إن كل ما هنالك أن مجتمعنا الإسلامي صار عبارة عن حضيرة للأفكار المتامثلة و المقدسة الغير القابلة للنقاش و التي تجعل من يفكر في أن يفك خيوطها ضمن خانة الزنادقة و الكفار المرتدين، فالفكر في هذه الحالة أضحى جريمة، و العقاب الإجتماعي هو المصير المحتوم، دون أي تدخل من الدولة أو عقاب من لدنها, فقط تترك مرتدي حانات النفاق الإجتماعي هم من يقتصون ممن يريد أن يخلع عباءة الشيخ و المريد و يتحرر بفكره، ليجعل ثقبا من نور يتسلل نحو عالم صار كله ظلاما دامسا من الجهل و التخلف و الرجعية.
الفكر و النقاش الحر مهما كان مستواه أو اتجاهه أو المنحى الذي يود استهدافه، لم يكن يوما عيبا أو حرما أو ربما تعبيرا صريحا عن فساد ديني أو نشر للزندقة، بل بالعكس من هذا كله، كان و على مدى التاريخ ركيزة للدول المتقدمة و الحضارات العتيدة و الأمم التي عرفت صحوة علمية و ثقافية حقيقية.
لماذا في مجتمعاتنا الإسلامية نعاقب و نحاسب كل من يود الخوض في النقاش الديني و يريد أن يطرح أسئلة فلسفية عميقة و يخوض في غمارها بحثا عن الحقيقة، هذه الحقيقة التي من شأنها أن تزيد من إيمانه و تشبثه بدينه أو تجعله ينفر و يرجع خطوة إلى الوراء... لماذا نلقي بإحكام القيمة هكذا جزافا على كل من يود البحث عن الحقيقة و اليقين. بدل مناقشته بالحجة و الدليل في آخر المطاف هي قناعاته و أسلوبه في الحياة.
نقاش الطابوهات في المجتمعات المتخلفة دائما تكون خطا أحمر و ويل لكل من تجرأ على ذلك، فهناك ثلاث طابوهات يحرم نقاشها بكل حرية لتقول فيها ما تشاء، و نقاشك فيها يكون بحذر مستخدما حدودا وهمية و عرفية و مستحضرا صورا و مرجعيات تاريخية، و هي الدين و السياسية و الجنس، لكن هذه الطابوهات هي نفسها تتفاوت في مدى خطورة نقاشها داخل مجتمعنا، فيكون الدين هو أخطرها و أصعبها نقاشا يليها الجنس ثم السياسة.
إذن نحن مجتمع يحرم عرفيا النقاش الديني، و يتخذ كل من يناقش في أسراره و كرونولوجيته التاريخية و أصوله زنديقا يريد إفساد المجتمع، رغم أن الدين نفسه يحث على استخدام العقل و التدبر و التفكر و التأمل. و هذا وارد في القران نفسه.
لكن بعبع النقاش الديني و الخوف من الخوض في نقاشه سببه داخل مجتمعاتنا هو الجهل بالدين و الخوف من التورط في أمور تجعل عقيدته تتمايل، لأن عقيدته أصلا مبنية عن تقليد وليس عن علم و اقتناع، و إلا لكانت حجته مقنعة و صادمة أمام كل من يود الخوض في النقاش الديني.
بكل بساطة إن مجتمعنا مبني على عقلية الشيخ و المريد، و أن لا تجادل أو تناقش، ولَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ، و في نفس الوقت يطلب مني التأمل و التدبر و التفكر.
هناك فرق كبير و شاسع بين الإلحاد أو "الزندقة" و بين النقاش الفكري الديني، فليس كل من يناقش نقاشا دينيا هو ملحد أو لا ديني و ليس كل ملحد أو لا ديني يستطيع أن يناقش نقاشا دينيا فكريا حقيقيا. فالأفضل أن ندع التصنيفات الشخصية جانبا و نترك المجال للنقاش الحقيقي، احتراما للعقل البشري و من أجل مجتمع سوي عقليا.
