تم اليوم الافتتاح الرسمي لما يسمى ب " السنة الثقافية الجديدة".. ولأن المناسبة شرط كما يقال ,لابد هنا من إعادة التأكيد على ما يتم التغطية عنه في " الاحتفاء" بالدخول الثقافي من حقائق :
1 : إن نقطة الضعف الأساسية للمشهد الثقافي المغربي هو استقالة الدولة ( ممثلة في السياسة الثقافية الحكومية ) من مسؤولياتها في توفير الشروط المادية والمؤسسية للنهوض بالفعل الثقافي وجعل إشعاعه متاحا في كل الفضاءات بربوع البلاد . إن دورها في هذا المجال ينبغي أن يتمحور حول توفير البنيات التحتية الضرورية للممارسة الثقافية , والحرص على توزيعها بشكل متوازن وعادل بين المدن والقرى على الصعيد الوطني .
2: إن السياسات العمومية في المجال الثقافي فشلت خلال العقود الماضية في سن استرتيجية ثقافية مندمجة في مجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية ,إذ ظلت تتعامل مع الشأن الثقافي بمنظور فولكلوري ومناسباتي للثقافة , وببخل ما بعده بخل في الإنفاق على مشاريع ثقافية جادة ,يتم تبريره دائما من طرف الوزارة الوصية بهزالة الميزانيات المخصصة لها , وفي ذلك اعتراف منها بأن الثقافة هي آخر ما اهتمت وتهتم به الحكومات المتعاقبة . وهكذا تحولت وزارة الثقافة إلى مجرد جهاز إداري يسير أضعف ميزانية , ويبرمج كيفية تصريفها تحت عنوان "الدعم" الذي هو في واقع الأمر " صدقة" موزعة بمعايير لم تكن دائما مرضية , ويشرف على تنظيم مهرجانات بلا أثر ولا وقع ولا إشعاع , ليبقى المعرض ا لدولي السنوي للكتاب وحده "أبرز منجزاته ". ! التي يتباهى بها .
3 : وإذا أضفنا إلى ذلك غياب مؤسسات ثقافية مهيكلة ونشيطة ومتجاوبة مع الطلب على الثقافة, فإن صورة المشهد المختل ستكتمل أمامنا , خاصة وأن المؤسسة الثقافية التاريخية التي احتضنت المثقفين على مختلف انتماءاتهم ومرجعياتهم ومجالات تخصصهم المتمثلة في اتحاد كتاب المغرب, دخلت منذ سنوات في حالة من التواري والتراجع بفعل أسباب لا ثقافية في جلها مما أفقد هذه المؤسسة " ذات المنفعة العامة" وهجها وإشعاعها ومصداقيتها في عيون نخب كثيرة من المثقفين والباحثين والمبدعين , ولعل ما يجري داخلها_ منذ سنوات_, من مشاكل تدبيرية , وخلافات لاعلاقة بالثقافة والفكر والإبداع ليطرح بحدة ضرورة التصدي الجاد والعقلاني لمعضلة مأسسة ا لفعل الثقافي , فبدون مأسسة سيظل الفعل الثقافي فعلا فرديا منعزلا باهت الأثر الإشعاع في المجتمع..
4 : هناك اليوم حاجة ملحة واستعجاليه إلى مأسسة ا لمشهد الثقافي والفعل الثقافي, خاصة في ظل محدودية فعل وزارة الثقافة واستمرار تراجع دور اتحاد كتاب المغرب وإشعاعه : ألم يحن الوقت لتعويض وزارة الثقافة " بمجلس وطني أعلى للثقافة" يأخذ فيه المثقفون الفاعلون أمور تدبير الشأن الثقافي بأيديهم, في إطار من الحرية والاستقلالية كمقومين تفرضهما طبيعة الممارسة الثقافية ؟ مجرد تساؤل. .
وكل سنة ثقافية " جديدة" .. والسياسة الثقافية العمومية.. قديييييمة .