ويكفي هنا أن نستحضر كمثال حي مصلحة بطاقة التعريف الوطنية التي تتوفر في المجموع على ثلاثة عناصر، أحدها يتواجد في وضعية استفادة من عطلته السنوية، والأخر كان في رخصة ولادة،ليتبقى عنصر نشيط واحد تراكمت عليه الملفات إلى درجة إصابته بإجهاد كبير تسبب له في جلطة قلبية استدعت حضور سيارة الإسعاف لنقله للمستشفى في وضعية خطيرة. هذا الوضع فرض استدعاء العنصر الذي كان في رخصة ولادة ليعمل بمفرده على استقبال الأعداد الغفيرة من المواطنين والتي وصلت في يوم واحد إلى ما يناهز 300 ملف،رغم أنه يعيش ظروفا إنسانية قاسية أخرى، تتعلق بوالدته الكبيرة السن المقيمة بالمغرب والتي تدهورت حالتها الصحية في الآونة الأخيرة.
إن المجهودات الجبارة التي تقوم بها عناصر المديرية العامة للامن الوطني، تقتضي من المسؤولين القائمين على وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الاهتمام بمعاناتهم ومساعدتهم على توفير الظروف الملائمة حتى يقوموا بتأدية مهامهم على الوجه الأكمل، والعمل على إنجاح المشروع الجديد المتعلق بأخذ المواعيد المسبقة الذي بقي حبرا على ورق في هاته الفترة.
معاناة إنسانية أخرى يعانيها سائر موظفي وأعوان القنصليات المغربية المنتشرة عبر سائر أقطار المعمور، تتجلى في حرمانهم من عطلهم السنوية ابتداء من 15 يونيو إلى 15 شتنبر من هذه السنة ،بالإضافة إلى مطالبتهم بالعمل يوميا، وعلى مدار الأسبوع، بما في ذلك السبت والأحد من الثامنة صباحا الى الثامنة مساء، والسبت إلى الثالثة زوالا، والأحد الى الواحدة زوالا مع بقاء الديمومة عبر الهاتف 24/24 طيلة أيام الفترة المذكورة. هذا القرار المجحف اثار صدمة كبيرة وسط الموظفين الأعوان المحليين ،خصوصا أولائك الذين كانوا قد حجزوا تذاكر السفر للمغرب بعد فترة عمل طويلة وشاقة منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، أو أولائك الذين فسخوا عقود الكراء للانتقال إلى أماكن عمل اخرى، أو حتى الذين سيعودون للوطن بعد انتهاء مدة مهامهم القانونية.
إن تفاني طاقم القنصلية المغربية ببروكسل في أداء واجبه خدمة لأفراد الجالية المغربية، انسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يقتضي صراحة من القائمين أن يبحثوا في كل السبل الكفيلة بتخفيف الضغط عليهم بما يراعي ظروفهم الانسانية والاجتماعية،وضرورة إيجاد حلول آنية عاجلة للمشاكل والمعاناة الإنسانية التي تعيشها، خصوصا فئة الأعوان المحليين التي تقوم بمجهودات جبارة تستحق كل التنويه والشكر، لكنها تقابل بنكران وجحود من طرف مسؤولي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الذين رغم مرور كل هاته السنين الطويلة لم يتمكنوا بعد من تلبية المطالب الاجتماعية المشروعة التي تطالب بها هاته الفئة النشيطة.