كيف خانت نبيلة منيب «الرفاق» الذين أسقطوا شعار «نبيلة نجمتنا» ورفعوا شعار «نبيلة خيبتنا»!!

كيف خانت نبيلة منيب «الرفاق» الذين أسقطوا شعار «نبيلة نجمتنا» ورفعوا شعار «نبيلة خيبتنا»!! نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد
حين اعتلت نبيلة منيب سدة إدارة الحزب الاشتراكي الموحد بعد انتخابها أمينة عامة في يناير 2012، اعتبرنا ذلك إشارة واعية من اليساريين المغاربة لتجسيد معنى التحديث، وللانتصار الفعلي لثقافة النوع.  وقد تدعمت هذه الإشارة بما كانت تتمتع به منيب من كاريزما تزاوج ما بين جمال الصورة ودقة العبارة ونفاذها، ومن كفاءة علمية باعتبارها أستاذة جامعية، خريجة الجامعات الفرنسية في علم البيولوجيا، إضافة إلى دورها الناجح كزوجة وأم لثلاثة أبناء.
لأجل ذلك كان من الطبيعي أن تستقطب حولها الأضواء من الداخل والخارج باعتبارها المرأة الأولى التي تقود حركة اليسار في المغرب. ولذلك كنا كتبنا يومها بأنها «الصوت القادم إلينا من المستقبل». وبقدر ممارستها لمهمة القيادة بقدر ما كانت تتراكم من حولها الآمال في أن تنهض بحركة اليسار، وفي أن تحقق حلم المغاربة بالقطب اليساري الكبير، خاصة أن أول اختبار كان قد واجهها، بعد أقل من شهر على تحملها مسؤولية القيادة، هو اندلاع حركة 20 فبراير الذي أبلت فيه البلاء الحسن، بحضورها في الميدان إلى جانب المحتجين، وبتصريحاتها الحصيفة المساندة لطموح المواطنين في بلوغ مغرب جديد، وباحتضان مقرات الاشتراكي الموحد لاجتماعات الحركة.
هكذا كانت الصورة الأولى للأمنية العامة التي تكرست كوجه أساسي في اللوحة العامة لخريطة الأحزاب في المغرب، وهكذا ظلت إلى أن توهج الألق إثر مشاركتها، في أكتوبر 2015، ضمن وفد الأحزاب المغربية إلى ستوكهولم لالتقاء المسؤولين في السويد لتوضيح الموقف المغربي من قضيتنا الوطنية..
وفي ما كان المفروض أن تتعزز هذه الصورة بالانضباط للعمل التنظيمي، وبروح إشراك زملائها في القيادة والقواعد، بدأ اتهامها بالإخلال بالمواعيد، إذ تأجل انعقاد المؤتمر الوطني الرابع الذي كان يجب أن يلتئم بعد مرور ثلاث سنوات كما هو مقرر في وثائق الحزب. ومن ثم بدأ الروتين والتصدع يهددان صورة الحزب وقائدته على حد سواء.
كان التحدي الأول هو الإسراع بتنظيم المؤتمر، وبموازاته او على ضوئه بدأت تبرز خلافات في حول تصورات العمل الحزبي وآفاق التحالفات الممكنة، والعلاقة بالدولة والمجتمع. ومن صلب ذلك طرح التحدي الثاني معبرا عنه بكيفية تنظيم الاختلاف بين تلك التصورات. يومها لم تتمكن منيب من أن تلعب دور الحكم. بل كانت طرفا في الصراع النظري والتنظيمي حيث تقدمت هي الأخرى بورقة في مواجهة أوراق أخرى. ثم تأخر انعقاد المؤتمر. ودخل الحزب، ضمن إطار فيدرالية اليسار الديموقراطي، لجنة الانتخابات التشريعية حيث استعادت منيب ألقها الذي بفضله أدارت حملة نموذجية، لكن النتائج المخيبة للآمال مست بالسلب صورة الحزب وقائدته مرة أخرى.
خلال ذلك ظل الاختلاف يتواصل حد التصدع. ونتيجة ذلك تمدد أجل المؤتمر إلى أن كتب له الانعقاد في سنة 2018 ليتوج نبيلة منيب قائدة للمرة الثانية والأخيرة افتراضا كما ينص على ذلك القانون.
وكما لو أن الوقت صارا عدوا، فقد دخلت نبيلة منيب في الخصومات مع بعض مكونات الحزب. ثم صارت تستسهل إلقاء التصريحات مما أصبح يعطي الانطباع بأنها لا تحضر للظهور الإعلامي بما يجب من جدية وتمحيص. هكذا أدارت إعلاميا خرجاتها من أجل تفسير تعطيل مشروع الإدماج، حيث لم توفق في إقناع قواعد الحزب والفيدرالية، فكيف بعموم المواطنين والرأي العام.
وهكذا أدارت إعلاميا موضوع الخلاف مع عمر بلافريج ممثل الفيدرالية في البرلمان الذي تعاطت معه كما لو كان موضوعا شخصيا، حيث كانت تعطي الانطباع كما لو صار يشكل لها عامل إزعاج في بيتها الشخصي. ثم كانت الطامة الكبرى تصريحها بأن وباء كورونا هو مجرد مؤامرة حيكت من طرف المؤسسات والقوى الكبرى بهدف فرض نظام عالمي جديد، ولفرض الوصاية على البلدان». وهو ما جعلها محط سخرية. بل حتى في ردودها على ذلك سقطت سياسيا ولفظيا بعد أن نعتت المتسائلين والمستغربين من أطروحتها بالجهل، متعالية عليهم بذكر الشهادات العلمية والقراءات.
لم نعد في حظيرة السياسة والسياسيين، بل في ردهات الحمامات، خاصة إذا استحضرنا ما يتسرب من اجتماعات القيادة حيث لا تترد منيب في التلفظ بكلام لا يليق بقائدة سياسية، أو بمواطنة بسيطة..
بعدها توالى السقوط الحر:
لقد انتقد رفاقها توقيعها رفقة أحزاب «السلطة» لبيان حول القضية الوطنية دون أن تستشيرهم في الأمر، او تبلغهم بالموضوع.
إلى جانب ذلك تواصل انتقادها شخصيا باتهامها بتعطيل مشروع الإدماج، وبتعمدها ذلك لتطل مستفردة بقيادة الحزب الاشتراكي الموحد الذي ظلت تحكمه بدون إنصات للرأي الآخر، لأنها مشدودة فقط، كما يرى منتقدوها، إلى نتائج الانتخابات، وإلى طموحها الشخصي في أن يكون لها مقعد في البرلمان، فيما كان المفروض أن يكون الحزب والفيدرالية قد حسموا في موضوع الترشحات وإدارة الحملة، وفي إقرار خطط التواصل مع المناضلين والمواطنين.
من هنا تتوضح أسباب إبطال مشروع الإدماج، وأسباب تعطيل عقد مؤتمر الحزب في وقته. هكذا، وكما يرى المتبعون، تصبح نبيلة منيب ضد نبيلة منيب، وضد الحزب والفيدرالية، وضد حلم التجمع اليساري الكبير، حيث تسقط شعارات التداول حول القيادة، وضرورة النقد الذاتي، والقيادة الجماعية ليتكرس فقط تضخم الذات، ومنطق الحسابات الشخصية.
كان الرفاق والمواطنون يهتفون من قبل نبيلة نجمتنا.
أصبح الرفاق والمواطنون، أو قطاع واسع منهم يهتف اليوم: نبيلة خيبتنا.