لقمان: الغرف المهنية يلجها أعيان وأشخاص يبحثون عن الوجاهة والاقتراب من مراكز السلطة

لقمان: الغرف المهنية يلجها أعيان وأشخاص يبحثون عن الوجاهة والاقتراب من مراكز السلطة أمين لقمان

يرى أمين لقمان، عضو غرفة التجارة والصناعة بجهة مراكش آسفي، أن مشكل الغرف المهنية مشكل مركب تعود أسبابه إلى عدة عوامل، منها: ضعف الكفاءة التدبيرية لدى معظم المنتخبين القائمين على تسيير الغرف، وضعف الاهتمام والمواكبة من طرف الوزارات الوصية.. مضيفا أن هناك أشخاصا استوطنوا الغرف المهنية لمدة تزيد على 30 سنة من خلال شراء الأصوات واستغلال الموارد المالية لهذه المؤسسات لحسابهم الشخصي...

 

+ يشتكي معظم المهنيين من طبيعة المهام والأدوار المسندة للغرف المهنية ويرون بأنها لا تنعكس إيجابا على أوضاعهم المادية والمهنية، هل المشكل يكمن في الإطار القانوني أم في طبيعة ونوعية المنتخبين الذين يتولون شؤون التسيير والتدبير؟

- يمكن القول إن مشكل الغرف المهنية هو مشكل مركب، حيث تعود محدودية منجزات الغرف المهنية وضعف انعكاسها على أحوال المهنيين إلى عدة أسباب، منها ضعف الكفاءة التدبيرية لدى معظم المنتخبين القائمين على تسيير الغرف، كما ترجع إلى ضعف الاهتمام والمواكبة من طرف الوزارات الوصية (الفلاحة والصيد البحري، الصناعة التقليدية، التجارة والصناعة) وعدم توفر الحكومة على تصور شمولي لتقوية أدوار ومهام الغرف المهنية. وهكذا تحولت هذه المؤسسات المنتخبة إلى مجرد مؤسسات صورية وجوفاء، تلجها فئة من الأعيان والأشخاص الباحثين عن الوجاهة والاقتراب من مراكز السلطة لقضاء مصالحهم الخاصة، على حساب عموم المهنيين، مستعملين في ذلك أساليب غير مشروعة للحصول على مقعد أو منصب للمسؤولية بهذه الغرف. هناك أشخاص استوطنوا الغرف المهنية لمدة تزيد على 30 سنة من خلال شراء الأصوات واستغلال الموارد المالية لهذه المؤسسات لحسابهم الشخصي. للأسف نلاحظ أنه ومنذ الاستقلال إلى اليوم لم تستطع الغرف المهنية أن تجعل من نفسها فضاء للتفكير والإبداع في المجالين الاقتصادي والمهني، وإطلاق المبادرات التي تمكن من خلق الثروات وتطوير مختلف المهن والحرف.

 

+ هل بالفعل، وكما جاء في القوانين المنظمة للغرف، أن هذه الأخيرة تمثل المهنيين لدى السلطات المحلية والإقليمية والجهوية والوطنية؟ بمعنى آخر هل تطرح الغرف المشاكل الحقيقية للمهنيين وتدافع عنها بالقوة والفعالية المطلوبة وبشكل ملموس؟

- كما قلت في السابق، الغرف المهنية تعاني من مشاكل وصعوبات بنيوية وهيكلية تهم القوانين والاختصاصات، كما أنها تعاني من جراء ضعف التسيير، لأن جزءا كبيرا من هذه الغرف يتحكم في تدبيره أشخاص أميون أو أشخاص لهم مستوى ثقافي متواضع لا يمكنهم من فرض وجودهم وتصوراتهم أمام باقي الأطراف الأخرى، سواء تعلق الأمر بالوزارات الوصية أو تعلق الأمر بالحكومة والمجالس المنتخبة. فهذه النوعية من المنتخبين والمسيرين ليست لها القدرة مثلا على محاورة وإقناع المؤسسات البنكية أو مديرية الضرائب بمطالب المهنيين ومقترحاتهم.

