زكية حادوش: "الغارديان" وتطبيق المواعدة "تيندر"...؟

زكية حادوش: "الغارديان" وتطبيق المواعدة "تيندر"...؟

كانت لي منذ بضع سنوات فرصة إنجاز بحث "ميداني" عن مواقع المواعدة الالكترونية. وصدقوني لم تكن تجربة ممتعة على الإطلاق، لأن احتمالات أن نلتقي شخصيات سيكوباتية على هذا النوع من الشبكات "الاجتماعية" هي أكثر من حظوظ التعرف على أشخاص أسوياء!

المهم أني خرجت بخلاصات لا داعي للتفصيل فيها، بعضها مزعج وبعضها "يجمد الماء في الرُّكَب" من قبيل انعدام وسيلة لحماية القاصرين من الافتراس الجنسي الافتراضي والفعلي في جل تلك المواقع، على الأقل آنذاك ولا أدري عن اليوم؛ وكذا كثرة البروفايلات المزيفة من رجال يدعون أنهم نساء ومن متزوجين يدعون العزوبية. والأدهى من مجهولين يطلبون "الصداقة" فقط ثم إن قبلتهم يمطرونك بفاحش الكلام وبالتحرش قصد "لقاء حميم عاجل". أما الطامة الكبرى فهي مواقع "الزواج الإسلامي" التي استخدمها "الدواعش"، وربما مازالوا يستخدمونها لاستقطاب فتيات ونساء مرشحات بسبب هشاشتهن الاجتماعية أو النفسية للالتحاق بصفوف أيٍّ كان المهم أن يكون بعيداً عن بلدهن الأصلي!

هذا مجرد غيض من فيض في سياق بحث شخصي، أما مستجدات هذا النوع من المواقع أو التطبيقات، فترِد في الأخبار بشكل يومي إن انتبهنا، آخرها تجربة الصحافية "جوديث دوبورتاي" مع تطبيق المواعدة "تيندر" التي نشرت خلاصتها في صحيفة "الغارديان" الأسبوع الماضي. إذ روت كيف خاضت شبه حرب للحصول على معلوماتها الشخصية من التطبيق المذكور، كما ينص على ذلك القانون الأوروبي في المجال، لتفاجأ بأن ملفها المكون من 800 صفحة بالتمام والكمال يتضمن أشياء شخصية جدا، بل حميمة، تتعلق بها. وأقرت في ختام مقالها أن "تيندر" يعرف عنها أكثر مما تعرف عن نفسها، ثم طرحت سؤالاً مصيرياًّ: ماذا يحدث حين تكون معلوماتنا الشخصية جداً بين أيدي الغير، كتجار وقراصنة و"إرهابيي" العالم الرقمي؟

وقع هذا في أوروبا، أما في دولنا "السائرة في طريق النمو"، حيث لا تطبق قوانين حماية المعطيات الشخصية، فحدث ولا حرج، خصوصا إذا اطلعنا على لائحة التطبيقات الأكثر تحميلاً في المغرب مثلاً. حيث نجد بينها تطبيقات صناديق "الاحتياط الاجتماعي" و"التغطية الصحية" (طبعاً في إطار ما يسمى" E-gov"  الشبيه بالمكننة أيام الثورة الصناعية التي تخلصت من الإنسان وعوضته بالآلة وأنتجت بالتالي صراعات ما زالت مستمرة إلى الآن)، ثم تطبيقات "أرقام بنات لعلاقة جنسية" و"نكت تحت السمطة" (ما زلنا في قاع هرم "ماسلو"). وهنا لابد من التنكيت على الغبي الذي يعتقد بأن هناك أشياء مجانية وبأن "التحميل" وما ينتج عنه كله "فابور"!

لا ننسى تطبيقات مواعد الصلاة والأذان، كأننا في بلد لا توجد فيه صوامع للأذان، ولا مساجد في كل مكان يوجد فيها بشر، إلى درجة أن بعض "المحسنين" حولوا مرائب في عمارات سكنية إلى مساجد ينطلق منها مكبر الصوت ليعلم كل الحي بوقت الصلاة. وصار الأذان مناسبة للتبارز في إصدار أصوات منفرة لا تفرق فيها بين الأذان الشرقي والمغربي وبين بداية الأذان ونهايته.

أيْننا من أذان زمان، خصوصاً في الفجر، الذي "يشَوِّك اللحم"؟ لا ينقصنا سوى أذان "غوغل" و"آبل"، في إطار إمامة الذئب لقطيع الغنم!