بوعلام أعنان ، تعرفت عليه في بداية التسعينيات كجار في حي البساتين ( الحسنية ) بسيدي يحيى ، أب عمر المسؤول في مكتب التعاونية الحسنية للسكن ...شيخ وقور ، حكيم ورصين ...يجر وراءه تجربة نضالية متجذرة في التاريخ ...نعم شيخ وقور وحكيم ؛ ساكنة الحي ، كل ساكنة الحي تكن له التقدير والاحترام ...كان رمزا لاستمرار الماضي في الحاضر ...كان ضميرنا ...كان عنوان " تمغربيت " فينا ...كان هويتنا وكينونتنا ...كان شيخنا ...
بوعلام أعنان كان مؤمنا ؛ مؤمنا بالله واحدا أحدا لا شريك له ، مؤمنا بالمغرب وطنا عزيزا ، حرا ومسقلا ، وفيا للمؤسسة الملكية ، وفيا للشعار والنشيد ( منبت الأحرار...)
بوعلام أعنان كان بوصلتنا في زمن التيه والتلف ...كان معلم الحي ...أطفالنا كانوا يحبونه ببراءة سحرية ...يقبلون يديه ...ينصتون اليه ...يتبعونه الى المسجد فجرا ، ظهرا وعصرا ، مغربا وعشاء ...هو من علم أولادنا قيم الدين السمحة ، هو من زرع فيهم حب الاسلام الأصيل ، هو من جذبهم الى المسجد ...وقد كان بوعلام أعنان مرتبطأ أشد الارتباط بمسجد الحي ، هو المؤذن والامام ، هو قدوتنا ...
بوعلام أعنان كان معلما ، علم أولادنا قيم الجد والمسؤولية ، قيم الحب والتضامن ...أبعدهم عن الانحراف والعبث ...أولادنا هم الان ، بفضل تربية بوعلام أعنان ، كفاءات عالية ، أطر مقتدرة في المغرب وخارج المغرب ؛ كندا ، أمريكا وفرنسا ...
بوعلام أعنان كان حارسنا ، حارس الحي ، محذرنا ومنبهنا ...كان شيخا وقورا ...لا يتكلم ولا يثرر ، يعلم بصمت وحكمة ...علمنا أن الشيخوخة ليست خرفا بل حكمة...
واليوم يرتاح بوعلام أعنان ، يرحل في صمت ، يرحل ليبكيه الصغار والكبار ، النساء والرجال...الكل يبكي رمزا ، يبكي رجلا ، يبكي حكيما ...كان أب الجميع ...واليوم تيتم الجميع ....
نم مطمئنا يا بوعلام ، فوجودك لم يكن عابرا ومؤقتا ، كنت الاب والمعلم والحكيم ...
نم مطئنا يا بوعلام فلك في عمر ابنك خير خلف لخير سلف ...انت من زرعت فيه قيم السمو والكرامة ، الشموخ والكبرياء ، العفة والترفع ، النزاهة والاستقامة ، الرجولة والمروءة ...انت من زرعت فيه الشجاعة والجرأة ؛ نزعت منه الخوف والجبن ، الاستسلام والخيانة ...زرعت فيه حب الوطن وحب الملك ؛ رمز الوحدة والسيادة ...
عمر أعنان ابن بوعلام أعنان ؛ ذلك الغصن من تلك الشجرة ...واليوم يختار حزب الاتحاد الاشتراكي عمر أعنان وكيلا للائحة التشريعيات القادمة ، اختيار لم يكن صدفة ولا عبثا ...عمر أعنان معه ستزهر الوردة في وجدة ...