تنقسم بنية الحي في هندسة غريبة عجيبة إلى نصفين غير متكافئين قد يفوق طرف الآخر لايهم لكن استطاع كل منهما أن يكمل بدوره عمل الآخر . فالطرف السفلي يسكنه عامة الناس من الحرفيين والمياومين والصناع والمتسكعين البيوت متداخلة فيما بينها تشبه لحد بعيد الصناديق أو كما يشبهها "باحسن " حين تثور ثائرثه منتفضا ضد صاحب العقار وهو يطالبه بواجب الكراء عند حلول اليوم الأول من كل شهر ينعثها بالقبور لضيقها . يوجد فران بلدي وحمام وبعض الورشات التي كانت فضاء للقاء بين أبناء الحي حيث تختص في مهن البعض منها لم يصمد أمام كل هذا التطور فاندثرت منسحبة من الساحة بعدما توفي روادها وغادرها الشباب لشح مواردها . والبعض الآخر لازال يقاوم رغم قساوة الظروف. الضجيج يعلو المكان ونسوة يجلبن الماء من السقاية الوحيدة يحكين تفاصيل عراك بالأمس انتهى بتدخل الأمن واقتيد الغريمان إلى مخفر الشرطة بعدما إنقض شاب في مقتبل العمر على نديمه في ليلة تبادلا فيها الكأس والرفس لتصفية حساب قديم بينهما . لايهدأ صخب الحي مهما بلغ الليل مداه .فتسمع صوتا خافتا يساير أغنية لكوكب الشرق في سمر اعتاد سي حميد أن يخصصه لخلانه كل يوم سبت . وصياح منبعث من بيت "بالهاشمي" كالعادة في حوار روتيني مع زوجته بعدما استفسرته في أمور طلب تأجيلها للغد دون أن تدعن .فبادلها الشتم بكلماته المعهودة والتي تثير لدى الجيران بعض الردود المستفزة فيوجه رسائله لمن يعنيهم الأمر ليعم الصمت والهدوء المكان .(يتبع)