و لا ننسى أن مجتمعنا مليء بالتناقضات أو ما يسمى بالنفاق الإجتماعي، فأول من يهاجمك أو يتهمك بالزندقة هم أولائك الذين يشرعون التحرش بحجة اللباس الغير المناسب و يرتادون الخمارات و يأكلون مال الآخر بغير حق ، و يجعلون جل كلامهم في الآخر، و يفتون من غير علم، و يجعلون من الكذب و البهتان و المصلحة الشخصية على حساب الآخر فوق أي اعتبار، و من الخمول و الكسل و الجمود الفكري جزءا من شخصيتهم الضعيفة، و يعلقون كل فشلهم حول مؤامرات عالمية وهمية.
أبهذا نريد مجتمعا سويا متحضرا و قويا، متعلما و متنورا يكسر أغلال الفكر أسير الجهل و الظلام ؟
فالمجتمعات المتخلفة ظلت تخضع لتقاليد و أعراف يفرضها عليهم سادتهم وكبراؤهم؛ ويلزمونهم الإيمان بها إلزاما، ويفرضون اعتقادها عليهم فرضاً، فإن تطلعت عقولهم إلى إدراك حكمة هذا التكليف، أو سرّ هذا الفرض، ألزموا بان يصدوها عن سبيل هذا التطلع، ويردوها على مكروهها صاغرة؛ ذلك بأنهم كانوا يرون البحث والنظر إثما وإلحاداً، وإعمال العقل في التكاليف والشرائع طغياناً وكفراً، فإن سألهم سائل عن شيء من ذلك جعلوه خارجاً على سلطان الدين، مارقاً من تعاليمه، مستوجباً أقسى العقوبات في الدنيا، والهلاك الأبدي في الآخرة
وخفي عليهم أن الإيمان تصديق لا ترغم عليه النفس إرغاما، ولا يكره عليه العقل إكراها. فإنك لا تستطيع أن تؤمن بأن العنب حلو المذاق إلا إذا ذقته وتصورت إمكان الحكم بالحلاوة عليه آمنت بعد ذلك إيمانًا جازما لا يطوف بجنباته الشك بأن العنب حلو.
أما إذا أكرهت على القول بأن العنب حلو؛ وأنت لا تدري ما العنب، لم يكن لقولك هذا أثر في نفسك وقلبك. إنما قول باللسان، لا يصدقه عقل.
المشكل الحقيقي في كل هذا، أن هذه السطحية في التفكير و الخوف من النقاش الديني و جعله مقدسا بحيث يحرم النقاش فيه، جعلت من مجتمعاتنا خصوصا بعد الغزو الوهابي الفكري، مجتمعا تبعيا أشبه بقطيع من الماشية يساقون باسم الدين، بهدف استغلال سذاجة المجتمعات الخانعة فكريا من أجل مصالح شخصية محضة تخدم أجندة من لهم المصلحة في نشر هذا الفكر التكفيري لكل من يود الخوض في نقاشه.
فماذا ننتظر من مجتمع يؤمن بالكتاب والسنة و يجعله مقدسا، والدم جزاء من يناقش فيها، و هو لم يقرأ يوما كتابا واحدا من كتب السنة أو السيرة، للترميذي أو البخاري او الطبري و غيرهم كثير، و بهذه الكتب حقائق لو ناقشتها لاتهمت بالزندقة و الكفر مباشرة، رغم أنك لم تأت بشيء من عندك و لكنها مذكورة بكتب هم يؤمنون بها و هي جزء من الدين الإسلامي.
فماذا تنتظر إذن من مجتمع لا يحفظ من القران سوى قصار السور و يحاججك بها دون علم بمواضيعها و أسباب نزولها و حتى حافظيه بالكامل يجهلون معانيه الحقيقية و شروحاته، و ما تعلموه هو فقط ما جاء به معلموهم و فقهاؤهم عبر التواتر و حفظوه دون تحليل أو نقاش موضوعي.
