ولد الرشيد ينزع مسمار شباط ويدقّ مسمار "البركة" في نعش الاستقلال!

ولد الرشيد ينزع مسمار شباط ويدقّ مسمار "البركة" في نعش الاستقلال!

بعد موت الزعيم الاستقلالي أحمد بوستة، والاعتزال السياسي لعبد الرحمان اليوسفي وسعيد أيت يدر، يمكن الجزم بأن المغاربة ودعوا آخر زعماء الأحزاب "المحترمين"!! الجيل الجديد الذي حمل المشعل من بعد هؤلاء القادة حول الأحزاب إلى "غنيمة" و"ضيعة عائلية"، لهذا نرى العديد من "الزعماء" يدقون المسامير في "الأوتاد"، ويتعاهدون مع "الكراسي" بميثاق "غليظ" على ألا يفرقهم إلا الموت أو الدم. وهذا ما يفسر أسباب نزول حرب "الصحون الطائرة» بالمؤتمر 17 لحزب الاستقلال!!

في السنوات الأخيرة تحول انتخاب زعيم حزب إلى ما يشبه "إعلان حرب" بين"الميليشيات الحزبية"، كل فصيل يدخل إلى المؤتمر مدججا بالأسلحةو"التّروس" والمدافع و"الكلاشينكوفات" وراجمات الصواريخ. وفي نهاية المعركة يُحمل الزعيم "المنتصر" على الأكتاف وسط هتافات أنصاره، بينما الزعيم الذي مُني بالهزيمة يترك الميدان مع فصائله وهو يجر ذيول الخيبة، وما هي إلا أيام حتى يشقّ عصا الطاعة عن الزعيم الجديد، ويعلن انشقاقه عن حزبه "القديم" لتأسيس حزب "مناوئ" يكون فيه هو "الزعيم"، لتبدأ دورة حياة حزب جديد في مشهد سياسي أقرب من السخرية وأبعد من الديمقراطية!!
الأحزاب المغربية التي كانت تُبْنى في السابق على "فكرة" و"هدف" و"خط إيديولوجي" و"تيار سياسي"، أصبحت تتأسس اليوم على "النزوات" و"الأطماع" الشخصية وعلى أنقاض حروب المؤتمرات. واليوم قدّم حزب الاستقلال، وقبله "الاتحاد الاشتراكي" و"التقدم والاشتراكية" و"العدالة والتنمية"، صورة
مشوّهة للرصيد التاريخي الذي كانت تتمتع به أحزاب علال الفاسي والمهدي بنبركة وعلي يعتة والدكتور الخطيب.
شباط وهو يقتحم قاعة المؤتمر هو وزبانيّته بتلك المشاهد "الاستعراضية" يقدم البرهان على أن الأمين العام لأقدم حزب مغربي هو زعيم في جسد "بلطجي"، وحمدي ولد الرشيد القادم إلى المؤتمر بـ"كثبان" من الأنصار و"كتيبة" من "المحاربين" المتمرّسين خطط لكل شيء ولن يغادر الرباط حتى ينزع مسمار "شباط" من نعش حزب بلافريج، ويضع مسمار "نزار بركة" ووارث عرش جده علال الفاسي وصهره عباس الفاسي وسليل شجرة أنساب "آل فاس".!!
نزار بركة هو المستفيد الأكبر من حرب «ميليشيات» و"غيلان" الحزب، هو الذي قطف ثمار الحرب الضروس بين شباط وولد الرشيد، تلك الحرب التي استعملت فيها كل الأسلحة المشروعة والمحرمة. هو الآن كمن يسترجع «ميراثا» مسروقا مسجلا باسم الفاسيين الذين تخلص منهم حميد شباط وزيرا وزيرا!!
المياه عادت اليوم إلى مجاريها بعد تنصيب الـ"بركة". شباط، في أعين ياسمينة بادو وتوفيق حجيرة وكريم غلاب ومعظم العائلات الفاسية الكبرى التي كانت تحكم حزب الاستقلال، كان "صفحة فاسدة" لا يدرون كيف تسللت بين صفحات تاريخ حزب علال الفاسي التليد!! السنوات التي حكم فيها حميد شباط تغيرت أشياء كثيرة في حزب الاستقلال الذي فقد توازنه واختلّ ميزانه وانقلب على حلفائه التاريخيين، وسقطت في عهده مدينة فاس في قبضة الأصوليين، وانتشرت فضائح "بلطجة" أنجاله.
شباط الذي كان "يعزف" على وتر "النضال الشعبي" وانتسابه إلى سلالة طبقة العمال والكادحين، سرعان ما أصبح من أثرياء زعماء الأحزاب. تلك "النغمة" التي كان يعزف عليها افتضح أمرها ولم يعد لها أي مفعول بعد أن تسرّبت أرقام حساباته الفلكية ومعاملاته البنكية!!
شباط ابن العامل الكادح الذي صعد على أكتاف نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، حاول المناورة في مقامرة أخيرة بالمؤتمر السابع عشر لحزب الاستقلال مجرّبا أيضا أن يصعد على الأكتاف، لكن عوض أن يستقبل بالهتافات استقبلته الصحون "الطائرة" و"الجانحة" القادمة من "الجنيرال" حمدي ولد الرشيد الذي لا يراهن إلاّ على الأوراق الرابحة. ولد الرشيد حليف الأمس لحميد شباط أدرك بفراسته "الصحراوية" أن كفة "ميزان" حزب الاستقلال أصبحت تميل في اتجاه حلف الفاسيين، فلعب ورقة "نزار بركة" الرابحة، على الرغم من حداثة تجربته السياسية، لكن من يعرف حمدي ولد الرشيد يدرك أنه رجل لا يحب أن يظهر في الواجهة، وبطل الأدوار الخفية، وماهر في تحريك "الدمى" بأصابعه!!
"أبو نضال" صفحة "سوداء" مُزّقت من صفحات تاريخ حزب الاستقلال، ربما ذنب شباط هو أنه قليل الحيلة وكثير التسرع، واندفاعه هو الذي جرّه إلى الانسحاب من الأغلبية الحكومية في عهد بنكيران في خطأ تكتيكي "قاتل" مازال يدفع الحزب ثمنه إلى اليوم، وارتكب الخطأ نفسه حين سلّم حزب
الاستقلال إلى الأصوليين وتحالف مع عبد الإله بنكيران الذي يتقاسم مع شباط "الشعبوية" المقيتة وتمسكّه بمسمار الزعامة!!
المشهد السياسي قام أخيرا بتأبين حميد شباط في انتظار تأبين عبد الإله بنكيران الذي مازال يستعطف ويتوسل أنصاره لتمطيط عمره السياسي خارج القوانين الداخلية للحزب طمعا في العودة إلى الأضواء، مستنسخا تجربة "بوتفليقة" الذي سئم منه حتى الموت ناهيك عن شعبه!! لذا فصاحبنا بنكيران "مبغاش يخلي بلاصتو زينة" مثل حميد شباط الذي غادر حزب الاستقلال من الباب الضيق على إيقاع الفضائح في مشهد تطاير الصحون والكراسي في الهواء، وهو مشهد لن ينساه المغاربة كعنوان راسخ لبؤس مشهدنا السياسي الذي يضحكنا حتى البكاء!!!