 

+ نعود مجددا إلى الدور الاستشاري للغرف المهنية، حيث تنص القوانين المنظمة على ضرورة قيام الحكومة باستشارة الغرف في عدد من القضايا وأخذ رأيها في عدة أمور، هل حقيقة يتم استشارة وإشراك الغرف المهنية من طرف الحكومة بشكل فعال وناجع؟

- الاستشارات التي تطلبها الحكومة محدودة جدا، وحتى في الحالات التي تقدم فيها الغرف رأيها للحكومة حول موضوع من المواضيع ففي الغالب لا يؤخذ بهذا الرأي، أعضاء ومسؤولو الغرف المهنية الذين يتم استدعاؤهم لحضور بعض الندوات والمناظرات لتأثيث المشهد والتصفيق بحرارة للوزير الوصي على القطاع، كما أن العضوية الممنوحة لأعضاء الغرف في المجالس الإدارية لبعض المؤسسات العمومية  هي مجرد عضوية شرفية لتعود بالنفع على المهنيين.

 

+ في إطار مهام الدعم والترويج: كإحداث مراكز للمحاسبة لفائدة المهنيين، مراكز التكوين المهني أو التعليم العالي، تسيير المناطق الصناعية وتنظيم معارض للصناعة التقليدية والمنتوجات الفلاحية والبحرية، الملاحظ بهذا الخصوص أن منجزات الغرف المهنية على هذا الصعيد تظل متواضعة جدا، ما هي في نظرك الأسباب؟

- بالفعل هي منجزات محدودة جدا، لأن معظم رؤساء  الغرف ومكاتبها المسيرة لا يولون أهمية تذكر لمهام الدعم والترويج، بل تجدهم يتهافتون على تنظيم المعارض لأنها تدر عليهم مداخيل من خلال تمكين أفراد عائلاتهم وأصدقائهم من الاستفادة من أروقة العرض، والتسابق على الأسفار والمشاركة في التظاهرات الدولية، هذا في الوقت الذي نجد فيه بان الغرف المهنية بأوروبا وأمريكا تسير المطارات وتحدث المناطق الصناعية وتنظم معارض دولية ذات مستوى رفيع جدا.

 

+ يشتكي معظم رؤساء الغرف المهنية من ضعف الموارد المالية والبشرية الضرورية لإنجاز اشياء ملموسة لفائدة المهنيين، أيضا جاء في تصريح لرئيس الحكومة داخل قبة البرلمان سنة 2018 أن الحكومة قد بادرت إلى إبرام شراكات مع الغرف المهنية من أجل مساعدتها بالإمكانيات المالية لتنفيذ برامجها «مخططات تنمية الغرف»، في هذا الصدد كيف ترون مسألة الإمكانات المالية والبشرية الموضوعة رهن إشارة الغرف المهنية؟     

- صحيح أن الإمكانيات المالية والبشرية المتوفرة لدى الغرف المهنية محدودة نسبيا إذا ما قورنت بالمهام والمسؤوليات الحقيقية التي ينبغي أن تنهض بها لفائدة المهنيين، أما بخصوص الحكومة وشراكاتها المزعومة، فيمكن القول بأن حكومات الإسلاميين سواء في نسختها السابقة أو في نسختها الحالية، فإنها للأسف كانت وبالا على المهنيين ونزلت عليهم كالصاعقة، الجميع عاني ويعاني منها، سواء الفلاح، الصانع التقليدي، التجار، أو رجال الصناعة والخدمات، معاناة على جميع الواجهات: ارتفاع في الضرائب والرسوم، ركود تجاري واقتصادي، فساد إداري، غياب تكافؤ الفرص في الاستفادة من دعم الدولة....الخ.

 

+ في السنوات الأخيرة تم منح العضوية داخل الغرف الفلاحية لعدد من الجمعيات المهنية العاملة في المجال الفلاحي تحت اسم «أعضاء شركاء»، وذلك بمقتضى قرارات صادرة عن وزارة الفلاحة القطاع الحكومي الوصي على غرف الفلاحة، كيف تنظرون إلى هذا النوع من العضوية القائمة على التعيين؟ وهل شكلت هذه الجمعيات قيمة مضافة على مستوى تحسين التدبير على صعيد الغرف الفلاحية؟

