أحمد الحطاب: أية مواصفات للمدرس من أجل جودة التعليم

أحمد الحطاب: أية مواصفات للمدرس من أجل جودة التعليم أحمد الحطاب
في الماضي (خصوصا أثناء الخمسينيات والستينيات)، كانت صفة مدرس تعني التَّمَتُّع بوضع اجتماعي يتساكن فيه الاحترام و الاعتبار و الكرامة. كان المدرس، فضلا عن دوره في التعليم، مرجعا أخلاقيا، أي كان له نصيب في تربية المتعلم. وكان هذا المرجع لا يقتصر مفعولُه على مجرَّد الممارسة التعليمية (الفصل). كان له امتداد إلى ما بعد الفصل تَتَبُّعاُ للمتعلم خارج الفضاء المدرسي و حتى داخل الأسرة. كان المدرس في نفس الوقت مربيا من خلال تعليمه ومن خلال تصرفه و سلوكه داخل وخارج القسم. و رغم محدودية الوسائل البيداغوجية الموضوعة رهن إشارته (هيمنة السبورة والطباشير والكتاب المدرسي)، استطاع أن ينجح في الجمع بين وظيفة التعليم ومهمة التربية. كان بكل بساطة مواطنا مُشبَّعا بخُلُق المصلحة العامة.
ما يُلاحَظ اليوم هو أن هذه المواصفات تتجه نحو الاضمئلال أن لم نقل نحو الزوال لتترك المكان لمواصفات حيث يَحُلُّ محل المصلحة العامة فردانية مبالغ فيها أو بالأحرى أنانية. و ما يثير الاستغراب، هو أنه في زمان غَزَتْ فيه تكنولوجيات الإعلام و الاتصال جميع مظاهر الحياة و حيث عرفت تكنولوجيات التربية تقدما صارخا، فإننا نشاهد بالتدريج فصلا (تفكيكا) بين وظيفة التعليم ومهمة التربية. 
تَصَلَّبت وظيفة التعليم تحت تأثير الرتابة والتنميط وتبوأت مهمة التربية مرتبات دنيا جاعلةً من المدرسة مصنعا يُداوِل معرفة لا تصلح إلا للامتحانات ومتجاهلةً المجتمع وحاجياته. لقد عرف المجتمع تقلُّبات كبرى نتيجة تأثير تكنولوجيات متعددة الأنواع. على المدرسة أن تأخذ بعين الاعتبار هذه التقلُّبات للقيام بمهمتها التي اُنشئت من أجلها من طرف، في و لصالح المجتمع. بعيدا عن كل هذا، فإنها بكل بساطة تصبح عبارة عن جسم غريب داخل هذا المجتمع. حينها، قد تصبح عبئا و هُوةً مالية عوض أن تكون رافعة للتنمية.
أكثر من أي وقت مضى، يجب أن تتغير مهمة المدرسة. و أول الفاعلين الذين سيكونون وراء هذا التغيير هم المدرسون علما أن هذا الأخير يجب أن يتحقق حتما من خلال تكوين من مستوى عالي يخضع له هؤلاء المدرسون. وهذا التكوين يجب أن يؤدي إلى تعليم ذي جودة يُسهِّل تساكن التعليم والتربية والتعلم خدمةً لمصلحة المتعلم والأسرة والمجتمع والبلاد.
و حسب تقديري، من المفترض أن يَتوفَّر المدرس الحامل للتغيير على المواصفات التالية :
كعضو في مجتمع ينتظر الكثيرَ من المدرسة، المدرس هو:
-أولا و قبل كل شيء مواطن يتخلَّله إحساس حب الوطن والمصلحة العامة.
-رافعة للتنمية (لأن النشاط و الفعل البشريين هما اللذان يكونان وراء التنمية - إنه شيء يجب أن يبدأ من المدرسة).
-ناقل ثقافة وقيم.
-مثال يُحتذى.
كعضو في المنظومة التربوية، على المدرِّس أن يعرفَ :
-أن مهنتَه هي حقا مترتبة عن تكوين و لكن كذلك عن موهبة.
-ماهيةَ المنظومة التربوية وبالأخص تركيبتها و النصوص القانونية التي تنظمها.
-المنظومة التربوية لبلده وسياسته التربوية.
-الوظيفة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للتعليم والتربية.
-كيفية اشتغال مؤسسة مدرسية.
-أنه عنصر مُهمٌّ في تنفيذ السياسة التربوية.
-أن له دورا حاسما : الدهاب بالمتعلم إلى النجاح و إلى الاندماج الاجتماعي و المهني.
-علاقة مهنته بالآداب و بالأخلاقيات و المسؤولية.
-تفاعلَ المدرسة و الأسرة.
-تفاعلَ المدرسة و المجتمع.
-إسهاماتِ علوم التربية في تحسين و تطوير مهنته.
داخل الفصل، هو :
1.متخصص في مادة أو عدة مواد.
2.مُثقِّف.
3.مربى (يساهم في بناء شخصية المتعلم).
4.بيداغوجي pédagogue (البيداغوجيا كفن للتدريس).
5.مُلمّ بالديداكتيك.
6.ملم بعلم النفس التربوي.
7.مُحاور (بمعنى حلقة وصل).
8.خطيب (بمعنى محيط باللغة).
9.مُنشِّط.
10.مُبدع.
11مُمْتَحِنٌ examinateur.
12.ملم بالتقويم كوسيلة و ليس كغاية.
13.نصير لتكافؤ الفرص.
14.واع بالاختلاف الاجتماعي و الثقافي للمتعلمين.
15.عنصر يسعى لارتقاء الجودة في تعليمه (تحرُّر، تفتُّح فكري، حِس نقدي، استقلال، اتخاذ القرار، الخ.).
خارج الفصل، هو مَدْعُو :
1.بأن ينظر لمهنته و تعليمه و تدخلاته داخل الفصل من زوايا مختلفة (إعادة النظر فيما يقوم به، تقييم ذاتي).
2.للبحث باستمرار عن تحسين تعليمه وسُمعته.
3.لتحديث معارفه المرتبطة بتخصصه.
4.للتأقلم مع تكنولوجيات الإعلام و الاتصال وبالأخص تلك التي تُساهم في تقوية جودة و نجاعة الممارسة التعليمية التربوية.