من غير حتى أن يًحدِّث نفسه في أي الأيام استيقظ، فرك الرجل عينيه قبل أن يقضي دقائق معدودات في حمام بيته البسيط، ويتناول فطوره الأقل بساطة. ومن ثمة، القيام بنصف استدارة إلى جدران المسكن طارحا استفساره المعتاد: "هل سأعود مساء حاملا أم محمولا..؟".
وهو يترك الإجابة لما يطرزه القدر جانبا، أغلق هذا المواطن الصومالي المسلم الباب في اتجاه عمله كسائق حافلة بالديار الدنماركية، وتحديدا بالعاصمة كوبنهاغن، ناويا على إمضاء يوم آخر من حياته في الكد اللامشروط كما هو حال معظم المهاجرين، إلى درجة نسي معها بأن ذلك اليوم هو عيد ميلاده.
لكن، وإن كان هذا العامل الإفريقي الأسمر المسلم، بين العيون الخضراء والتسريحات الشقراء، قد نسي، أو ربما تناسى ذكرى إطلالته الأولى على هذا العالم، فإن أبناء الوطن الدانماركي الذي احتضنه لم يغفلوا الموعد، وحضروا له مفاجأة قد يفقد ذاكرته ولا يفقد إحساس قوة وقع تأثيرها.
هذه المفاجأة التي ساقها مسؤولو الشركة لمستخدمهم المهاجر لم تكن فقط بعبارات التهنئة، أو تقديم هدايا، وإنما بإشراك كل من قادته الظروف لركوب الحافلة، مراسيم الإحتفال بعيد ميلاد السائق الصومالي في مشهد تقشعر له أبدان أشد معادي التسامح، كما تلين لروعته أقسى قلوب العنصرية ومعارضي التصالح.