أبو وائل الريفي: لماذا يراكم الرئيس الجزائري تبون الفشل؟

أبو وائل الريفي: لماذا يراكم الرئيس الجزائري تبون الفشل؟ الرئيس تبون ومشهد من العنف الذي رافق الانتخابات الجزائرية

يواصل أبو وائل كشف توالي نكسات النظام العسكري الجزائري من خلال ما يحاوله في حملاته التواصلية التجميلية للرئيس عبد المجيد تبون الذي يبذل كل ما في وسعه لتحسين صورة العسكر الحاكم الحقيقي للجزائر.. إلا أن الحراك الشعبي عرى هذه الحملات إذ نجح في إقناع الجزائريين بمقاطعة انتخابات كانت وظيفتها الوحيدة هي محاولة إضفاء الشرعية على حكم عسكري مقنع بقناع مدني..

"أنفاس بريس" تشارك مقال أبو وائل مع قرائها تعميما للفائدة:

 

"كما كان منتظرا، اكتشف الرأي العام غير الجزائري حقيقة ما يجري في الجزائر من تحولات وهمية تم النفخ فيها كثيرا وحسبها البعض ماء، ولكن سرعان ما انقشعت الحقيقة فاكتشف أنها كانت سرابا. لم تنفع الحملات التواصلية التجميلية لرئيس بذل مكرها مجهودا لتحسين صورة العسكر الحاكم الحقيقي للبلاد، ولكن المسكين فشل في المهمة الثقيلة، وحواراته لم تجذب الجزائريين ولم تقنعهم للإقبال على صناديق الاقتراع. وصدق من قال بأن العطار لا يصلح ما أفسد الدهر. وحقيقة فساد الجنرالات وإفسادهم لم تعد تنطلي على أحد في الجزائر، ووعودهم الكاذبة صارت مفضوحة لدى كل فئات الجزائريين وإدراكهم للعبة الجنرالات صار واضحا يعكسونه من خلال شعارات الحراك وأهمها وأقواها حين يرددون في الشارع بشكل جماعي وفي مناطق مختلفة من البلاد بأن “تبون رئيس مزور جابوه العسكر مكانش الشرعية والشعب تحرر هو اللي قرر دولة مدنية”. هذا هو التحدي أمام حكام الجزائر. هل هم مستعدون اليوم للانتقال بالجزائر من دولة يحكمها العسكر إلى دولة مدنية؟ وهل يمكنهم تخصيص موارد البلاد لمصلحة الجزائريين والتوقف عن صرفها لتمويل جبهة انفصالية تستنزف مالية الجزائر وتعمق المشاكل مع الجيران؟ وهل يجعل حكام الجزائر الأولوية لبناء اتحاد مغاربي يقوي دول المنطقة وشعوبها؟ وهل يتعامل حكام الجزائر مع كل التراب الجزائري بعدالة جهوية وإنصاف مجالي؟ وهل يقطع حكام الجزائر مع مناوراتهم لإضعاف الجيران وتصدير أزماتهم إليها؟ وهل يتوقفون عن افتعال الأزمات للتغطية على صراعاتهم ومصالحهم المتناقضة؟

 

لقد شكلت الانتخابات التشريعية السابعة في جزائر ما بعد الاستقلال الأسبوع الماضي الصفعة الثالثة أو الفشل الثالث لتبون بعد الفشل في الانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2019 ثم الفشل في الاستفتاء الدستوري في نوفمبر 2020. وقد أكدت كل هذه المحطات خلاصة واحدة وهي أن تبون رئيس فاشل ورهينة للعسكر ويراهن على كسب مشروعية ديمقراطية من صندوق الاقتراع ولكنه لا يحصد إلا الفشل؛ كما كان القاسم المشترك لهذه المحطات الانتخابية الثلاثة هو تصدر نتيجتها من طرف الحراك الشعبي الذي نجح في إقناع الجزائريين بمقاطعة انتخابات كانت وظيفتها الوحيدة هي محاولة إضفاء الشرعية على حكم عسكري مقنع بقناع مدني. كانت صدمة تبون كبيرة منذ الساعات الأولى للاقتراع حين أعلن بأن نسبة المشاركة لا تهمه!!! وكأنه كان يعي بأن نسبة المشاركة ستكون الأدنى في تاريخ الجزائر، وهي فعلا لم تتجاوز 23 في المائة بحسب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بعد أن وصلت في الانتخابات التشريعية قبلها سنة 2017 إلى أكثر من 35 في المائة، وأكثر من نسبة 42 في المائة في انتخابات عام 2012. هذا هو عهد تبون الزاهر الذي سيعمق ضعفه وتبعيته للعسكر الذي سيبقى الفاعل الرئيسي في المشهد الجزائري ويعمق اعتماد تبون على شنقريحة ويقلص من هامش المناورة لديه.

 

ولمن يريد التدقيق أكثر في هذه الصفعة، يمكنه الاطلاع على النتائج التفصيلية لهذه الانتخابات وسيلاحظ أن نسبة المشاركة في القبايل كانت كارثية لم تتعد 1 في المائة، وبأن نسبة المشاركة كانت جد قليلة في المدن الكبرى التي عاشت على وقع تظاهرات الحراك منذ فبراير 2019. هل يمكن لتبون أن يصف الحراك مرة أخرى بالمبارك؟ وهل تتسع قشابته أكثر ليترك للشعب الفرصة للتعبير طالما أن هذه المؤسسات التي تنبثق من انتخابات أقلية لا تمثله؟

 

لن تتسع قشابة تبون، ولن يرضى العسكر بغير سياسة القبضة الحديدية. وقد كان هذا واضحا بعد سحب اعتماد قناة فرانس 24 في الجزائر بمبرر “التحامل المتكرر” للقناة “على الجزائر ومؤسساتها”. وهذه مناسبة أخرى لفضح الصمت غير المبرر الذي تعامل به الطابور الخامس مع هذا الإغلاق وهم الذين لا يتركون ملفا حقوقيا إلا دبجوا بشأنه بيانات وتصريحات. لم نسمع تصريحات ولم نطلع على بيانات الطابور الحقوقي المغربي والتونسي. ما السبب في ذلك؟ هنا نكتشف أن العمل الحقوقي عند البعض صار تجارة وتصفية حسابات وخدمة تحت الطلب لمن يدفع أكثر. وهذه من الأمور التي تتكشف يوما بعد آخر.

 

لقد كان ضمن تعليل السلطات الجزائرية لإغلاق قناة فرانس 24 ما يوضح أن المقصود أساسا هو عدم الرضى عن تغطية القناة الفرنسية للحراك الشعبي من خلال عبارات مثل “تحيز صارخ للقناة، وكذلك أعمال تقترب من نشاطات تحريضية وأعمال غير مهنية معادية للبلاد”. ألا يعني صمت الحقوقيين خذلانا لهذا الحراك الشعبي؟ هل هذا الخذلان سببه عدم اتفاق مع مطالب هذا الحراك أم هو انحياز مطلق للسلطة في الجزائر؟ هل صمتهم سببه أن الحراك الشعبي في الجزائر غير سلمي أم ماذا؟ هذه الازدواجية صارت مفضوحة ويعيها كل من يتابع من المغاربة تفاعل الطابور الخامس مع القضايا التي يرون فيها مصلحة للمغرب والمغاربة فيفضلون التجاهل والصمت".

 

(عن "شوف تيفي" بتصرف)