فإذا قلنا أن صحيح البخاري مثلا هو كتاب من كتب السنة و أن ما جاء فيه من أحاديث كلها صحيحة لا يمكن أن تشوبها شائبة، فنجد فيها باب نكاح القردة بحيث أن مجموعة من القردة حفرو حفرة و جعلو فيها قردة (أنثى) قد زنت و رجموها حتى الموت، فهل يصدق عاقل هذا العبث و هذه الخرافة، خصوصا أننا نعلم أن حيوان القرد يفقد لمنطق العقل الذي سيصل به لحد فرض تشريعات و قوانين، خصوصا و أن الحادثة الوهمية كانت أيام الجاهلية، بحيث لم يكن هناك اسم زنى أصلا، فأي عاقل سيصدق هذا؟.
حدثنا نعيم بن حماد حدثنا هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون قال رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم – صحيح البخاري - 3849.
ثم المتعارف عند أهل السنة في ما يخص زواج المتعة و الحديث عنه، هو عمل لا يأتيه سوى الروافض و أهل الشيعة و أنه عمل يحرم عند أهل السنة، لكن ما لا يعرفه أهل السنة، أن زواج المتعة مذكور بالحرف في سنن البخاري و بالحديث الصريح
- حَدثَنَا مُسَددٌ، حَدثَنَا يَحيَى، عَن عِمرَانَ أَبِي بَكرٍ، حَدثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ رَضِيَ الله عنهما - أُنزِلَت آيَةُ المُتعَةِ فِي كِتَابِ اللهِ، فَفَعَلنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ، وَلَم يُنزَل قُرآنٌ يُحَرمُهُ، وَلَم يَنهَ عَنهَا حَتى مَاتَ،
قَالَ: رَجُلٌ بِرَأيِهِ مَا شَاءَ -صحيح البخاري- 4518.
فبالتالي لو ناقشت أحدهم مثل هذه الأمور البسيطة و المذكورة في كتب السنة و التي ليست من ابتكار و اختراع أحد من هذا العصر فسيكفرك و يجعل منك زنديقا، لأنه و بكل بساطة... لا يقرأ. و إذا كنت ستقول لي إن صحيح البخاري ليس هو القرآن و أن ما جاء بالقرآن خير و أفضل، سأقول لك إن إسلامك ناقص و لا يكتمل و لا تسمى بمسلم دون أن تأمن بالقران و السنة، و أن الطعن و الضرب في صحاح الكتب يعني الدعوة للمطالبة في إعادة النظر بهذه الكتب و تصحيحها و مناقشتها، و بالتالي الدخول في متاهة كبرى ستعيدنا إلى زمن الخلافة الإسلامية بالجزيرة العربية و التحقيق في بعض الوقائع و المعطيات و تبيان مدى مصداقيتها و مطابقتها للعقل و المنطق و تغيرات الزمان و المكان و تطابقها مع العصر الأني.
بالإضافة إلى أن هنالك نصوص قرآنية تحث المومنين للإعتراف بالكتب السماوية الأخرى وتدعوهم للإيمان بها وتعلن "إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور" "وأتيناه الإنجيل فيها هدى ونور" وتشير إلى "أن الذين آمنوا والذين هادوا والنصاري والصابيئن من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، وتؤكد بأنه "لا نفرق بين أحد من رسله" بيد أن هنالك نصوص أخرى تذهب خلاف ذلك وتعلن بأن "الدين عند الله الإسلام"، وتبين أنه "من يبتغي غير الإسلام دينا فلم يقبل منه"، وتحث إلى قتال أصحاب المعتقدات الأخرى وتخييرهم مابين الإسلام والجزية والحرب، وتؤكد "قاتلوا.. حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون"، وتشدد علي ضرورة عدم مولاتهم وتوضح "ومن يتولهم فإنه منهم"، وترفض في ذات الوقت زواجهم من نساء المسلمين، فأي تسامح ديني هنا ننادي به في عصرنا الحالي.