- من حيث المبدأ لا اعتراض لدينا بخصوص إشراك الجمعيات المهنية في عضوية الغرف المهنية، إذا كانت هذه الجمعيات تمثل فعلا عموم الفلاحين وتخدم مصالحهم، لكن الملاحظ أن معظم هذه الجمعيات هي جمعيات خلقت على مقاس كبار الفلاحين وتأسست بطريقة غير ديمقراطية كما أنها لا تشرك صغار الفلاحين في جموعها العامة، لهذا نرى أن أسلوب التعيين الذي نهجته حكومة العثماني في اختيار هذه الجمعيات البالغ عددها حوالي 100 جمعية، هو أسلوب يكرس هذا النوع من الممارسات الجمعوية البائدة ولا يساعد بالتالي على ظهور منظمات مهنية تمثل بشكل حقيقي مختلف الفئات المهنية.

 

+ نود أن تحدثنا عن أشكال الاقتراع المعمول بها في الغرف المهنية الأربعة، كما نود أن نتعرف على رأيك في أهم التعديلات التي أدخلت مؤخرا على أنماط الاقتراع؟

- تخضع الغرف المهنية بالمغرب لنظام مزدوج بخصوص نمط الاقتراع، حيث يتم العمل بنظام الاقتراع الفردي الأحادي خاصة على مستوى الغرف لفلاحية، كما يتم العمل بالنظام اللائحي في أغلب الغرف الأخرى أي غرفة التجارة والصناعة والخدمات وكذا غرف الصناعة التقليدية والصيد البحري، علما أن عددا من مقاعد هذه الغرف الثلاث تخضع لنظام الاقتراع الفردي الأحادي.

أما بخصوص التعديلات الأخيرة التي أدخلت على القوانين الانتخابية المنظمة للغرف المهنية فإنها استهدفت تأنيث هذه الغرف من خلال تمكين النساء المهنيات من ولوج هذه المؤسسات بشكل إلزامي، وذلك عبر تخصيص مقعدين (02) للنساء في غرف الفلاحة التي لا يزيد عددها عن 30 عضوا مع إضافة مقعد واحد عن كل 10 أعضاء بالنسبة للغرف التي يتجاوز عدد أعضائها 30 عضوا. أما بالنسبة لغرف التجارة والصناعة والخدمات وغرف الصيد البحري والصناعة التقليدية فإن التعديلات الجديدة قد نصت على وجوب أن لا تتضمن كل لائحة من لوائح الترشيح ثلاثة أسماء من نفس الجنس، وهذا يمنح فرصة مهمة نسبيا لمنح العضوية للعنصر النسوي داخل هذا النوع من الغرف.

في رأيي هذه التعديلات تبقى ايجابية من حيث المبدأ، لأنها تشكل نوعا من التمييز الإيجابي تجاه المرأة المهنية، لكنها غير كافية لإسماع صوت المهنيات ومنحهن المكانة التي ينبغي ان تكون لهن في مجالس ومكاتب الغرف المهنية، خاصة وأن مختلف القطاعات المهنية قد عرفت بروز نساء متميزات وناجحات، من جهة أخرى أتمنى ألا يلجأ أعيان الغرف المهنية و"حرايفية" الانتخابات إلى استجلاب نساء لا يفقهن شيئا في تدبير الغرف ويتم وضعهن ضمن اللوائح والترشيحات لتأثيث هذه المؤسسات دون حضور فاعل ومنتج كما وقع في تجربة المجالس الجماعية والجهوية.

 

+ اعتبارا لتجربتك في مجال الغرف المهنية، ماذا يمكنك أن تقول لعموم المهنيين بخصوص معركة الانتخابات المهنية التي ستنظم يوم الجمعة 06 غشت2021؟

- لا يسعني إلا أن أدعو جميع المهنيين والمهنيات إلى المشاركة المكثفة في هذه الاستحقاقات، سواء من خلال الترشيح أو التصويت يوم الاقتراع، والمشاركة قبل ذلك في النقاشات التي ترافق هذه المحطة الانتخابية من خلال دراسة ومقارنة برامج الأحزاب المتنافسة، وكذا مقارنة المستويات المعرفية والأخلاقية للمرشحين والمرشحات قبل الحسم في اختيار الشخص الذي يستحق التصويت...