الدكتور السعيدي: الاستقالة معناها القبول بالتأسيس لحزب الزعيمة بالاشتراكي الموحد

الدكتور السعيدي: الاستقالة معناها القبول بالتأسيس لحزب الزعيمة بالاشتراكي الموحد الدكتور كمال السعيدي (يمينا) ونبيلة منيب
يستعرض الدكتور كمال السعيدي، مساره السياسي بالحزب الاشتراكي الموحد، بداية من تشكل نواته الأولى وانتخابه عضوا في الكتابة الوطنية للوفاء للديمقراطية، مرورا بالعديد من المحطات، قبل تزكية نبيلة منيب أمينة عامة للحزب، إلا أن الرياح لم تجر كما تشتهي سفن منيب، وانقطع حبل التوافق الفكري بينهما. وبعد أن توقف الدكتور السعدي عند زهده في المناصب والمسؤوليات؛ برر خرجته بأن الاستقالة معناها القبول بسيادة الرأي الواحد داخل الحزب الذي شارك في تأسيسه وبنائه، والهروب من المسؤولية التي حمله إياها المجلس الوطني والمؤتمر الوطني..
"أنفاس بريس"، تنشر بيان الدكتور كمال السعيدي:
 
 
انتخبت سنة 2004 عضوا في الكتابة الوطنية للوفاء للديمقراطية وساهمت من موقعي ذاك في النقاش وفي مفاوضات الاندماج مع حزب اليسار الإشتراكي الموحد الذي سيحمل بعد ذلك إسم الحزب الإشتراكي الموحد .. في أول دورة للمجلس الوطني بعد المؤتمر أي في سنة 2005 كان مطلوبا مصادقة هذا الأخير على لائحة المكتب السياسي المنبثق عن الإندماج ونظرا لإعتبارات التوازن داخل الجهاز الجديد اتفقنا داخل الكتابة الوطنية للوفاء للديمقراطية وبحضور منسقها الأستاذ محمد الساسي، على تخفيض عدد الأعضاء الذين سيمثلوننا في المكتب السياسي للحزب وكنت أول من طلب سحب إسمه، بعد ذلك فعلت الأستاذة أمينة الرجراجي الشيء نفسه وهكذا مرت عملية المصادقة على لائحة المكتب السياسي المقدمة للمجلس بكل سهولة .. 
بعد المؤتمر الثاني أي في 2007 اتصل بي الدكتور محمد مجاهد وكان يجري مباحثات تشكيل المكتب السياسي في ولايته الثانية والأخيرة كما تنص على ذلك قوانين الحزب، قلت اتصل واقترح علي عضوية المكتب السياسي وحيث كنت أعرف بحكم قربي من مركز القرار أنه قد يجد أمامه بعض الصعوبات أو الإكراهات فشكرته على ثقته وقلت له مبتسما: اشتغل على اللائحة وما تخممش لي أنا .. 
بعد المؤتمر الثالث، كان الأستاذ محمد الساسي مرشحا فوق العادة لقيادة الحزب ولكنه بقي متشبثا برأيه في إفساح المجال لقيادة من الجيل الجديد قياسا إلى تجربته الطويلة وأخدا بعين الاعتبار سياق عشرين فبراير الذي طبع أجواء المؤتمر، وقد كان يفكر مثل ناخب وطني في نبيلة منيب كوجه نسائي يمكنه أن يضيف شيئا إلى هذا الحزب الفتي .. في تلك المحطة أيضا أقترحت علي عضوية المكتب السياسي فاعتذرت مرة أخرى وكنت مصمما على الرفض وبعد إلحاح شديد من الأستاذة فاطمة الزهراء الشافعي والأستاذ محمد بولامي وبأن الحزب يحتاجنا في هذه المرحلة الهامة وتحت ضغط الوقت حيث كان ينبغي تقديم اللائحة للمصادقة، وافقت وكانت تلك أول مرة أشارك فيها في قيادة الحزب من موقع أعلى هيئة تنفيذية به .. وأملي أن أكون ساهمت بما استطعت في خدمة مشروعه .. 
طيب ولكن لماذا أحكي كل هذا اليوم ؟؟ 
أحكيه أولا لأسجل للتاريخ هذه الشهادة:  
حينما اتصل بي الدكتور محمد مجاهد ليقترح علي عضوية المكتب السياسي لم يكن يشعر تجاهي بأي حقد خاصة أنني كنت قد كتبت قبل ذلك مقالا قويا بجريدة البيضاوي (يصدرها ساعتها الأستاذ عبد الرحيم أريري ) أرد فيه على استجواب له حول قضية تتعلق بموقف الحزب من القضية الدستورية .. وقع بيني وبينه مشاداة لأكثر من مرة بالنظر لطبيعة شخصية كل واحد منا لكن ظلت العلاقة الإنسانية بيننا تقوم على الإحترام المتبادل وكنت ضمن وفد الحزب الذي زاره ببيته حين غضب قبيل المؤتمر الرابع .. ولا زلت أحترم شخص الدكتور مجاهد الأمين العام السابق وإن أختلفنا مرة فقد كنا نتفق مرارا ..
ثانيا لأسجل كذلك للتاريخ هذه الشهادة ولن أدخل في التفاصيل التي سأحتفظ بها للوقت المناسب : 
لم تكن تجربتي الثانية في المكتب السياسي مع الأمينة العامة نبيلة منيب بنفس مستوى التجربة الأولى المنبثقة عن المؤتمر الثالث للحزب حيث كنت من المساندين والداعمين لها في قيادة الحزب خاصة بعد أن استطاعت فرض حضور إعلامي محترم وإشعاع لا يمكن إنكاره.. لكن بعد المؤتمر الرابع وفي محطات كثيرة عبرت عن تبرمي من طريقة تسييرها للحزب وعن اختلافي مع الكثير من القرارات التي إما لم تكن تتماشى مع أرضية ومقررات المؤتمر الرابع أو لم تكن قد اتخذت وفق المنهجية الديمقراطية أو أنني قدرت أنها لا تليق أصلا بمستوى سمعة ووزن الحزب الإشتراكي الموحد، وفي المدة الأخيرة بدأت علاقتي بالأمينة العامة تزداد سوءا ولم تعد تحتمل ملاحظاتي مما دفع بأحد الرفاق بأن طلب مني بشكل غير مباشر تقديم استقالتي بحجة أن من أختلف مع الأمينة العامة عليه تقديم استقالته!! 
فكرت مرارا في تقديم استقالتي لأنني لم أكن يوما من طالبي المواقع والمناصب ولم أعتبر يوما أن المنصب يضيف للشخص وإنما العكس أو على الأقل هكذا ينبغي.. لكنني في كل مرة وبالرغم من زهدي في تحمل هذه المسؤولية أفكر ثم أقرر الإستمرار.. قررت الاستمرار بسبب شعوري بأنني مطوق بواجب الدفاع عن قناعاتي داخل الحزب كما داخل المجتمع وليس فقط في مواجهة سلطوية النظام..
الاستقالة معناها القبول بسيادة الرأي الواحد داخل الحزب الذي شاركت في تأسيسه وبنائه بجهد يعرفه ويقدره الرفاق المحترمون في الحزب .. الاستقالة معناها القبول بالتأسيس لحزب الزعيم أو الزعيمة رغم أن زمن الزعماء الحقيقيين قد ولى معهم .. الاستقالة معناها الهروب من المسؤولية التي حملني إياها المجلس الوطني والمؤتمر الوطني .. ومن يعرفني عن قرب يدرك بأن حس المسؤولية والشجاعة ليس هو ما ينقصني..