إذن أليس من حقي أن أتساءل حول هذه الإشكالية الدينية العميقة التي تشكل منعطف في الفكر الديني و التي توجب الوقوف عندها و نقاشها بشكل جدي و عقلاني، بعيدا عن أي تكفير أو اتهامات بالزندقة أو الكفر أو الردة؟
فمن منكم لا يعرف الرازي والخوارزمي والكندي والفارابي والبيروني وابن سيناء وابن الهيثم ؟. ومن منكم لم يسمع بالغزالي وابن رشد والعسقلاني والسهروردي وابن حيان والنووي وابن المقفع والطبري؟؟. ومن منكم لم يقرأ لافتات المدارس والمعاهد والمراكز العلمية والأدبية التي حملت أسماء الكواكبي والمتنبي وبشار بن برد ولسان الدين الخطيب وابن الفارض والجاحظ والمجريطي والمعري وابن طفيل والطوسي وابن بطوطة وابن ماجد وابن خلدون وثابت بن قرة والتوحيدي؟؟؟.. لا شك أنكم تعرفون هذه النخبة المتألقة من الكواكب المتلألئة في فضاءات الحضارة العربية التي أشرقت بشموسها المعرفية الساطعة على الحضارة الغربية, ولا ريب أنكم تتفاخرون بهم وبإنجازاتهم العلمية الرائعة في الطب والفلسفة والفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلم الفلك والهندسة والفقه وعلم الإجتماع والفنون والآداب, وكانوا أساتذة العالم فكرا وفلسفة وحضارة, وتعلمون أن عواصم كوكب الأرض تسابقت فيما بينها لإصدار باقات من الطوابع البريدية الجميلة لإحياء ذكراهم, فحلقوا فوق سحب القارات السبع, ونشروا رسالتهم المعبرة عن مشاعرهم الإنسانية الصادقة بين الشعوب والأمم على اختلاف ألسنتهم ودياناتهم.. لكنكم لا تعلمون حتى الآن أن هؤلاء العلماء الأعلام صدرت ضدهم سلسلة من الأحكام التكفيرية بقرارات ونصوص متطابقة بالشكل والمضمون مع قرارات محاكم التفتيش, التي كفرت غاليلو, وجيوردا, ونويرنو, وكوبرنيكس, ونيوتن, وديكارت, وفولتير, وحرمت قراءة كتبهم, وبالغت في مطاردتهم وتعذيبهم والتنكيل بهم, فلا فرق بين تلك الأحكام التعسفية الجائرة, وبين الأحكام الإرتجالية المتطرفة, التي ضللت الناس, وحرضتهم على قتل الطبري, وصلب الحلاج, وحبس المعري, وسفك دم أبن حيان, ونفي ابن المنمر, وحرق كتب الغزالي وابن رشد والأصفهاني, وتكفير الفارابي والرازي وابن سيناء والكندي والغزالي, وربما لا تعلمون أن السهروردي مات مقتولا, وأنهم قطعوا أوصال ابن المقفع, ثم شويت أمامه ليأكل منها قبل أن يلفظ أنفاسه بأبشع أنواع التعذيب, وأن الجعد بن درهم مات مذبوحا, وعلقوا رأس (أحمد بن نصر) وجالوا به في الأزقة, وخنقوا (لسان الدين بن الخطيب) وحرقوا جثته, وكفروا (ابن الفارض) وطاردوه في كل مكان.. أغلب الظن أن عامة الناس لا يعلمون بما قالوه عن ابن سيناء الطبيب والعالم والفقيه والفيلسوف, ولا يعلمون بما قاله عنه ابن القيم في (إغاثة اللهفان 2/374), حين قال: ((إنه إمام الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر)), وقال عنه الكشميري في (فيض الباري 1/166): ((ابن سيناء الملحد الزنديق القرمطي)), وقال عنه الشيخ صالح الفوزان: ((إنه باطني من الباطنية, وفيلسوف ملحد)). . .
