خلقية أخرى لدى الساكنة ترجعها بعض الدراسات إلى التأثير بعيد المدى للأسلحة الكيماوية المستعملة من طرف الجيش الاسباني.

النقطة الرابعة

لا يمكن أن نقفز على جريمة أخرى ضد الإنسانية وهي طرد المورسكيبن من الأندلس في نقض واضح للاتفاق الذي أبرمته إيزابيلا الكاثوليكية مع أبي عبد الله آخر ملوك بني الأحمر، دفين فاس، وقد يقول قائل إن الأمر يعود إلى خمسة قرون، والجواب أن اسبانيا قدمت اعتذارا وتعويضا معنويا في السنوات القليلة الماضية للموريسكيين اليهود، واستثنت الموريسكيين المسلمين، وهذا التعامل العنصري هو جريمة أخرى ترتكبها اسبانيا في حق المورسكيين.

كل هذه القضايا وغيرها يجب أن تطرح على طاولة المفاوضات حتى تتحول الأزمة الحالية بين اسبانيا والمغرب إلى فرصة حقيقية لبناء أسس متينة لعلاقة استراتيجية تملك كل مقومات النجاح، وتملك مخزونا هائلا للتنمية الاقتصادية والتجارية بحجم قارتي أفريقيا وأوروبا، وحتى نضمن عدم تفجر الألغام والأزمات بين الفينة والأخرى.