لماذا لم تتوقف الدوحة عن دعم جماعة الإخوان المسلمين التي تعد أكبر تنظيم للإسلام السياسي؟ ولماذا يصر أمراء وشيوخ قطر على احتضان أعضائها ودعم فروعها في جميع الأطراف كورقة للضغط وإعلان الوجود قياسا إلى المصالح السياسية للسعودية والإمارات؟
يعلم الجميع أن قطر تلميذ جيد للولايات المتحدة الأمريكية التي تدرك أن "إعدام" جماعة الإخوان المسلمين في المرحلة الراهنة سيكون بمثابة التخلي الشامل عن المنطقة لصالح إيران، وهو ما لا تستطيع واشنطن المجازفة به، إرضاء لحليفيها الآخرين. فالصراع الأعمق في المنطقة أمريكي إيراني، ويلزمه نوع من التوازن الذي لن يتحقق بدون جماعة الإخوان المسلمين التي تحظى ب "الدوباج" في المنطقة.
تشبت الدوحة بدعم الإخوان بإملاء أمريكي واضح، إضافة إلى محاولة إضعاف أنظمة الخليج، يبين أن واشنطن تهيء نظام قطر وخزائن قطر لقلب الموازين شؤون الشرق الأوسط لمواجهة ما تعتبره تصلب الموقف السعودي في مواجهة المد الإيراني. كما يبين أن قطر التي تقف في مواجهة الأركان الأربعة للمقاطعة ليست بتلك الدولة المستضعفة التي فوجئت بانقلاب أصدقائها عليها، بل هي ورقة قذرة في يد واشنطن للاستمرار في السيطرة على المنطقة.
ولعل ما يبين رغبة قطر في استمرار "المقاطعة" المضروب عليها هو تسريبها لقائمة المطالب وتسخير كل أبواقها الإعلامية من أجل شيطنة الدول المقاطعة وتعبئة شيوخها والمنتفعين بأموالها من أجل التحلق حول قضيتها. والحال أنها أعدت جيدا لمواجهة الأزمة، على المستوى المالي والاقتصادي، والتجاري كذلك. بل إنها بدأت الآن تمارس نوعا من التصعيد السياسي في المحافل الدولية، حيث تتهم الإمارات والسعودية بدعم الإرهاب وغسل الأموال لصالح التنظيمات الإرهابية، كما وقع يوم 23 شتنبر 2017 حين رد وزير الخارجية القطري على كلمة وزير الخارجية الإماراتي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ساعيا إلى تدويل الأزمة.
وكانت الإمارات قد دعت، حسب دراسة قام بها المعهد الاستقصائي الدولي لشؤون الشرق الاوسط، إلى إخراج قطر من مجلس التعاون الخليجي الذي يضم، حتى الآن، ست دول خليجية، وهو ما أشارت إليه الدراسة بمصطلح (كويكست)، على غرار مصطلح (بريكست) الذي يحيل إلى مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي.
وقال المدير العام للمعهد البحثي، جون شيبمان، إن دولة الإمارات كانت تناقش علنًا مسألة مغادرة قطر مجلس التعاون الخليجي، وتجادل في تأليف “مجموعة جديدة من التحالفات"، معقبًا على ذلك بأن "الأضرار التي ستلحق بمجلس التعاون قد تكون دائمة، وربما تؤدي إلى تلاشي المجلس".