ولا يعلم الناس بما قالوه عن أبي بكر الرازي, الطبيب والعالم والفيلسوف. قال عنه ابن القيم في (إغاثة اللهفان 2/179): ((إن الرازي من المجوس)), و((أنه ضال مضلل)).. وقال ابن العماد في (شذرات الذهب 2/353) عن الفارابي: ((اتفق العلماء على كفر الفارابي وزندقته)), وقالوا عن محمد بن موسى الخوارزمي: ((انه وإن كان علمه صحيحا إلا أن العلوم الشرعية مستغنية عنه وعن غيره)), وقالوا عن عمرو بن بحر الجاحظ: ((انه سيء المخبر, رديء الاعتقاد, تنسب إليه البدع والضلالات)), وقال عنه الخطيب بسنده: ((انه كان زنديقا كذابا على الله وعلى رسوله وعلى الناس)), وقالوا عن ابن الهيثم: ((انه كان من الملاحدة الخارجين عن دين الإسلام, وكان سفيها زنديقا كأمثاله من الفلاسفة)), وقالوا عن أبي العلاء أحمد بن عبد الله المعري: ((انه كان من مشاهير الزنادقة, وفي شعره ما يدل على زندقته وانحلاله من الدين)), وقالوا عن نصير الدين الطوسي: ((انه نصير الشرك والكفر والإلحاد)), وقالوا عن محمد بن عبد الله بن بطوطة: ((انه كان مشركا كذابا)), وشتموا يعقوب بن إسحاق الكندي, وقالوا عنه: ((انه كان زنديقا ضالا)), فقال عنهم: ((هؤلاء من أهل الغربة عن الحق, وإن توجوا بتيجان الحق دون استحقاق, فهم يعادون الفلسفة ذبا عن كراسيهم المزورة, التي نصبوها من عير استحقاق, بل للترؤس والتجارة بالدين, وهم علماء الدين)), وكان يرى: ((إن في علم الأشياء بحقائقها علم الربوبية, وعلم الوحدانية, وعلم الفضيلة, وجملة علم كل نافع, والسبيل إليه)), وكان يعتقد إن السعي لمعرفة الحقيقة هو مقصد جميع الأنبياء والرسل, وليس فقط الفلاسفة, وبالتالي فإن الفلسفة ليست كفراً, على عكس ما يقولوه علماء الدين، كيف لا و هم من احرقوا جميع كتب ابن خلدون ذاك الكنز الإنساني الحقيقي و النادر و اتهموه بالزندقة و الكفر، جريمة بشعة إنسانية نكراء قاموا بها باسم الدين، و تبوؤوا من الجهل العميق مقاعد لهم.
مشكلتنا أننا لا نقرأ، رغم أن القران قال لك إقرأ، فأساس كل هذا التخلف هو فصل الفلسفة عن الدين و تحريم الفلسفة و جعلها منافية و معادية للدين الإسلامي معتقدين أنها تدعو إلى الإلحاد و الكفر و هي تدبير من تدابير الوهابية المقيتة التي تسعى إلى الربح المادي الإقتصادي و البسط السلطوي باستخدام تقنية تجميد الفكر الديني و جعله يأخذ منحى واحدا و هو الطاعة العمياء، رغم أن القران نفسه دعا إلى التدبر و التفكر و التأمل، وهي أساسيات البحث الفلسفي، مشكلتنا أننا نستميت في الدفاع عن الدين الإسلامي بالجهل، غير قادرين على تقبل الحقيقة إذا ما أراد أي شخص أثارت النقاش في موضوع له علاقة به، في حين يتم تجاهل أي موضوع آخر يخص الإقتصاد أو أي مشكل اجتماعي.
إذن هذا يحيلنا أن المحرك الرئيسي لمجتمعنا هو الدين، بدل أن يكون المحرك الرئيسي هو الاقتصاد الذي هو أساس جميع الدول المتقدمة... و يعني أيضا أن المطالب الإجتماعية تساوي صفر أمام النقاش الديني، فعلى الأقل يجب أن تكون هناك موازنة بين ما هو ديني و بين ما هو اقتصادي أو اجتماعي، فلذلك نحن دولة متخلفة و لن يستقيم لنا شيء أو نحلم بنهضة حقيقية دون أن نكسر طابو نقاش الدين و الجنس و السياسة..